في الثالث والعشرين من شهر مايو الماضي بقينا نتساءل من هي الواجهة التالية للجيش السوري والقوات السورية بعد تحرير العاصمة دمشق، والتي كان تحريرها على النحو التالي: تحرير الغوطة الشرقية في دمشق بالكامل وإنهاء تواجد مسلحي فصائل جيش الإسلام وبعض الفصائل المعارضة الأخري هناك وإجلاء بعضهم بالحافلات إلى مناطق في شرقي سوريا ومن ثما إحكام السيطرة التامة على منطقة الحجر الأسود ومخيم اليرموك وقبلها يلدا وببيلا وبيت سحم وطرد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية او داعش.
كانت الخيارات واضحة تماما أمام الجيش السوري والقيادة العامة والرئيس الأسد وحلفاءه الروس أما الاتجاه إلى معركة الجنوب فى درعا والقنطيرة بالاضافة لما تبقى من ريف السويداء الشمالي المتصل مع ريف درعا خاصة أن أجزاء واسعة من درعا تحت سيطرة النصرة وجيش خالد المرتبط بداعش وفصائل حوران وكتائب لواء المقدس وبالضبط تسيطر النصرة على كامل ريف درعا باستثناء الريف الجنوبي الغربي حيث ينتشر إرهابيو داعش اما عن القنيطرة فالغالبية واضحة لتنظيم النصرة.
أما الخيارين الثاني والثالث فكان الاتجاه نحو معركة الشمال الغربي فى عفرين وإدلب التى باتت تحوي أكبر عدد من الإرهابيين أغلبهم من الذين جرى ترحيلهم من قبل الجيش السوري من المناطق التى تم تحريره أو الاتجاه نحو معركة شرق الفرات.
إلا أن النظام السوري فضل التقدم نحو الجنوب وبحشود عسكرية كبيرة فاقت تلك التى كانت فى العاصمة السورية دمشق وان كانت هي ذاتها تدار من قبل مهندس تحرير دمشق العميد سهيل الحسن الذي يحظي بثقة كاملة ومطلقة سواء من الروس او الاسد ناهيك الى ما يملكه من قدرة قتالية وثقافة عسكرية تتيح له التحكم فى مجريات المعركة وتحويلها كيفما يريد هذا بالاضافة الى مايملكه من سجلات لمعارك خاضها تؤكد أنه الرجل المناسب لتلك المهمة.
إضافة إلى هذا فإن النظام السوري كان يملك الرغبة الكاملة لاستعادة السيطرة على الجنوب السوري واستعادة الطريق الدولي الذي يربط العاصمة السورية بالحدود الأردنية وفتح المعابر مع الأردن بعد السيطر عليها وهي الرغبة المتبادلة مع الحكومة الأردنية التي ستجني مبالغ طائلة حصيلة لفتح تلك المعابر، هذا بجوار أن الانتهاء من معركة الجنوب يعني التفرغ لباقي الجبهات والمعارك الباقية، والتي من الواضح انها ستكون سهلة جدا وستنتهي جميعها باتفاقات متبادلة الا ادلب فقد تشهد معارك طويلة نسبيا وستنتهي لصالح الحكومة الشرعية.
الرئيس السوري بشار الأسد وضع المسلحين جنوب البلاد أمام خيارين إما المصالحة أو التحرير بالقوة ووضع مع قادته خطة "التحرير السريع لتلك المنطقة" بداية من تعيين اشرس قادته النمر سهيل الحسن والغارات الكثيفة والتى بلغت مائتي غارة على مواقع المسلحين في أقل من يومين اضافة الى الحشد العسكري الكبير.
أما عن رسالة الولايات المتحدة الى المسلحين هناك فى تلك المنطقة كانت بمثابة "التصريح الاخير لدفن المسلحين" فكان معناها لا أحد يساندكم انتم للموت بمفردكم.
فبعدما أبلغت الولايات المتحدة الأميركية الفصائل المسلحة في سوريا ضرورة ألا تتوقع حصولها على دعم عسكري لمساعدتها في مواجهة عمليات الجيش السوري لاستعادة مناطق جنوب سوريا، ومرتفعات الجولان السوري المحتل قائلة ما نصه "الأمر يعود إليهم فقط في اتخاذ القرار السليم بشأن كيفية مواجهة الحملة العسكرية التي يشنّها الجيش السوري بناءً على ما يرون أنه الأفضل بالنسبة لهم ولشعبهم" أصبح المسلحين بمفردهم.
الولايات المتحدة التي كانت تحذر من تلك العمليات فى الجنوب بين الحين والاخر خاصة بعد تحرير الغوطة اصبحت لا تبالي بالأمر ولا اعتقد ان هذا يجري "مجانا" إنما بمقابل من الطرف الروسي الداعم لتلك العمليات. ولا نعتد ان الروس كان لايقدموا على تلك العمليات دون اتفاق مع الاسرائيليين والامريكان.
هنا يمكن الحديث بشكل واضح أن الولايات المتحدة فضلت مصالحها الخاصة عن حلفائها من المقاتلين والفصائل وهنا تكون مصالحها واضحة جدا منها خفض الضغط الروسي عليها للانسحاب من التنف وإنهاء التواجد فى سوريا زاد ما هو أبعد من هذا بكثير جدا خاصة فيما يتعلق بحل الازمة مستقبلا.
اما عن اسرائيل فهي لا تمانع عودة النظام الي حدود الجولان وهو ماجري سرا الاتفاق عليه مع الجانب الروسي مقابل الضمان الكامل بعدم التواجد الايراني على حدود اسرائيل او بالقرب منها وهذا يعني لتل ابيب الهدوء التام على الجبهة السورية خاصة بعد التوترات التى شهدتها المنطقة هناك من قصف صاروخي للجولان المحتل واسقاط مقاتلة اسرائيلية.
بشكلا واضح معركة الجنوب السوري كانت محسومة بشكلا مسبق للنظام السوري والجيش.