"أحارب الغلاء بالاستغناء"، مقولة لا تنسى للفنان الراحل أحمد زكى في فيلم "البيضة والحجر"، فكان يستغنى عن كل شيء لا يستطيع الحصول عليه بسبب الغلاء، ولكن في أرض الواقع نحن من يصنع الغلاء في أغلب الأحيان.
نتفق أو نختلف فهناك قاعدة أساسية تسمى العرض والطلب، هي المتحكم الرئيسي في تسعير السلع، ولكن نحن لا نؤمن الا بسياسة الاسراف، الأمر الذى تربينا عليه منذ قرون، بل وأطلقنا عليه لقب "الكرم".
ويقترب علينا شهر رمضان المبارك ضيف عزيز يأتينا مرة كل عام، يأتي ليطهر أنفسنا ويخلق لنا الروحانيات التي نفقدها في عجلة الحياة، فبدلا من أن نهيئ أنفسنا لاستقبال ضيفنا العزيز، أصبح الأمر حملة جديدة على عاتق المواطن.
والدليل على هذا أنظر كيف نستقبل رمضان بالإسراف، أنوار في الشوارع مبالغ بها شراء كميات مهولة من الطعام والشراب يكفى لشارع وليس لأسرة، والأغرب من هذا هو الاستعداد للعيد قبل أن يبدأ رمضان.
مكالمة من سائق الميكروباص وأنا بجواره فى طريقى للمنزل بعد العمل، جملة واحدة يرددها حتى أغلق الخط وهى "حاضر هتصرف ".. وبعد المكالمة وجه حديثه إلى "ينفع يا باشا اللي بيحصل ده.. لسه مخلصتش من طلبات رمضان ومراتى مزعلاني عشان لبس العيد اتأخرنا فى شرائه"، لأرد قائلاً: "لبس العيد ايه اللي قبل رمضان"، رد: "هو ده وقت شراء لبس العيد الناس كلها خلاص اشترت"، وهنا تذكرت نظرية العرض والطلب، بعد أن اتفق الجميع بشكل غير مباشر أن يجعل موسم العيد يسبق رمضان ليتحمل المواطن اكتر من طاقته بل ويصنع لنفسه الازمات.