"القلعة في ثالث أيام عيد الفطر 2018" أن يأتيك الموت على شكل "عيدية"
الأحد 17/يونيو/2018 - 07:37 م
كتب: وسيم عفيفي - تصوير: محمود الدايح
طباعة
ارتدى النهار عباءة الحر في ثالث أيام عيد الفطر 2018 حين توهجت الشمس على منطقة قلعة صلاح الدين، وكان الطريق إليها عبر السيارة خانقاً، فالزحام والحر والأنفاس الساخنة يجعلان الصدر يشعر باختناق.
الهواء يحرك أغصان الشجر ويمتزج مع روائح العطارة المنصهرة في بخور البائعين والزائرين لمسجد السيدة نفيسة، وصوت بائعي العطارة يتناغم مع رائحة بضائعهم، والناس سائرين في الطرقات موعدين عيد الفطر، بينما الشوارع تمتلئ بالروحانيات التي تظهر على استحياء من خلف مسجد السيدة نفيسة، وكل هذا بسبب القلعة.
قلعة الجبل في ثالث أيام عيد الفطر 2018
شعور الرهبة يسيطر عليك حين تذهب إلى قلعة صلاح الدين، وسبب الرهبة هو أطلال الموت التي بقيت تظهر من مآذن القلعة وقباب مساجدها، فقبل 207 سنة كانت مذبحة القلعة للمماليك، التي لا تبعد كثيراً عن ميدان السيدة نفيسة، ووقتها ـ أي عام 1811 م ـ، استتب الأمن في الشوارع بالخوف، واستبد شعور الرهبة بكل كائن حي يسير في الشارع.
قلعة الجبل في ثالث أيام عيد الفطر 2018
ظلت قلعة الجبل هي مقر حكام مصر لمدة 689 عام حيث أتم صلاح الدين بناء أغلب شكلها عام 1176 م، وانتهى 1207 م واستمر الحكم منها حتى العام 1872 م؛ وخلال 7 قرون إلا 11 عاماً، تعرضت قلعة الجبل لتغييرات جذرية فبداخلها 4 مساجد وهي مساجد "الناصر قلاوون، وسليمان الخادم أغا سارية الجبل، وأحمد كتخدا باشا، ومحمد علي"، واحتوت القلعة على 13 برجاً و 4 قصور و 5 أبواب و6 مؤسسات لإدارة الحكم.
لكن يبقى سبب شهرة قلعة الجبل، هو محمد علي باشا كون أنه مؤسس مصر الحديثة وبداخل قلعة الجبل أنهى حكم المماليك نهائياً في السياسة وقضى على أرواحهم بالمذبحة.
لكن يبقى سبب شهرة قلعة الجبل، هو محمد علي باشا كون أنه مؤسس مصر الحديثة وبداخل قلعة الجبل أنهى حكم المماليك نهائياً في السياسة وقضى على أرواحهم بالمذبحة.
قلعة الجبل في ثالث أيام عيد الفطر 2018
رغم كل الدموية التي يكتفنها تاريخ القلعة لكنها ظلت علامة من علامات البهجة بالنسبة للشعب المصري في عيد الفطر، وكل مناسباتهم الدينية والوطنية قبل وبعد مذبحة القلعة، ويرسم الجبرتي في أحداث شهر ديسمبر سنة 1806 م، بكتابه "عجائب الآثار في التراجم والأخبار"، كيف كان محمد علي باشا يتعامل مع الشعب في العيد من خلال القلعة.
تولى "محمد علي" حكم مصر بتأييد الزعامة الشعبية التي قادها "عمر مكرم" وفق مبادئ معينة في إقامة العدل والرفق بالرعية، وكان من نتيجة ذلك أن تحملت الزعامة المسئوليات والأخطار التي واجهت نظام "محمد علي".
قلعة الجبل في ثالث أيام عيد الفطر 2018
بعد استقرار الأمور لـ محمد علي باشا، بات ناوياً على إنهاء الزعامة الشعبية وعلى رأسها عمر مكرم وقد تحقق له هذا بالفعل عقب توليه السلطة بسنوات، غير أنه قبل القضاء على عمر مكرم بـ 6 سنوات، طلب الباشا من عمر مكرم الذهاب إلى أغنياء مصر لأخذ أموال منهم وتوزيعها لفقراء الشعب احتفالاً بمناسبة عيد الفطر، وذلك على سبيل العيدية، ولا أحد يعرف المعنى هل هي عيدية أم سلفة من الأغنياء للفقراء، لكن المؤكد هو أن الباشا كان يريد سعادة عامة الشعب بأيام العيد قبل أن يقلب الطاولة على عامة الشعب وزعامتهم الشعبية باعتقال المشايخ ثم التفرد لقتل المماليك في نفس مقر صرف العيدية، ثم يتجه إلى خطته في بناء مصر الحديثة، وتتحول القلعة فيما بعد إلى رمز من رموز العيدية حيث صارت الآن مزاراً سياحياً للفسح.