الحياة ليست " بمبي " دائمًا.. سكان جزيرة " بنجيلاب " يرونها بالأبيض والأسود فقط
الأربعاء 11/يوليو/2018 - 02:08 م
مريم مرتضى
طباعة
الألوان هي أساس بهجة الحياة، بلا ألوان تسود الكآبة، وإذا كانت الألوان تعود للطبيعة، مثل لون البحر والسماء والخضرة، فتلك من أكثر مسببات السعادة الموجودة على وجه الكرة الأرضية، ولكن ماذا لو أُخذت منا نعمة تمييز الألوان ؟، وصارت الحياة اللون الأبيض واللون الأسود فقط ؟، طبيعي أن نسمع عن أشخاص مصابون بمرض عمى الألوان ؟، ولكن أن يُصاب سكان جزيرة بأكملها بهذا المرض !، فهذا شيء غريب.
بداية لنعرف ما هو مرض عمى الألوان
هو مرض يُصيب الإنسان بخلل في رؤية أحد الألوان الثلاثة " الأحمر، الأزرق أو الأخضر "، أو اللون الناتج عن خلطها معًا، وهناك بعض الحالات القليلة النادرة التي لا يستطيع فيها المصاب أن يرى أي لون على الإطلاق، فقط الأبيض والأسود، وتظهر أعراضه في عدة نقاط، أولها أن يرى المريض طيف واسع من الألوان المختلفة، ولكنه لا يكون مُدركًا لحقيقة انه يرى الألوان بصورة مختلفة عمّا يرى الآخرون، أيضًا تقتصر قدرته على رؤية عدد ضئيل من الألوان، بينما يستطيع الإنسان السليم أن يرى الآلاف منها.الجزيرة التي لا ترى إلا لون الأبيض والأسود
في المحيط الهادي، تحديدًا جزيرة " بنجيلاب " في منطقة أرخبيل، التي تقع بالقرب من دولة الفلبين وإندونسيا، يعيش سكان الجزيرة الذين يبلغ عددهم ما يقرب من 700 شخص، في ظلال الأبيض والأسود فقط، على الرغم من الجمال الخلاب للجزيرة، والألوان الطبيعية المدهشة بها، إلا أن أهل الجزيرة لا يرون سوى اللونين الأبيض والأسود فقط، ويرجع السبب في ذلك إلى إصابة هؤلاء الأشخاص بمرض عمى الألوان الكلي منذ الصغر، وانتقل هذا المرض إلي أبنائهم بسبب العوامل الوراثية، وعلى الرغم من كونه مرض نادر الحدوث في العالم، إلا أنه حدث في تلك الجزيرة، وانتشر بين جميع أهلها بسبب العامل الوراثي.
جزيرة بنجيلاب
في عام 1775م، حدث إعصار قوي للغاية وقتل جميع سكانها، ولم ينجو وقتها سوى 20 شخص فقط، وتسبب الإعصار في مجاعة كبيرة، ودمار تام للجزيرة، وكان الملك " نانماركي موانينيزد " المصاب بمرض عمى الألوان واحد من الناجين، وبعد أن استقرت الأمور وهدأت قليلًا، قرر الملك ومن تبقى معه إعادة إعمار الجزيرة، ولأن الزواج من الأجانب كان ممنوع تمامًا على أهل الجزيرة وقتها، لذا تزوجوا من بعضهم، وتزوج الملك بعدة نساء وأنجب منهن أطفال مصابين بنفس مرضه، وهكذا ظل المرض ينتقل من جيل لآخر، بل وتطور من مجرد عمى ألوان إلى عمى ألوان كُلي، حتى صار كل أهل الجزيرة مصابون بالمرض الآن.
جزيرة بنجيلاب
لم تقتصر المشاكل الوراثية عند نقطة عمى الألوان فقط، بل امتد الأمر إلى حاسة التذوق، فأهل الجزيرة لا يستطيعون التميز بين الطعام السليم والطعام الفاسد، ولا يقدرون على تذوق الطعام مثل الجميع، كما أن جميع أهل الجزيرة بلا استثناء يُعانون من حساسية جلدية شديدة ضد أشعة الشمس، ولا يستطيعون أبدًا العمل تحت ضوء النهار.
ومن رحمة ربنا بهم، وهبهم الله ميزة خاصة بهم، وهي قدرتهم الفائقة على الرؤية في الليل، فبإمكانهم أن يروا سمكة وهي تسبح في المياه بوضوح كامل أثناء الليل، وبالطبع ذلك الأمر صعب على الأشخاص العاديين مثلنا، لذلك ينام أهل الجزيرة طوال النهار ويسهرون ليلًا لقضاء احتياجاتهم، ويعملون طوال فترة الليل.