بعد بلقيس.. " أروى الصليحية " عنصر نسائي أخر كان سبب في إزدهار اليمن
الأحد 01/يوليو/2018 - 08:59 م
مريم مرتضى
طباعة
كانت اليمن في عهد الملكة بلقيس في أشد أوقاتها إزدهارًا وتحضرًا، وساد الأمن وانتشر العدل بين الناس، ولكنها لم تكن الملكة الوحيدة العادلة في اليمن، فهناك بلقيس أخرى جاءت بعدها بعصور كثيرة جدًا، أحبها الشعب ونشت العدل وعم الخير وفاض على أرض اليمن في عهدها، إنها الملكة "أروى بنت أحمد الصليحي" التي حكمت اليمن مدة أربعة عقود ساد فيها الأستقرار السياسي، وانتهت الفوضى والخلافات العشائرية.
نشأتها وحياتها
في إحدى مناطق جبال حراز باليمن، وُلدت " أروى بنت أحمد الصليحي "، وفي حادثة مؤسفة انهار بيتها وتوفى والديها تحت الأنقاض، وشملها السلطان "علي الصليحي" برعايته، وأخذها إلى قصره في صنعاء عاصمة الدولة الصليحية، وتهتمت بها زوجة السلطان علي الصليحي كثيرًا، وبعد بلوغها سن الثامنة عشر تزوجت أروى من ولي العهد الأمير "أحمد المكرم"، وأنجبت له أثنان من الأولاد "محمد وعلي"، ومن البنات "أم الهمذان وفاطمة"، وبعد مقتل الملك "علي الصليحي" بسبب الخلافات العشائرية في ذلك الوقت، تولى الأمير "أحمد المكرم" الخلافة خلفًا لأبيه، وفي تلك الحقبة المليئة بالصراعات بين العشائر ظل الملك "أحمد المكرم" يتصدى للفِتن، ويخوض المعارك معركة تلو الاخرى ضد المتمردين على السلطة.
أروى الصليحية
أروى تتولى الخلافة
في إحدى المعارك أُصيب "المكرم" إصابة بالغة جعلته مشلولًا، وقرر الملك تعينها نائبة له ووصاها بالحفاظ على المملكة من بعده والإهتمام بشئون الدولة.
كانت الملكة أروى خلوقة وجميلة، من صفاتها الجمالية انها بيضاء البشرة مائلة للإحمرار، كما كانت لها صوت جهور، وكانت قارئة وكاتبة جيدة، تحفظ الأشعار، كما تميزت بذكائها وفطنتها، وخبرتها بأحوال الناس وقُربها منهم هذا الأمر جعلها تنجح في إدارة البلاد والنهوض بها أثناء حكمها.
فترة حكمها
في عام 1098م، بعد وفاة المكرم، وضع سبأ الصليحي عينيه على العرش، ولكن خاب ظنه بعدما أفتى الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، بتولي أروى للحكم حتى بلوغ إبنها الأكبر سن الرشد، منذ ذلك الوقت استلمت أروى مقاليد الحكم على المملكة، وكان أول ما فعلته هو نقل العاصمة من صنعاء إلى جبلة وذلك لكثرة النزاعات القبلية والصراعات في العاصمة صنعاء، وبذلك آمنت مكر أعدائها، وساد العدل والإخاء في عهد الملكة أروى وذلك لأنها حكمت على مبادئ التسامح والحرية، كما إزدهرت البلاد وساد الرخاء الإقتصادي.
أروى الصليحية
قامت الملكة أروى بعدة أعمال ساهمت في تقدم بلادها، لعل أهمهم : بناء جامع السيدة أروى المعروف حاليًا في جبلة في اليمن، كما بنت المرافق الخدمية، وأدخلت حظائر المواشي في عدد من الأراضي الزراعية، وقامت بإيصال مياة الشرب إلى كل سُكان مدينة جبلة عن طريق سقاية تمتد من أعلى قمم الجبل إلى البيوت، واهتمت بالعلم والعلماء ووفرت لهم المساكن وأعطتهم رواتب، كما أمرت بتشكيل حلقات للعلم في جامع جبلة التحق بها طُلاب العلم من كل مناطق اليمن، وفي عهدها قامت ثورة زراعية وتجارية نتيجة الإستقرار السياسي الذي جعل القوافل تأتي إلى اليمن من كل المناطق العربية، وسمحت بتعدد المذاهب وحق حرية العبادات وبهذا قلت النزاعات الطائفية.
وفاتها
عانت الملكة أروى من المرض طويلًا، ثم توفت عن عمر ناهز التسعين عامًا، ودُفنت في ضريح لها في المسجد الذي سُمي بإسمها، ومن بعدها ضعفت الدولة الصليحية، وانتهت الدولة تمامًا عام 569هـ بعد غزوة توران شاة لليمن.
متحف أروى الصليحية