تشهد الساحة السياسية هدوء حذر بعد انخفاض حدة التوتر بين الولايات المتحدة الأمريكية و كوريا الشمالية بعد القمة التي جمعت بين كل من دونالد ترامب و زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ في سنغافورة, حيث أتفقا كل منهما على تخلي كوريا الشمالية عن سلاحها النووي بالكامل مقابل فك الحصار الاقتصادي عنها.

معروف أن جونج أون أكد مرارا و تكرارا أن الهدف الأول لبلاده هو الحصول على الأسلحة النووية, و بعد ذلك تحقيق تنمية اقتصادية لبلاده , فهل من العقل أن تتخلى كوريا الشمالية عن برنامجها النووي بهذه السهولة بعد أن حققت فيه تقدم كبير و تحملت حصار اقتصادي دام لسنوات عدة بدعوة تحقيق السلام ؟ أم أن كوريا تريد أن تكسب بعض الوقت لبدأ جولة جديدة مع الولايات المتحدة ؟ أم أن هناك نية غير ذلك تخفيها كوريا الشمالية ؟ لكن من الواضح أن كوريا الشمالية حاولت خداع الولايات المتحدة الأمريكية و العالم,

و كشفت مصادر في جهاز المخابرات  المركزية الأمريكية "سي أي أه" أن لديها أدلة تؤكد أن كوريا الشمالية تقوم بإخفاء أعداد كبيرة من أسلحتها النووية, بالإضافة إلى ذلك أنها تحاول زيادة و قودها النووي في مفاعلات سرية, وذلك بدا من اليوم الذي عقدت فيه القمة بين الطرفين في سنغافورة.

رد الفعل الأمريكي المتوقع

تشير النقاط السابق ذكرها، إلى ضرورة عرض تساؤل هام وخطير، وهو هل نتوقع من رجل مندفع مثل ترامب أن يقوم بإلغاء الاتفاق مع كوريا الشمالية على الفور , وأن يعيد فرض الحصار الاقتصادي على كوريا الشمالية من جديد, بحكم أنه لا يملك خيار أخر لمعاقبة كوريا الشمالية, التي تمتلك القوة النووية الكافية لتدمير المنطقة بالكامل، أو ربما تشاطرني عزيزي القاريء، الاعتقاد أن يكون ترامب أجبر على القبول بواقع أن كوريا الشمالية أصبحت دولة نووية لا يمكن معاملتها على إنها عدو , ويأس من محاولة نزع سلاحها النووي , فبدلا من أن يقحم بلاده و حلفائه وهم " كوريا الجنوبية و اليابان " في جحيم حرب نووية سيخسر فيها الكثير, فربما يحاول أن يكسب صداقة كوريا الشمالية.

المسرحية الأمريكية الكورية.

أعلم أن السؤال الذي يجول في رأسك الآن, عزيزي القاريء، وهو لماذا وافقت كوريا الشمالية على نزع أسلحتها النووية؟

 ربما يكون ذلك الاتفاق كما نقول "كلام على ورق" أو" مسرحية " لعب فيها كلا من الطرفين دوره ببراعة لخداع العالم, بمعنى أن أمريكا قبلت بامتلاك كوريا  الشمالية لأسلحة نووية  مقابل أن تكذب كوريا على العالم، وتعلن خداعها، وتدعي أنها تخلت عن سلاحها النووي, الذي سبب الإحراج لأمريكا أمام العالم، وتكون واشنطن قد حققت غرضها وهو انها ليست عاجزة و مازالت القوة العظمى بحجة أنها استطاعت نزع السلاح النووي الكوري و حل الأزمة.

"الصين" تلعب دور مخرج المسرحية

من قام بدور محرك "عرائس الخشب" في هذه المسرحية الهذلية؟

أعتقد أن الذي قام بهذا الدور هو الصين أقوى حليف لكوريا الشمالية, و لكن كيف قامت الصين بهذا الدور و لماذا؟

تتبلور قضية "تايوان" في أنها واجهت دعما قويا من قبل واشنطن، لكي تكون الوسيلة التي تضغط بها على الصين، ليكون ذلك هو الرد أو العقاب، على الإجراء الذي قامت به الأخيرة والذي تمثل في دعمها لكوريا الشمالية لتتخذها وسيلة ضغط على أمريكا.

فالوسيط الذي حل النزاع الكوري الأمريكي هي الصين, و لكن ما هو المقابل الذي حصلت عليه الصين؟ ربما يكون تخلي أمريكا عن دعم تيوان , أو ربما أن ترفع أمريكا يدها عن قضية "بحر الصين الجنوبي", أو ربما أن يكون عائد اقتصادي، لكن سنترك الحكم لك عزيزي القاريء