" ابن زيدون ".. سليل بني مخزوم الذي صار أشهر شعراء العصر الأندلسي
الأربعاء 11/يوليو/2018 - 10:14 ص
مريم مرتضى
طباعة
يُعد الشعراء العرب من أفضل الشعراء على مر التاريخ، فما من عصر من العصور إلا وقد أبهرنا بعض الشعراء بموهبتهم بداية من العصر الجاهلي وحتى يومنا هذا، وخلال العصور الإسلامية حفر بعض الشُعراء اسمهم بحروف من الذهب في التاريخ، ولم يكونوا مجرد شعراء بل كان لهم دور سياسي واجتماعي، مثلما كان "إبن زيدون" أشهر شعراء العصر الأندلسي، لما له من قصائد في كافة ألوان الشعر مثل الغزل، والفخر، والرثاء، وقد اشتهر ابن زيدون أيضًا في وصف الطبيعة نتيجة لنشأته في قرطبة حيث الجمال الساحر والطبيعة الخلابة.
مولده ونشأته
وُلد "أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أحمد بن غالب بن زيد المخزومي" في عام 394هـ، بمدينة قرطبة، وكانت جذوره تمتد لـ قبيلة بني مخزوم، التي تُعد واحدة من أكبر القبائل في الجاهلية والإسلام، وكان والده من أكبر وأعظم الفقهاء والعلماء البارزين، واهتم جده أيضًا بالعلوم وتولى القضاء بمدينة سليم، ومن المعروف عن مدينة قرطبة أنها تحتوي على المناظر الساحرة والطبيعة الخلابة والمُتميزة مما نمى لديه موهبته الفطرية وأصبح من أهم شعراء العصر الأندلسي، فقد ابن زيدون والده وهو لم يتجاوز الحادية عشر بعد، مما جعل جده يتولى تربيته، واختار أسلوب الصرامة والشدة في رعايته حتى استطاع أن ينشئه التنشئة السليمة وعلمه القرآن والنحو والشعر والأدب والعلوم، وتمتع ابن زيدون بالفطنة والذكاء والنبوغ في كافة ربوع العلوم والأهم من ذلك نبوغه في الشعر.
إبن زيدون
موهبته الشعرية
كان لـ ابن زيدون مكانة كبيرة ومرموقة بين شعراء عصره، اكتسبها بإبداعاته العظيمة، وكان على صلة بأكبر الشعراء والأعلام الكبار في هذا العصر، وعلى الرغم من صغر سنه إلا أنه تولى عدة مناصب عليا أهمها منصب الوزارة فكانت تجمعه صداقة قوية بينه وبين أبي الوليد ابن جهور الذي كان ولي العهد وأثناء تولي ابن زيدون منصب الوزارة عُرف عنه العلم والفضل ولذلك تولى مُهمة القضاء وأظهر كل معالم العدل والحزم والحق ونصرة المظلوم، وفي نفس الوقت لم ينسى موهبته الشعرية وتغنى بكل أغراض الشعر العربي كالغزل والفخر والرثاء وخاصة رثاء المدن فقد كانت له قصيدة مشهورة في رثاء مدينة الزهراء كما برع في وصف الطبيعة حيث وصف كل ما حوله من طبيعة خلابة .
شعر لـ ابن زيدون
عاش ابن زيدون في فترة عصيبة جدًا واعتبرت من أكثر الفترات العصيبة في العصور الإسلامية حيث كانت فترة الفتن بين المسلمين بعضهم البعض مما استدعى الحاكم أن يستعين بإبن زيدون في فض هذه الفتن لما عُرف عنه من حُسن القول والفعل، وكان لابن زيدون الدور الأكبر في إلغاء الخلافة الأموية بقرطبة وساعد إبن جهور على تأسيس الحكومة الجهورية حيث قام بتحريك الجماهير من خلال شعره ومكانته المرموقة في الدولة وفي هذه الفترة اعتمد عليه الحاكم إبن جهور اعتمادًا كاملًا وظلت العلاقة فيما بينهما جيدة جدًا، حتى تدخل الحاقدين وأوقعوا بينهما وانتهت العلاقة بينهم.
وفاته
توفي ابن زيدون عام 463هـ عندما أرسله المُعتمد إلى أشبيلية على رأس الجيش ليخمد الفتنة الواقعة هناك ولكن المرض قد أصابه وتوفي عن عمر يُناهز الثمانية والستون عامًا، بعد رحلة عطاء بالشعر والأدب.