معركة " رأس العش ".. أول هجمة من الجيش المصري بعد نكسة 67
الإثنين 02/يوليو/2018 - 09:01 م
مريم مرتضى
طباعة
بعد أيام قليلة من حرب يونيو التي نالت خلالها القوات المسلحة بخسائر كبيرة في الأفراد والمعدات، ظن العدو الإسرائيلي وكثير من دول العالم أن الجيش المصري قد انتهى، وأنه سيحتاج إلى عقود طويلة حتى يستطيع أن يعود إلى ساحة المعركة، إلا أن الجيش المصري استطاع أن يثبت مُجددًا أنه كالعنقاء، لا ينكسر أبدًا، ويستطيع أن يجمع شتات نفسه ليعود سريعًا للقتال مُحققًا الانتصارات، حيث استطاع 30 مقاتل من قوات الصاعقة أن يمنع سقوط بورفؤاد في يد الاحتلال، بعدما استطاعوا منع تقدم قواته وكبدوهم خسائر فادحة، فيما يُعرف بمعركة "رأس العش" على أسم المنطقة التي شهدت على ملحمة نادرة من ملاحم بطولة الجيش المصري.
تجهيزات المعركة
في الساعات الأولى من صباح يوم السبت الأول من شهر يوليو 1967م، وقد كان هذا اليوم هو الأول لتولي المشير "أحمد إسماعيل" قيادة الجبهة، تقدمت قوة مدرعة إسرائيلية على امتداد الضفة الشرقية لقناة السويس من القنطرة شرق في إتجاة الشمال بغرض الوصول إلى بورفؤاد المواجهة لمدينة بورسعيد على الجانب الآخر للقناة، تلك المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم يحتلها العدو بعد، بينما كان قد اجتاحت قواته كل أرض الفيروز ورفع أعلامه فوق أراضيها.أقام العدو العديد من التجهيزات الهندسية والتى تمثلت فى 3 نقط قوية كاملة ومتصلة مع بعضها بخنادق ومواصلات تتعاون مع بعضها البعض بالنيران والأسلحة لصد أي هجوم على أى نقطة منه، يصل عُمق الموقع إلى 500 متر وبمواجهة 350 متر على القناة ومحاط بحقول ألغام مختلط بعمق 100 إلى 150 متر وتزيد مسافة الألغام شمالًا، لتكون النقطة مثلث مقلوب رأسه فى اتجاه الجنوب وقاعدته في اتجاه الشمال مقسم إلى ثلاثة قطاعات مربوطة بشبكة، وقد زود الموقع بالعديد من الدشم الحصينة ومواقع للهاون وصواريخ أرض أرض ومصاطب للدبابات وحفر للأسلحة الخفيفة، وقد احتل العدو النقط القوية الثلاثة بعناصر المشاة والأسلحة الخفيفة على أن تتعاون مع بعضها لصد أى هجوم للقوات لمصرية، واحتفظ بعنصر الدبابات للمناورة به؛ لتدعيم أى اتجاه مهدد علاوة على نيران الهاونات والمدفعية التى يستخدمها في منع عبور قواتنا أو تقدمها في اتجاه الشمال، كما تم إنشاء العديد من السواتر جنوب الموقع وجهزت بخطوط فتح لاحتياطياته التي يدفعها من العمق لنجدة الموقع.
وكانت القوات الإسرائيلية تشمل عشر دبابات مُدعمة بقوة مشاة ميكانيكا في عربات نصف جنزير، وكانت تسير بإتجاه منطقة رأس العش جنوب بورفؤاد، حيث وجدت بانتظارها مقاومة عنيفة وشرسة، وظن العدو أنهم أمام قوات مصرية كبيرة، ولم يكون العدو يعلم أنه يقف أمام قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة عددها ثلاثون مقاتلًا مزودين بالأسلحة الخفيفة، بينما كانت القوة الإسرائيلية تتكون من عشر دبابات مُدعمة بقوة مشاة ميكانيكية في عربات نصف مجنزرة.
معركة رأس العش
بدأت المعركة بهجوم من قوات الصاعقة على القوات الإسرائيلية، فمنعتها من التقدم، وارتبكت القوات الإسرائيلية بعدما تكبدت خسائر كبيرة بلغت تدمير ثلاث دبابات، فاضطرت القوة الإسرائيلية إلى التراجع جنوبًا، وتكبدت خسائر كبيرة بلغت 3 دبابات، و11 عربة مُدرعة، بخلاف وقوع ما يقرب من 36 فرد ما بين قتيل وجريح.
وبعد تلك المحاولة الفاشلة من العدو للوصول إلى بورفؤاد، عاودت القوات الإسرائيلية الهجوم مرة أخرى، ولكن الفشل كان من نصيبهم مجددًا بفضل تضحية المُقاتلين المصريين الذين استطاعوا تدمير بعض العربات نصف المجنزرة وقتل عدد من أفراد القوات الإسرائيلية، فاضطرت القوة الإسرائيلية للانسحاب من جديد تجر أذيال الخيبة والمرارة.
ومنذ تلك اللحظة لم تحاول إسرائيل بعد ذلك احتلال بورفؤاد مجددًا، لتظل المدينة حرة يرفرف في سمائها العلم المصري بفضل بسالة وجسارة 30 فرد من قوات الصاعقة، كما ظلت مدينة بورسعيد وميناؤها بعيدين عن التهديد المباشر لإسرائيل.
وهكذا مثلت معركة "رأس العش"، الإرادة المصرية التي وقفت كصخرة في وجه عدو أخذ سيناء نتيجة لنصر زائف، اعتقادًا منه أنه لن تقوم لقواتنا المسلحة المصرية قائمة، ولكنة فوجئ بقوة مصرية صغيرة حطمت كبرياءه وغروره.