"في ذكراها" هل الانقلابات العسكرية العربية جاءت تقليداً لـ "ثورة يوليو" ؟
الإثنين 23/يوليو/2018 - 02:01 م
وسيم عفيفي
طباعة
*الدموية سيدة المشهد العربي وعدوة الوضع المصري
*قصة الانقلابات العسكرية عربياً
*عبدالناصر ونظريته
*عبدالناصر ونظريته
بلغت ثورة يوليو 66 عاماً في مصر وتعاقب على نظام حكمها الجمهوري 9 رؤساء منهم 3 مؤقتين، وإلى الآن لا زالت ثورة 23 يوليو سنة 1952 م تثير الجدل، فهي بالنسبة لمؤيديها ثورة أطاحت بنظامٍ فاسد أما معارضيها فيروا أنها الشرارة التي غيرت مصر وجعلت ظروفها صعبة؛ وبين الفصيلين رأى كثيرون أنها كانت فاتحة الشهية للجيوش العربية أن تقوم بانقلابات عسكرية في أرجاء الوطن العربي؛ لكن هذا غير صحيح.
الانقلابات العسكرية بين العرب .. لماذا مصر تختلف ؟
الضباط الأحرار
على سبيل العموم فإن الجيوش أداة قتل حيث أن مهمتها ليس خلع أو ضبط وإحضار، وبالتالي فإن الركيزة الأساسية للانقلاب العسكري هو الدماء، ليس دماء المؤيدين للمعزول بقدر دماء حكومة المعزول نفسه.
على مستوى العالم فإن أوغستو بينوشيه رئيس تشيلي الأسبق طبق مفهوم الانقلاب العسكري بمعناه الحرفي، حيث قاد الجيش إلى القصر الجمهوري الذي يسكن فيه سلفادور ألليندي ونسفه بكل من فيه ثم خاطب الشعب وقال "أنا الرئيس الجديد"، حتى في ضربه لمعارضيه كان هو المطبق الأصلي لمفهوم الانقلاب العسكري، حيث خرجت مظاهرة ضده وفتح لها باب أكبر استاد في تشيلي ثم ضربهم بالرصاص وخاطب الشعب بلسان حال يقول "من له قتيل فليذهب ليأخذه".
خريطة الدول العربية
عربياً فإن مجموع الانقلابات العسكرية أو الثورات التي دعمها الجيش 123 انقلاب عسكري وثورة شعبية مدعومة عسكرياً، نجح منهم 39 عملية انقلاب وثورة أما المحاولات التي فشلت فبلغ عددها 84 أضيف لها مفهوم الانقلاب الناعم وهو خلع الابن لأبيه والعكس؛ رغم كل هذا فإن مصر تختلف جذرياً عن أي دولة عربية حدث فيها انقلاب عسكري.
الجيش السوري زمان
السمة الأولى للانقلابات العسكرية في الدول العربية هو حدوث الدموية بين الجيش وبعضه حيث اقتتال بين الأسلحة والقادة أو تورط الجيش نفسه مثل النموذج السوري الذي تصدر قائمة الدول العربية في الانقلابات العسكرية بمجموع 34 محاولة نجح منها 9 وفشل 25، وهو ما لم يحدث في مصر، فعلى فرض اعتبار أن ثورتي 23 يوليو و 30 يونيو انقلابات عسكرية فإن الجيش لم يحدث بينه اقتتال دموي بين القادة.
ثاني تلك السمات في الانقلابات العسكرية، هو مساهمة الجيش في إشعال فتيل الحرب الأهلية حتى يصل إلى الحكم مثل النموذج الجزائري حيث تورط الجيش في الحرب الأهلية التي اندلعت بين الجزائريين وبعضهم وبين الجزائرين والجيش طوال 10 سنوات عُرِفَت في التاريخ الجزائري باسم "سنوات العشرية السوداء"، والموجع أن مجموع القتلى من الجزائريين في 10 سنوات بلغ 2 مليون جزائري فيما نزح أكثر من 3 مليون وتلك أرقام لم تحدث في فترة الاحتلال الفرنسي للجزائر.
أول انقلاب عسكري في العالم العربي
غلاف مجلة الجيش السوري
على فرض قبول فكرة أن 23 يوليو انقلاب وليس ثورة، فالحقيقة أن جمال عبدالناصر لم يقم بتصدير فكرة الانقلاب العسكرية في الوطن، بل على العكس هو نفسه استورد الفكرة، حيث أن أول انقلاب عسكري حدث في الدول العربية كان في مارس 1949 م والذي قام به وزير الدفاع السوري حسني الزعيم ضد رئيس الجمهورية شكري القوتلي.
لم يدم نظام حسني الزعيم كثيراً رغم الدعم الدولي له، فقد انتهى بعد 137 يوماً على يد قائد الجيش سامي الحناوي والذي دبر انقلاباً عسكرياً ضد حسني الزعيم وقتله في مايو سنة 1949 م، وفتح هذين الانقلابين انقلاباً آخر على سامي الحناوي ليكون الثالث في عام واحد وانتهى الأمر بنفيه خارج سوريا لتدخل دمشق في دوامة من الانقلابات العسكرية التي وصل عددها إلى 31 انقلاب منذ سنة 1950 م حتى وصول حافظ الأسد إلى سوريا.
لم يدم نظام حسني الزعيم كثيراً رغم الدعم الدولي له، فقد انتهى بعد 137 يوماً على يد قائد الجيش سامي الحناوي والذي دبر انقلاباً عسكرياً ضد حسني الزعيم وقتله في مايو سنة 1949 م، وفتح هذين الانقلابين انقلاباً آخر على سامي الحناوي ليكون الثالث في عام واحد وانتهى الأمر بنفيه خارج سوريا لتدخل دمشق في دوامة من الانقلابات العسكرية التي وصل عددها إلى 31 انقلاب منذ سنة 1950 م حتى وصول حافظ الأسد إلى سوريا.
موقف جمال عبدالناصر في فكرة الانقلابات العسكرية
جمال عبدالناصر بين القذافي ونميري
في المجمل فإن جمال عبدالناصر أحد أبرز الداعمين لأي تحركات عسكرية يمكن من شأنها إزاحة أنظمة الحكم ذات الطابع الملكي، لكن ما كان يحكم رأي جمال عبدالناصر في الانقلابات العسكرية هو مفهوم القومية العربية، تلك النظرية التي غيرت وجه الشرق الأوسط طيلة عشرين عاماً.