طابا.. المدينة التي حذفت إسرائيل ملامحها الحدودية
الأحد 18/مارس/2018 - 03:42 م
لمياء يسري
طباعة
تمر علينا اليوم ذكرى استرداد مدينة طابا المصرية، من المحتل الإسرائيلي، وقد مرت أشهر طويلة من أجل استرداد هذه المدينة، ليس بوصفها مدينة مصرية محتلة، ولكن بوصفها مدينة مصرية حدودية محتلة، والتي تم استردادها في 15 مارس 1989م.
ولكن ما الفارق بين طابا كونها جزء محتل من الأراضي المصرية، وبين كونها مدينة مصرية حدودية محتلة؟
العلامات الحدودية:
بدأت الأزمة الخاصة بمدينة طابا، في أوائل عام 1982م مع الموعد الخاص الذي تقرر فيه انسحاب إسرائيل من سيناء بالكامل، وكان بموجب قرار مجلس الأمن رقم 242، تحولت طبيعة الصراع، من صراع حول الوجود الإسرائيلي داخل الأرض، إلى صراع حول الحدود، وبذلك يكون قرار المجلس يقتضي خروج إسرائيل بشكل كامل وتام إلى ما وراء حدود الدولة المصرية.
ولكن إسرائيل حاولت أن تثير أزمة وتدعي أن القرار لا يشمل الانسحاب الكامل من الأرض والحدود، وأن استخدامها للقوة كان للدفاع وليس للهجوم، وبذلك حرصت مصر على إيضاح أن الخلاف أصبح حول العلامات الحدودية، وليس على خط الحدود، و لما أدركت إسرائيل أنها لا تستطيع الهرب من هذا المأزق، خصوصا وأن هذه الحدود كان معترف بها دوليا، فادعت أنها بالفعل تعترف بحدود هذه الخطوط الدولية، التي رسمتها الدولة العثمانية عام 1906، ولكنها شككت في رسم هذه الخطوط، بأن هناك أخطاء حدثت أثناء هذه العملية.
حكم المحكمة:
كانت إسرائيل تعلم أن حكم المحكمة لن يكون في صالحها بخصوص الحدود، وأن ادعاءاتها لن تقتنع بها المحكمة، وبالتالي، سعت لأن تطيل من مدة النزاع، ومن جانب آخر، فلجأت إلى حل كانت تسعى من خلاله إلى إدخال مصر في مفاوضات معها تستمر لعدة سنوات، فاستغلت معرفتها الدقيقة بجغرافية المنطقة، ومعرفتها الدقيقة بتفاصيل المكان لتغيير ملامح المكان الحدودية، وبذلك تعقد الأمور أمام الحكومة في حالة النزاع القانوني، وتٌدخل مصر في مفاوضات طويلة معها، فتساومها على تنازلات بخصوص المنطقة أو بأي أمور أخرى خاصة بالوجود الإسرائيلي في المنطقة.
_ العلامة 91 :
طبقا لاتفاقية عام 1906، تعتبر النقطة 91 هي آخر نقطة حدودية بين مصر وفلسطين بموجب قرار الانتداب البريطاني، في رسم الحدود بالمنطقة، وكانت إسرائيل بحكم وجودها في الأرض لزمن طويل كمحتل، كانت تعرف مكان العلامة 91 بالضبط، فالعلامة موجودة فوق هضبة تقع شرق مدينة طابا وتطل على خليج العقبة، فقامت إسرائيل بتغيير ملامح المكان، إذ قامت بإزالة الجزء الجنوبي من الهضبة، ثم شيدت طريقًا ساحليا يربط مدينة طابا بمدينة إيلات، وعند العلامة رقم 90 طمست العلامة وأبقت على رقم 9 حتى توهم مصر أنها العلامة 91، لزيادة التشويش في النزاع.
_ أمام المحكمة :
بعد تصاعد الصراع بين مصر وإسرائيل حول المنطقة الحدودية، كان القرار هو اللجوء إلى التحكيم الدولي، وبالفعل وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي، في يناير 1986م على اللجوء للتحكيم الدولي، و قدمت إسرائيل بمكانين أمام المحكمة ادعت فيهما أن أحدهما من الممكن أن يكون هو المكان الصحيح للعلامة 91، وقامت بالتشويش والتشكيك الإعلامي بشكل موسع وعالمي، وادعت أن هذه الحدود التي رسمت في 1906، قد تم تعديلها بواسطة كولونيل بريطاني يدعى لورانس، ولم يكن لديها أية دلائل على هذا الكلام، ومن جانبها قدمت مصر دلائلها على مكان الحدود بينها وبين فلسطين ومكان العلامة 91.
وبعد عدة مفاوضات قبل المحكم الدولي موقف مصر، ولكنه اقترح أن تؤجر إسرائيل المنطقة بالكامل من مصر لمدة 99 عام، وهو الأمر الذي رفضه دكتور نبيل العربي بالكامل وحتى دون الرجوع إلى القاهرة.
_ صدور الحكم :
من خلال فريق دفاعي قانوني قوي، استعانت بهم مصر أمام المحكمة الدولية، وأدلة قوية أثبتت صحة موقفها وشهود استعانت بهم أمام المحكمة، فقد أصدرت هيئة التحكيم الدولية حكمها فى 27 سبتمبر 1988 بأحقية مصر في منطقة طابا، بالكامل.
الشهود الذين أدلوا شهادتهم أمام المحكم، هم:
_ الفريق كمال حسين علي
_ إسماعيل شيرين وزير الحربية الأسبق
_اللواء عبد الحميد حمدي
_اللواء عبد الفتاح محسن
_ الدكتور يوسف أبو حجاج
_ عقيد يوغسلافي، وضابطان يوغوسلافيان كانوا يقومون بدوريات على الجانب المصري.