في ذكرى 30 يونيو .." شاهندة مِقلد " المناضلة الثورية التي قام الإخوان بتكميم فمها
السبت 30/يونيو/2018 - 11:00 م
مريم مرتضى
طباعة
" يا شاهندة وخبرينا .. يا ام الصوت الحزين .. يا ام العيون جناين .. يرمح فيها الهجين .. إيش حال سجن القناطر .. إيش حال السجانين .. إيش حال الصحبة معاكِ يا نوار البساتين "، كتب الشاعر الراحل " أحمد فؤاد نجم " هذه الأبيات، إلى واحدة من أبرز النساء اللاتي لهن دور واضح في الساحة السياسية، وذلك منذ ما يقرب من نصف قرن حين اختارت " شاهندة مِقلد " مناصرة فقراء الفلاحين ضد قوى الظلم والفساد والقمع، وقد كانت شاهندة من أوائل المُهاجمين لحكم الإخوان، خاصة بعد إصدار الإعلان الدستورى المُكمل، وظلت تطالب برحيل حكم الإخوان إلى أن رحل بالفعل بعد ، وقد تسبب يونيو، وقد تسبب كفاحها ضد الإخوان، في تعدي أحد أعضاء تلك الجماعة الإرهابية في ميدان الإتحادية.
والحقيقة أن هذه الواقعة لم تكن هي الأولى في تاريخ " شاهندة مِقلد " التي أخذت على عاتقها مسئولية التحدث باسم الفلاحين والغلابة، في جميع العصور، وضد الفساد، مما تسبب لها في العديد من الأزمات من أبرزها :
ولدت شاهندة مقلد في عام 1938م، وكان والدها ضابط شرطة وطني، ورثت عنه مهمة الدفاع عن أبناء وطنها، وقريتها من الفلاحين، ومنذ ريعان شبابها تجلت روح الثورة بها، وكانت ثورتها الأولى على أهلها الذين أجبروها على الزواج من شخص تكرهه، ولكنها ظلت تقاوم حتى انتهت تلك الزيجة بالطلاق، وصممت أن تتزوج في المرة الثانية بمن تحب، وهو ابن عمتها وشريكها في الثورة "صلاح حسين "، وخاضت في سبيله معركة مع أسرتها فأضربت عن الطعام والشراب حتى رضخوا لرغبتها وتزوجا، وتشاركا في النضال على مدى 9 سنوات بعد الزواج إلى أن قتل زوجها على يد إحدى عائلات الإقطاعيين عام 1966م، بعد معركة كمشيش الشهيرة، حينما أرسل صلاح حسين عريضة باسم فلاحي القرية، لإقامة مستشفى في مبنى يمتلكه أحد كبار الملاك من عائلة الفقي، فتحول الأمر إلى معركة كبرى انتهت باغتيال صلاح حسين، واتهام الإقطاع بالمسؤولية عن دمه، وظلت شاهندة ترتدي الأسود نحو 15 عاما بعد وفاته.
شاهندة مقلد وزوجها صلاح حسين
واصلت شاهندة معاركها لحقوق الفلاحين، بعد مقتل زوجها، ولفتت أنظار الصحافة المصرية والعالمية، حينما قطعت موكب عبدالناصر مع تشي جيفارا أثناء زيارتهما كمشيش، وعندما توقفت سيارة عبدالناصر عند الجسر، اقتربت منه، وصافحته وضيفه، وسلمت الرئيس رسالة من الفلاحين، ثم خاطبت جيفارا قائلة : "نحن فلاحو قرية كمشيش الثورية"، فوقف "جيفارا" ورفع قبضته تحيةً لها، فأطلق الفلاحون عاصفة من الهتافات والتصفيق، على الرغم من كونهم لا يعرفون هوية ذلك الضيف الثوري، وتسببت تلك الواقعة في تحويل قرية كمشيش إلى مزار عالمي، وحضر إليها كبار الشخصيات العالمية، وعلى رأسهم الفيلسوف الفرنسي الشهير جان بول سارتر، وصديقته سيمون دي بوفوار اللذان زارا القرية، بعد قراءة تحقيق عنها، كتبه الصحافي الفرنسي الشهير إريك رولو.
شاهندة مقلد
بعدما تولى الرئيس محمد أنور السادات حكم الجمهورية، ظهر موقفه من الإقطاع مباشرة بعد وقوفه إلى جانب أسرة الفقي، بحكم القرابة، وبسبب نضالها ضده تعرّضت شاهندة مقلد للاعتقال في يونيو عام 1971م، على اثر حملة امنية في كمشيش، وتقرر لاحقًا الافراج عنها، وإبعادها من قريتها في محاولة لحرمانها من خوض انتخابات الاتحاد الاشتراكي.
ثم تعرضت للاعتقال مرة ثانية في عام 1975م، وتم إيداعها أولًا في سجن القلعة، ومن ثم أخذوها على سجن القناطر، واعتقلت مرة ثالثة في عام 1978م، على خلفية تنظيمها السنوية الثانية عشرة لصلاح حسين، في اطار ما عرف بـ "مؤتمر 30 ابريل"، الذي شهد هجومًا حادًا على اتفاقية كامب ديفيد، وتم اعتقالها مرة رابعة في عام 1981م، في اطار حملة الاعتقالات التي أمر بها السادات في آخر عهده، والتي طالت مئات السياسيين والمفكرين والناشطين المعارضين.
المآسي تطاردها
بعيدًا عن مآسيها الشخصية شهدت حياة شاهندة مقلد عددًا من المآسي الأخرى، فقد استشهد شقيقها في حرب الاستنزاف مع إسرائيل في عام 1970م، وقُتل ابنها الأصغر في ظروف غامضة في موسكو حيث كان يقيم هناك للدراسة.
بعيدًا عن مآسيها الشخصية شهدت حياة شاهندة مقلد عددًا من المآسي الأخرى، فقد استشهد شقيقها في حرب الاستنزاف مع إسرائيل في عام 1970م، وقُتل ابنها الأصغر في ظروف غامضة في موسكو حيث كان يقيم هناك للدراسة.
شاهندة مقلد