"ثنائية يونيو ويوليو بين مصر وفرنسا" رحلة البحث عن حق مدفون
الأحد 01/يوليو/2018 - 01:05 م
ندى محمد
طباعة
متلازمة شديدة التناقض هي تلك التي ترسم العلاقة بين مصر وفرنسا خلال شهري يونيو ويوليو، ففي الزمن السحيق كانت المصائب تتولى على الدولتين من بعضهما، أما في الزمن الحالي فالعلاقات الودية هي سيدة الموقف بين القاهرة وباريس.
جاء الأول من يوليو عام 1798 م ليعلن بداية دخول الفرنسيين إلى مصر عبر الإسكندرية التي أسقطوها في اليوم التالي وتبدأ مع مصر قصص كثيرة مع الحملة الفرنسية في 3 سنوات وصفها الجبرتي في مقدمة كتابه مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس بقوله " وهي أول سِني الملاحِم العظيمة، والحوادث الجسيمة، والوقائع النازلة، والنوازلِ الهائلة، وتضاعفِ الشرور، وترادف الأمور، وتوالي المحن، واختلال الزمن، وانعكاسِ المطبوع، وانقلاب الموضوع، وتتابُع الأهوال، واختلاف الأحوال، وفسادِ التدبير، وحصول التدمير، وعموم الخراب، وتواتر الأسباب، وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ".
يونيو تناقض مريب في العلاقة بين البلدين
رسمة اغتيال كليبر في يونيو 1800 م
يمتلئ التاريخ المصرى بالعديد من القصص التي تحمل العديد من الشخصيات، وايضا من أشهر القصص قصة سليمان الحلبى، الطالب الأزهرى الذى قتل قائد الحملة الفرنسية كليبر.
ولد سليمان الحلبي عام 1777م في حي البياضة بمدينة حلب السورية، سافر سليمان الحلبي من حلب إلى القدس عندما عاد الوزير العثماني بعد هزيمته أمام الفرنسيين وبعد 10 أيام سافر من غزة في قافلة صابون ودخان، ووصل القاهرة بعد 6 أيام حتى قرر والده إرساله لمصر من أجل تلقي العلوم الشرعية في الأزهر الشريف، على خلفية معرفته بأهل مصر كون أنه حج معهم مرتين في رحلة المحمل.
في 14 يونيو سنة 1800م، جاء مقتل كليبر ثانى قاد الحملة الفرنسية حيث اغتاله الطالب السوري سليمان الحلبي، ثم تم إعدامه بالخازوق 4 أيام من حادث الاغتيال.
غلاف التحقيق مع سليمان الحلبي
لم تستغرق المحاكمة أكثر من أربعة أيام، حققوا معه ومع من عرف أمره من مشايخ من الأزهر حاولوا ثنيه عن الأمر دون إبلاغ السلطة الفرنسية، وأصدر مينو في اليوم نفسه أمرًا بتكليف محكمة عسكرية بتاريخ 15 و16 يونيو 1800 لمحاكمة قاتل كليبر وكانت مؤلفة من ٩ أعضاء برئاسة الجنرال "رينيه"، وحكموا عليهم بالإعدام إلا واحدًا، وحكم على "الحلبى" بحرق يده اليمنى، ثم الإعدام على الخازوق، وتم تنفيذ الإعدام، فى "تل العقارب" فى مصر القديمة، وشهد "سليمان" إعدام رفاقه قبل أن ينفذ فيه الحكم بطريقة مؤثرة.
ثمة مفارقة غريبة حين يجري كبار قادة فرنسا زيارة لمصر في نفس الشهر الذي قُتِل فيه قائدهم القديم، دون أن يوجه أحد دعوة لفرنسا ليتم استرداد جمجمة سليمان الحلبي بدلاً ما حفظها في متحف الإنسان في باريس.
يوليو المشاكل دائماً وأبداً
معركة الأهرام التي أسقطت القاهرة - يوليو 1798 م
في مساء يوم 3 يوليو 1798 م زحفت الحملة على القاهرة، وسلكت طريقين أحدهما بري وسلكته الحملة الرئيسية؛ حيث تسير من الإسكندرية إلى دمنهور فالرحمانية، فشبراخيت، فأم دينار على مسافة 15 ميلا من الجيزة، وأما الطريق الآخر فبحري وتسلكه مراكب الأسطول الخفيفة في فرع رشيد لتقابل الحملة البرية قرب القاهرة وسرعان ما سقطت القاهرة لاحقاً لاحقاً في 24 يوليو سنة 1798 م.
يوليو نفسه يحمل المشكلات بين مصر وفرنسا حتى في تاريخهما الحديث، حيث قررت فرنسا احتلال مصر في أكتوبر سنة 1956 م بسبب قرار تأميم قناة السويس الذي أعلنه جمال عبدالناصر.
الطريف في الأمر أن متلازمة يوليو التي جمعت بين البلدين في العداء، كانت فاتحة خير على مصر خلال السنوات القليلة الماضية، ففي 17 من يوليو 2014 م، جاء استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسى لوفد من الجمعية الوطنية الفرنسية أثناء زيارته لمصر، ثم لقاء في نفس اليوم مع وزير خارجية فرنسا لوران فابيوس لمصر بمقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة بحضور سامح شكرى وزير الخارجية وهو اللقاء الذي فتح التعاون العسكري بين البلدين ضد الإرهاب