المواطن

رئيس مجلسي
الإدارة والتحرير
مسعد شاهين

"مشروع برنارد لويس" حقيقة أم أسطورة وهل نحن من اخترعناه ؟

الأحد 20/مايو/2018 - 03:16 م
وسيم عفيفي
طباعة
"إن المعضلة التي ستعاني منها الولايات المتحدة الأمريكية من الآن فصاعدا هي كيف ستشعل نيران حرب خليجية ثانية تستطيع خلالها تصحيح حدود سايكس بيكو في المنطقة".
بهذا التصريح الذي قاله "زبجنيو بريجينسكي" مستشار الأمن القومي الأمريكي، أخذت الحرب السياسية بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي سنة 1980 م، منحنىً أكثر جدية، حيث كانت واشنطن بدأت تؤهل نفسها لأن تكون سيدة العالم بعد إزاحة السوفيت.
العلاقات بين أمريكا
العلاقات بين أمريكا والسوفيت عقب الحرب العالمية الثانية
من الصعب القضاء على الاتحاد السوفيتي دون وضع خطة للسيطرة على التركة السياسية والجغرافيا للسوفيت، وبالتالي كان لابد من تطوير "سايكس بيكو" التي رسمت شكل الشرق الأوسط وقسمته إلى دويلات قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى.
كانت ضرورياً أن يتم الاستعانة بالبروفيسور برنارد لويس باعتباره أستاذاً في دراسات الشرق الأوسط ومتخصص في تاريخ الإسلام، فضلاً عن اهتمامه بالتفاعل بين الدول الإسلامية والغرب.
برنارد لويس
برنارد لويس
في الحادي والثلاثين من شهر مايو لعام 1916 م، وفي أسرة يهودية من الطبقة المتوسطة التي تسكن لندن، ولد برنارد لويس ونشأ على حب التاريخ وهو صغيراً، وانصبت اهتماماته على اللغة العربية والعبرية واللاتينينة واليونانية والفارسية والتركية.

سيرته الذاتية في عدد جريدة الاتحاد تقول "في بداية حياته المهنية اتجه إلى دراسة القانون ليصبح محامياً، غير أن حبه وشغفه بالتاريخ سيما تاريخ الشرق الأوسط أرجعه ثانية للدراسة في جامعة باريس، حيث درس مع المستشرق الفرنسي الكبير لويس ماسينون تاريخ المنطقة.

كانت الحرب العالمية الثانية ولا شك نقطة مفصلية في تحول وتحور مسارات لويس، فحين اندلعت تلك الحرب الكونية، ترك التعليم الجامعي الذي كان قد بدأه للتو ليعمل ضابطاً في الاستخبارات العسكرية البريطانية، ومنها لاحقاً خبيراً في الاستخبارات البريطانية الخارجية، رغم عودته إلى جامعة لندن وممارسته لدور أكاديمي.

أُعير لويس كثيراً إلى وزارة الخارجية البريطانية بدءاً من العام 1949 ليلعب دوراً مؤثراً وفاعلاً في رسم سياسات الإمبراطورية البريطانية، التي كانت وقتها تصارع من أجل شمس، كانت في طريقها نحو المغيب، مخلّفةً وراءها حطام إمبراطورية لم تكن لتغيب عنها الشمس".

معرفة برنارد لويس بالدراسات الشرقية أهلته إلى الالتحاق بكلية الدراسات الشرقية في جامعة لندن، وتخرج من عام 1936 م متخصصاً في التاريخ الإسلامي بعد اهتمام بتاريخ الشرق الأدنى والأوسط.

مع بدء الحرب العالمية الثانية دخل برنارد لويس في الجيش البريطاني فرع الهيئة المدرعة ثم هيئة الاستخبارات، وعقب انتهاء الحرب سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث أصبح يعمل كأستاذ محاضر بجامعة "برنستون" وجامعة "كورنل" في السبعينات، وحصل على الجنسية الأمريكية عام 1982 م.
خريطة برنارد لويس
خريطة برنارد لويس
برز اسم "برنارد لويس" بقوة عندما وضع أول مخطط مكتوب مدعمًا بالخرائط لتقسيم الدول العربية والإسلامية، حيث وضعه عام 1980 م، وكان معروفاً عنه كرهه للعرب والمسلمين، وهو ما أظهره في مقابلة أجرتها وكالة الإعلام الأمريكية في 20 مايو 2005م حث قال: "إن العرب والمسلمين قوم فاسدون مفسدون فوضويون، لا يمكن تحضرهم، وإذا تُرِكوا لأنفسهم فسوف يفاجئون العالم المتحضر بموجات بشرية إرهابية تدمِّر الحضارات، وتقوِّض المجتمعات، ولذلك فإن الحلَّ السليم للتعامل معهم هو إعادة احتلالهم واستعمارهم، وتدمير ثقافتهم الدينية وتطبيقاتها الاجتماعية، وفي حال قيام أمريكا بهذا الدور فإن عليها أن تستفيد من التجربة البريطانية والفرنسية في استعمار المنطقة؛ لتجنُّب الأخطاء والمواقف السلبية التي اقترفتها الدولتان، إنه من الضروري إعادة تقسيم الأقطار العربية والإسلامية إلى وحدات عشائرية وطائفية، ولا داعي لمراعاة خواطرهم أو التأثر بانفعالاتهم وردود الأفعال عندهم، ويجب أن يكون شعار أمريكا في ذلك، إما أن نضعهم تحت سيادتنا، أو ندعهم ليدمروا حضارتنا، ولا مانع عند إعادة احتلالهم أن تكون مهمتنا المعلنة هي تدريب شعوب المنطقة على الحياة الديمقراطية، وخلال هذا الاستعمار الجديد لا مانع أن تقدم أمريكا بالضغط على قيادتهم الإسلامية- دون مجاملة ولا لين ولا هوادة- ليخلصوا شعوبهم من المعتقدات الإسلامية الفاسدة، ولذلك يجب تضييق الخناق على هذه الشعوب ومحاصرتها، واستثمار التناقضات العرقية، والعصبيات القبلية والطائفية فيها، قبل أن تغزو أمريكا وأوروبا لتدمر الحضارة فيها".
خريطة أخرى لمشروع
خريطة أخرى لمشروع برنارد لويس
ويذكر علي بشار بكر اغوان في دراسته بـ "الحوار المتمدن"، أن برنارد لويس كان أول الداعين إلى مشروع تقسيم وتجزئة الشرق الاوسط من باكستان إلى المغرب العربي حيث طرح هذا الموضوع عشية إقامة الإمبريالية الغربية للكيان الصهيوني على أرض فلسطين سنة 1948م ، ثم نشر المستشرق الصهيوني "برنارد لويس" الإنجليزي الأصل، الأمريكي الجنسية ، دراسة في مجلة وزارة الدفاع الأمريكية البنتاجون يقترح فيها إعادة وزيادة تفتيت العالم الإسلامي من باكستان إلى المغرب، وإنشاء أكثر من ثلاثين كيانًا سياسيًّا جديدًا.

وهذا الحديث يعني تحويل العالم العربي و الإسلامي إلى "فسيفساء ورقية" تقوم فيها 88 دولة، بدلاً من56 دولة ، بما يعنيه هذا التقسيم المقترح من شقاقات وصراعات وحروب وآلام ، تزيد هذه الكيانات ضعفًا فوق ضعفها، وهزالاً فوق هزالها ، ولقد كان برنارد لويس صريحًا عندما قال: إن هذا التفتيت للعالم الإسلامي هو الضمان الحقيقي لأمن إسرائيل، التي ستكون الأقوى وسط هذه "الفسيفساء". 

كان الإعلامي الساخر باسم يوسف قد سخر من مخطط برنارد لويس، متهماً العرب والأجهزة الأمنية هي التي اخترعت هذا المشروع لاستكمال الديكتاتورية، غير أن الواقع يرد على تلك الجزئية، ففي هذا المخطط الصهيوني "الذي نشرته مجلة البنتاجون" فصل فيه برنارد لويس مقترحات التفتيت إلى:
ـ ضم إقليم بلوشستان الباكستاني إلى مناطق البلوسن المجاورة لإيران، وإقامة "دولة بلوشستان".
ـ ضم الإقليم الشمالي الغربي من باكستان إلى مناطق البوشتونيين في أفغانستان، وإقامة "دولة بوشتونستان".
ـ ضم المناطق الكردية في إيران والعراق وتركيا، وإقامة "دولة كردستان".
ـ تقسيم إيران إلى أربع دويلات: "إيرانستان"، و"أذربجيان"، و"تركمانستان"، و"عربستان" (فشل المشروع)
ـ تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات: كردية، وسنية، وشيعية (تحقق المشروع).
ـ تقسيم سوريا إلى ثلاث دويلات: درزية، وعلوية، وسنية ، مع احتلال جزء من شمال سوريا من قبل الأتراك ، إلى جامب لواء سكندرونا (بدأ يتحقق).
- تقسيم الأردن إلى كيانين: أولها الدولة الهاشمية تمتد إلى شمال السعودية وجزء من الدولة السنية في العراق ، وثانيها : دولة فلسطينية كيان يضم إلى الضفة الغربية، لكي تقوم دولة فلسطين عليها الضافتا إلى الضفة الشرقية من البحر الميت (بدأ يتحقق).
- تقسيم السعودية إلى كيانات قبلية، تعيدها إلى حالها قبل وحدتها سنة 1933م. (فشل المشروع).
- تقسيم لبنان إلى خمس دويلات: مسيحية، وشيعية، وسنية، ودرزية، وعلوية (تحقق المشروع). 
- تقسيم مصر إلى دولتين على الأقل: إسلامية، وقبطية وفي حال التوسع يتم جعل دولة للنوبة (فشل المشروع)
- تقسيم السودان إلى دولتين دولة دينية مسيحية في الجنوب وقد استقلت الآن، وعربية في الشمال. (تحقق المشروع)

وقد توفي اليوم المؤرخ والباحث البارز في تاريخ الشرق الأوسط، البريطاني برنارد لويس، عن عمر ناهز 101 أعوام، بعد عمر طويل في العمل الأكاديمي ومخطط مشروع سايكس بيكو2، وتقسيم الدول العربية.
هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟

هل تتوقع تألق إمام عاشور مع الأهلي هذا الموسم....؟
ads
ads
ads
ads
ads