" باقي زكي يوسف ".. مهندس قبطي دمر سد اليهود
الأحد 24/يونيو/2018 - 01:03 م
مريم مرتضى
طباعة
كانت حرب أكتوبر ولحظة العبور العظيم حرب وطنية ضد إسرائيل، التي لم تفرق في طلقاتها القاتلة بين مسلم ومسيحي، ولم تفرق قنابلهم بين امرأة ورجل، وعجوز وشاب، وأثناء المعركة اختلطت دماء المصريين جميعًا دون تفرقة بين مسلم ومسيحي، ووقت النصر ردد الجميع وقتها صيحة واحدة "الله أكبر"، الجميع وهب حياته للدفاع عن أرضه وشعبه، والجميع رفعوا على الأعناق من الشيوخ والقساوسة وكافة أطياف الشعب المصرية.
وقد اللواء أركان حرب مهندس " باقي زكي يوسف "، الذي رحل عن عالمنا بالأمس واحد من أهم العناصر القبطية التي شاركت في حرب أكتوبر، على الرغم من صغر سنه وقتها، إلا أنه أطلق الفكرة التي أعادت لنا أرضنا وكرامتنا، فكرة تحطيم خط بارليف، تلك الفكرة الفارقة التي تتمركز عبقريتها في بساطتها وسهولتها.
باقي زكي يوسف
باقي زكي يوسف
من مواليد عام 1931م، وتخرج في كلية الهندسة جامعة عين شمس قسم ميكانيكا سنة 1954، عُرف باقي يوسف بعد عمله في بناء السد العالي، وكانت القوات المسلحة تطلب مهندسين وقتها، ووقع عليه الاختيار ضمن عشرات آخرين، وانضم لصفوف القتال بعد نكسة 1967م.
ولم يكن هو الضابط القبطي الوحيد في حرب أكتوبر، فقد كان هناك لواء بحري أركان حرب سامي لويس مكرم، و لواء طيار حلمي رياض حلمي، و اللواء سمير عزيز ميخائيل، و الرقيب عادل موريس حنين ، وغيرهم من الأسماء العظيمة.
باقي زكي يوسف
كان خط بارليف واحد من أكبر العقبات التي واجهت القوات المصرية في عملية العبور إلى سيناء، خاصة أنه تم إنشاؤه بزاوية قدرها 80 درجة، لكي يستحيل معها عبور السيارات والمدرعات وناقلات الجنود، إضافة إلى كهربة هذا الجبل الضخم، ويُعد خط بارليف هو أقوى خط تحصين دفاعي في التاريخ العسكري الحديث، وكان يتكون من تجهيزات هندسية، ومنصات للدبابات والمدفعية وتحتله احتياطيات من المدرعات ووحدات مدفعية ميكانيكية، بطول 170 كم على طول قناة السويس.
وعقب دراسة خبراء العسكرية السوفيتية له بشكل دقيق أكدوا أن الساتر الترابي لا يمكن تحطيمه إلا بقنبلة نووية، وبالطبع لا تملك مصر واحدة منها، وكانت أكبر مشكلة تواجه الجيش هو كيفية فتح ثغرات هذا الخط الذي يتكون من رمال وأتربة لا تؤثر فيها الصواريخ.
خط بارليف
اجتمعت قيادات الفرقة 19 في أكتوبر 1969م، لبحث مهام الفرقة وتخطي عقبات العبور، وعرض قائد الفرقة اللواء سعد زغلول المهمة بالتفصيل على رجاله، ثم طلب من كل رئيس تخصص عرض رأيه حول مهمة عبور قناة السويس، والتغلب على الساتر الترابي، وجاءت آرائهم محدودة بين القنابل، والصواريخ، والمفرقعات، والمدفعية، وكانت كل هذه المقترحات والأفكار في صعب تنفيذها لما لها من خسائر مادية ووقت كبير.
وفجأة خطرت في ذهن المهندس باقي زكى فكرة المياه، التي استمدها من عمله بالسد العالي، حيث كان يتم استخدام المياه المضغوطة لتجريف جبال الرمال، ثم سحبها وشفطها في أنابيب خاصة من خلال مضخات لاستغلال مخلوط الماء والرمال في أعمال بناء جسم السد العالي، واقترح على رؤساءه توجيه مدافع مياه مضغوطة إلى الساتر الترابي، لتجري رماله إلى قاع القناة، ويتم فتح ثغرات به، يتم عن طريقها عبور المركبات والمدرعات إلى عمق سيناء.
باقي زكي يوسف
بعد المناقشات المستفيضة في الاجتماع شعر قائد الفرقة أن هذه الفكرة يجب أن تدرس جيدا، وقام بالاتصال بقائد الجيش الثالث اللواء طلعت حسن على، وأطلعه على الفكرة فطلب منه الحضور في اليوم التالي لمناقشتها.
وبعدها طلب قائد الفرقة من البطل العبقري إعداد تقرير فني وافي، تم تسليمه إلى يد الرئيس جمال عبد الناصر أثناء اجتماعه الأسبوعي بقادة التشكيلات بمقر القيادة العامة، وأعجب الرئيس بالفكرة، وأمر بتجربتها واستخدامها في حالة نجاحها.
فقام باقي زكى بتصميم مدفع مائي فائق القوة لقذف المياه، في إمكانه أن يحطم ويزيل أي عائق أمامه في زمن قياسي قصير، وبأقل تكلفة ممكنة مع ندرة الخسائر البشرية، وتم تحويل الفكرة لإدارة المهندسين الذين قاموا بالعديد من التجارب العملية والميدانية للفكرة، زادت على 300 تجربة، اعتبارًا من سبتمبر عام 1969م حتى عام 1972م.
لحظات العبور
تغطية العبور في الجرائد المصرية
تقديراً لجهوده تم منحه نوط الجمهورية العسكري من الطبقة الأولى عن أعمال قتال استثنائية، تسلمه من يد الرئيس الراحل أنور السادات في فبراير 1974م، وأيضًا سلمه الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك وسام الجمهورية من الطبقة الثانية بمناسبة إحالته إلى التقاعد من القوات المسلحة عام 1984م.
باقي زكي يوسف