مأساة "عم عبد السلام" استغلوا أنه كفيف ونصبوا عليه
الإثنين 02/يوليو/2018 - 01:33 م
أحمد حمدي
طباعة
يجلس بمفرده ليلا، فقد بصره فى وقت مبكر، لكنه لم يفقد بصيرته، سريره الخشبي صديقه الذى لا يفارقه، كل من حوله ينام فى سبات عميق، وهو يظل مستيقظًا، يتسمع لكل قدم تدخل المكان الذى اختاره القدر للقمة عيش له.
"عم عبد السلام"، رجل فى الستين من عمره، ينتبه ليلا من أجل حارسة اصحاب العمارة والسكان، فيستمع لأى صوت، ولو كان عبارة عن "دبة النملة" بمجرد أن تطأ قدم غريب باب العمارة فسريعًا ما يستوقفه ليعلم من هو، طريقًا مكتظًا بالأشواك والمطبات يسلكه الرجل الستيني بعد نزوله من محافظة بني سويف للعيش فى العاصمة.
نزل الرجل الستيني من محافظة بني سويف، للقاهرة من أجل لقمة العيش بدأ حياته فى العمل بعدة مهن مختلفة، فبالرغم من كبر السن إلا أن لم يخجل من ممارسة أى عمل يضيف:" جيت القاهرة اشتغلت فى كل حاجة بيه الترمس وبيع الفاكهة فى السوق، وبيه المناديل واشتغلت مساح سلالم، وفضلت الف على لقمة عيشى حسب الموسم والجو اللى حولينا".
"لقمة العيش صعبة" بهذه الكلمات تفوّه الرجل الستيني الذى يعيش حارسًا لعمارة كآنة بإحدى الأماكن الشعبية بحي القاهرة، تحديدا منطقة البساتين، يضيف:" بجري على لقمة العيش لىّ ولأسرتى الصغيرة انا اسرتى مكونة من 8 أفراد، محدش بيساعد حد، والحياة بقت صعبة جدا ومش لاقي حتى علاج الكبد اللى عندي.. قاعد هنا فى المنور والسكان يعبتروا عشرة عمرى طول الوقت معاهم".
تعددت معاناة " عم عبد السلام" حارس العقار، فبعد قرار الحكومة المصرية بتعويم الجنيه فى نهاية 2016، وهو دائمًا يعانى من قسوة الحياة، فلم يعد قادرًا على سداد مصاريف أهل بيته الذى تكفل بالصرف عليهم باعتباره أب للأٍرة يقول:" الحياة بقت صعبة معايا ومحتاج مساعدة أهل الخير عشان يقفوا جنبي جانى الكبد ومصاريفي قليلة ومش عارف اجيب فلوس العلاج وانفق على اسرتى فى نفس الوقت".
لم يجد أمامه سوى الصبر وتسليم أمره لله، والكفاح المستمر فى دروب الحياة رغم قسوتها عليه، يقول:" لازم اصبر على العيشة الصعبة دى، ومش لاقي حاجة امامى غير شغلانتى ده، اللى تناسب حالى فى الوقت ده، زى ماانت شايف مبشوفش خالص، وبعتمد على السماع بس، الجيران وسكان العمارة بيحبوني وبيقفوا جبني فى الأكل والشرب والحاجات البسيطة دى".
لن تصدق بداية الرجل الستيني عندما سافر للعراق منذ 15 سنة واقام بها عدة أعوام، فى مهنة عامل النظافة واستطاع ادخار مبلغ من المال يؤهله للزواج يقول:" اسرعت فى العودة لمصر وقلت لنفسي اتزوج بدري وقمت وأجرت قطعة ارض عشان اشتغل فيها فلاح".
يستطرد:"دفعت في الأرض 12 ألف جنيه على 5 سنين ومكنتش باخد من صاحبها وصل يثبت انى بدفع أو أي ورق لأنه كان بيرفض، قولتله أنا دفعت ليك فلوس قالي اسرح بالسلامة يا شاطر ملكش عندي حاجة لا الأرض ولا الفلوس، اشتكيته في المحافظة بس محدش قدر يساعدني لأن مفيش ورق يثبت وضاعت تحويشة العمر".
لدى عم محمد 3 إناث و4 ذكور وزوجته، جميعهم في التعليم ولا يقدرون على مساعدة والدهمانتهى به الحال لصبح بوابًا في إحدى العمارات بالبساتين يضيف:"كنت بمسحها وانظفها واحرسها واخد 35 جنية في الشهر، قضيت فيها سنة، وبعدين جيت هنا على عمارة في الزهراء بقالي فيها 17 سنة، اغسل العربيات وامسح السلم أحرس العمارة ليل نهار، ومكنتش بنام، لحسن حرامى يكسر باب شقة وأنا اللي كنت مسؤول عن كل حاجة".
انقلبت حياة الرجل الستيني رأسًا على عقب بعدما دخل مسمارا فى عينيه يقول:"انطست عيني في مسمار واحمرت فجأة كشفت والدكاترة حكوا مع بعضهم مفهمتش حاجة، وقالولي خلاص مفيش فايدة في عينك ومع الوقت نظرك هيروح ومفيش عمليات نافعة، أخويا خدني أعمل جلسات كهربا، حطوا قطن في بؤقي ويشغلوا الكهربا وانا أزعق وأرفص لحد ما عروقى وقفت وعين واحدة اتعمت خالص، بعدها جيت أجيب عيش الفرن كنت واقف في الطابور لقيت نفسى مش شايف ووقعت على الأرض، جابوني بالموتوسيكل لحد البيت وبقيت أحسس على الحيطان، ومش شايف".
زوجته المسكينة رأته على حاله، كافحت للصمود ولم تتركه يومًا يضيف:" زوجتي بتقف بالنهار وانا بقف على العمارة بالليل وطول الوقت وقفة جنبي ومسبتنيش واحيانا بتمسح السلالم، وتنضف السيارات بتاعة اصحاب العمارة،مش باخد فلوس من صاحب العمارة، السكان هما اللى بيدونا لما بنمسح ليهم وعلى حسب مزاجهم، ومرة يدفعوا وعشرة لأ وطبعًا منقدرش نتكلم لأن ملناش سكن غير المنور وصاحب العمارة قعدني فيه من غير إيجار بشرط إني احرس العمارة، أنا مش بنام خالص من كتر شيل الهم، مش بنام ليل ولا نهار، العاِلم ينام وانا ميجيش ليا نوم، وعشان لو حد غريب دخل اشوفه رايح لمين وادله".
"عم عبد السلام"، رجل فى الستين من عمره، ينتبه ليلا من أجل حارسة اصحاب العمارة والسكان، فيستمع لأى صوت، ولو كان عبارة عن "دبة النملة" بمجرد أن تطأ قدم غريب باب العمارة فسريعًا ما يستوقفه ليعلم من هو، طريقًا مكتظًا بالأشواك والمطبات يسلكه الرجل الستيني بعد نزوله من محافظة بني سويف للعيش فى العاصمة.
نزل الرجل الستيني من محافظة بني سويف، للقاهرة من أجل لقمة العيش بدأ حياته فى العمل بعدة مهن مختلفة، فبالرغم من كبر السن إلا أن لم يخجل من ممارسة أى عمل يضيف:" جيت القاهرة اشتغلت فى كل حاجة بيه الترمس وبيع الفاكهة فى السوق، وبيه المناديل واشتغلت مساح سلالم، وفضلت الف على لقمة عيشى حسب الموسم والجو اللى حولينا".
"لقمة العيش صعبة" بهذه الكلمات تفوّه الرجل الستيني الذى يعيش حارسًا لعمارة كآنة بإحدى الأماكن الشعبية بحي القاهرة، تحديدا منطقة البساتين، يضيف:" بجري على لقمة العيش لىّ ولأسرتى الصغيرة انا اسرتى مكونة من 8 أفراد، محدش بيساعد حد، والحياة بقت صعبة جدا ومش لاقي حتى علاج الكبد اللى عندي.. قاعد هنا فى المنور والسكان يعبتروا عشرة عمرى طول الوقت معاهم".
تعددت معاناة " عم عبد السلام" حارس العقار، فبعد قرار الحكومة المصرية بتعويم الجنيه فى نهاية 2016، وهو دائمًا يعانى من قسوة الحياة، فلم يعد قادرًا على سداد مصاريف أهل بيته الذى تكفل بالصرف عليهم باعتباره أب للأٍرة يقول:" الحياة بقت صعبة معايا ومحتاج مساعدة أهل الخير عشان يقفوا جنبي جانى الكبد ومصاريفي قليلة ومش عارف اجيب فلوس العلاج وانفق على اسرتى فى نفس الوقت".
لم يجد أمامه سوى الصبر وتسليم أمره لله، والكفاح المستمر فى دروب الحياة رغم قسوتها عليه، يقول:" لازم اصبر على العيشة الصعبة دى، ومش لاقي حاجة امامى غير شغلانتى ده، اللى تناسب حالى فى الوقت ده، زى ماانت شايف مبشوفش خالص، وبعتمد على السماع بس، الجيران وسكان العمارة بيحبوني وبيقفوا جبني فى الأكل والشرب والحاجات البسيطة دى".
لن تصدق بداية الرجل الستيني عندما سافر للعراق منذ 15 سنة واقام بها عدة أعوام، فى مهنة عامل النظافة واستطاع ادخار مبلغ من المال يؤهله للزواج يقول:" اسرعت فى العودة لمصر وقلت لنفسي اتزوج بدري وقمت وأجرت قطعة ارض عشان اشتغل فيها فلاح".
يستطرد:"دفعت في الأرض 12 ألف جنيه على 5 سنين ومكنتش باخد من صاحبها وصل يثبت انى بدفع أو أي ورق لأنه كان بيرفض، قولتله أنا دفعت ليك فلوس قالي اسرح بالسلامة يا شاطر ملكش عندي حاجة لا الأرض ولا الفلوس، اشتكيته في المحافظة بس محدش قدر يساعدني لأن مفيش ورق يثبت وضاعت تحويشة العمر".
لدى عم محمد 3 إناث و4 ذكور وزوجته، جميعهم في التعليم ولا يقدرون على مساعدة والدهمانتهى به الحال لصبح بوابًا في إحدى العمارات بالبساتين يضيف:"كنت بمسحها وانظفها واحرسها واخد 35 جنية في الشهر، قضيت فيها سنة، وبعدين جيت هنا على عمارة في الزهراء بقالي فيها 17 سنة، اغسل العربيات وامسح السلم أحرس العمارة ليل نهار، ومكنتش بنام، لحسن حرامى يكسر باب شقة وأنا اللي كنت مسؤول عن كل حاجة".
انقلبت حياة الرجل الستيني رأسًا على عقب بعدما دخل مسمارا فى عينيه يقول:"انطست عيني في مسمار واحمرت فجأة كشفت والدكاترة حكوا مع بعضهم مفهمتش حاجة، وقالولي خلاص مفيش فايدة في عينك ومع الوقت نظرك هيروح ومفيش عمليات نافعة، أخويا خدني أعمل جلسات كهربا، حطوا قطن في بؤقي ويشغلوا الكهربا وانا أزعق وأرفص لحد ما عروقى وقفت وعين واحدة اتعمت خالص، بعدها جيت أجيب عيش الفرن كنت واقف في الطابور لقيت نفسى مش شايف ووقعت على الأرض، جابوني بالموتوسيكل لحد البيت وبقيت أحسس على الحيطان، ومش شايف".
زوجته المسكينة رأته على حاله، كافحت للصمود ولم تتركه يومًا يضيف:" زوجتي بتقف بالنهار وانا بقف على العمارة بالليل وطول الوقت وقفة جنبي ومسبتنيش واحيانا بتمسح السلالم، وتنضف السيارات بتاعة اصحاب العمارة،مش باخد فلوس من صاحب العمارة، السكان هما اللى بيدونا لما بنمسح ليهم وعلى حسب مزاجهم، ومرة يدفعوا وعشرة لأ وطبعًا منقدرش نتكلم لأن ملناش سكن غير المنور وصاحب العمارة قعدني فيه من غير إيجار بشرط إني احرس العمارة، أنا مش بنام خالص من كتر شيل الهم، مش بنام ليل ولا نهار، العاِلم ينام وانا ميجيش ليا نوم، وعشان لو حد غريب دخل اشوفه رايح لمين وادله".