"ثورة الفلاح الفلسطيني" نواة النضال التي أخرجت عهد التميمي
رموز مشرفة
المقاومة الفلسطينية ليست وليدة اليوم أو الأمس، ولم تكن بدايتها من خلال مواجهة قوى الإحتلال الإسرائيلي، فأرض أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، أخرجت رموز عليها أن تفتخر أنهم خرجوا منها وعلينا نحن العرب أن بهم كونهم يمثلون معنى المقاومة الحقيقية أمام المحتل.
ثورة الفلاح الفلسطيني
بدأت المقاومة الفلسطينية، منذ عام 1936، من خلال ثورة الفلاح المصري، ضد ممثلي
الإحتلال البريطاني، للتصدي لمحاولتهم لفرض سيطرتهم على الأراضي الفلسطينية، علاوة
على التصدي لمؤامرتهم مع الصهاينة، وجهودهم لتحقيق الحلم الإسرائيلي، وهو فرض
سيطرتهم على أرض فلسطين، ويمكن القول بأن كل من شارك في هذه الثورة، وكل من مسك
سلاح وتولى النضال ووقف في مواجهة الموت، يعد رمزا للمقاومة الحقيقية، التي ترفض
الخضوع أو الاستسلام.
ياسر عرفات
يعد الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات واحدا من أهم رموز المقاومة الفلسطينية، فقد
كانت مجرد كلماته وخطاباته بمثابة الشرارة التي تشعل قلوب لشعب الفلسطيني، وتزيد
من إصرارهم لمواجهة قوى الإحتلال الإسرائيلي، خاصة وأنه دائما ما كان يحث على عدم
الاستسلام أو الخضوع، ولعل الدليل على ذلك هو هجوم ممثلي الكيا الصهيوني له هو
بشكل مباشر لدرجة وصلت إلى حد حصار في رام الله، وقتله بالسم، وهو ما يستلزم
الوقوف له للحظات.
اللجوء إلى السم
عادة ما تهاجم إسرائيل أعداءها من القادة والزعماء العرب من خلال شن حروب على
بلادهم، ومحاولة تدمير بلادهم لإظهارهم وكأنهم ضعفاء أمام العالم، لكن ولأول مرة،
تتجه إسرائيل إلى خطوة قتل أحدهم بالسم، لكن هذا ما قامت به بالفعل مع الرئيس
الفلسطيني ياسر عرفات، وذلك لتأكدها من أن مجرد وجوده على قيد الحياة يسبب أزمة
بالنسبة لهم، لأنه يزيد من شعلة الإصرار لدى الشعب الفلسطيني، ويشعل حماسهم
لمواجتهم، فلم يجدوا سبيل سوى قتله، لكن وما لم ينتبه له ممثلي هذا الكيان الغاشم،
هو أن ياسر عرفات بات ايقونة حقيقية لم ترتبط بجيل بعينه وإنما أجيال متلاحقة حتى
ممن لم يعاصرونه، ولعل عهد التميمي أبنة الـ 17 عاما دليل عل ذلك، التي حرصت على
زيارة قبر "ياسر عرفات" عفقب تحريرها من قضبان الأسر.
أحمد ياسين
من منا لا يعرف الشيخ احمد ياسين، الذي بدأ نضاله الوطني وهو في العشرين من عمره،
حينما شارك في الإحتجاجات المناهضة للعدوان الثلاثي على مصر، وهو الذي أسس حركة
"حماس" وذلك بعد إلقاءه خطبة حماسية في لشعب الفلسطيني، على أحد منابر
المساجد الفلسطينية، عقب هزيمة 1967، التي حاول من خلالها أن يؤكد أن الأمل لم يمت
وأن المقاومة ستستمر، وأنه من الممكن تحقيق الانتصار.
دعوة ياسين للمقاومة
يعد السر وراء جعل الشيخ أحم ياسين ايقونة للنضال ليس مجرد دعوته للجهاد والمقاومة
فحسب وإنما لأنه دائما ما كان يحث ويؤكد على أن مقاومة المحتل هي من أهم ركائز
الشريعة الإسلامية، وأنها فرض عين وواجب لابد من القيام به، ولعل الدليل على وعي
قوى الإحتلال بخطورة الشيخ أحمد ياسين هي الطريقة التي أغتالوه بها.
إغتيال مسن
توفى الشيخ أحمد ياسين وهو في الـ68 من عمره، ولا تظن عزيزي القاريء ان وفاته، كان
بسبب معاناته من مراض شيخوخة، فعلى الرغم من أه كان قعيد كرسي متحرك، إلا أنه ظل
رمز سار الجميع خلفه، وأملا ورمزا تريد كل
الشباب أن يكونوا مثله، وعلى الرغم من حالته، قتلته قوات الإحتلال بتوجيه طائرة
أباتشي ضده وهو يأمم الصلاة على كرسيه المتحرك وهو مسن ضعيف، لقد كان ياسين أيقونة
لأنبل صور المقاومة وهو مسن ضعيف قعيد كرسي متحرك، ها هم أبناء فلسطين البواسل.
مروان البرغوثي
لا شك من أن خروج عهد التميمي، ان فرحة كبيرة لكل عربي، لكن لابد وأن نتذكر من لا
يزالون يعانون مرارة الأسر، خلف قضبان الإحتلال الإسرائيلي، أمثال مروا البرغوثي.
أعتقلت قوات الإحتلال الإسرائيلي، مروان البرغوثي عام 2002، حين
كان يشغل منصب أمين عام حركة فتح في فلسطين، ونائب منتخب في المجلس التشريعي
الفلسطيني، قد وضع إسرائيل في مأزق سياسي قانوني، وتصدرت عملية اعتقاله الرأى
العام الدولي وحتى الإسرائيلي، والتي اعتبرت اعتقاله يأتي في سياق سياسي وجزء
من الحرب على الرئيس الراحل ياسر عرفات في ذلك الوقت، ووصفه باللاشريك.
وأوضحت الهيئة، أن مائة يوم من
التحقيق العنيف والقاسي واجهها البرغوثي في أكثر من مركز تحقيق كالمسكوبية
وبيتح تكفا والجلمة والسجن السري، تركز الجزء الأكبر فيها حول علاقته بياسر
عرفات، وتمويل نشاطات الانتفاضة، والقرارات الصادرة حولها في محاولة
إسرائيلية لإدانة الرئيس الراحل ياسر عرفات، الذي اعتبره شارون غير شريك وفرض
حصاراً على "المقاطعة" مقر إقامته، وقام بتدمير مقرات السلطة،
وإعادة احتلال المناطق الفلسطينية في عملية أطلق عليها (السور الواقي).
ورفض القائد البرغوثي مراراً
وتكراراً الاعتراف بشرعية
المحكمة الإسرائيلية، معتبرًا اعتقاله "باطلاً وغير
شرعي" ووجه لائحة اتهام طويلة ضد سياسات الاحتلال الإسرائيلي، وأحدث
البرغوثي جدلاً في المجتمع الإسرائيلي ولدى قادته السياسيين، الذين وجدوا أن
اعتقاله قد أضرّ بالصورة "الأخلاقية" لإسرائيل، وقد علقت عشرات
البلديات في دول العالم، خاصة فرنسا صورة البرغوثي أمام أبوابها، وبعضها
أصدرت جوازات سفر للبرغوثي، وتحول إلى رمز وطني لحركة التحرر الوطنية، ومدافع
عن الحرية والعدالة الإنسانية.
البرغوثي يضع قواعد للتعامل مع الأسير
جرائم إسرائيل لن تنتهي، وستظل تصرفاتهم البربرية رمزا يوضح ماهيتهم، ولن يتوقفوا
عن ممارسات قتل الأبرياء وأسر الأبطال، لن يمكن القول بأن مروان البرغوثي وبإضرابه
ورفض المساس بكرامته يكون قد وضع قواعد وأجبر إسرئيل على إحترام الأسير، وإتباع
نمط معين في التعامل معه، وهو ما يزيد من قدره أكثر.
محمد الدرة
صرخ العالم أجمع بمختلف رموزه سواء في المنطقة العربية او بقية دول العالم، لأن
إسرائيل حاربت فتاة لم تتعد الـ16 عاما ووضعها خلف قضبان الأسر والسجن، فماذا يمكن
إذا أن نقول عن محمد الدرة الذي قتل أمام أعين العالم أجمع برصاص قوى الإحتلال
الغشم وهو في حضن أبيه.
ل يقاوم ولكن
لم يكن محمد الدرة قائد ثوري، ولم يحاول أن يحث على الجهاد والمقاومة ولم يحاول أن
يرفع صخرة في مواجهة المحتل ومع ذلك صار أيقونة للمواجهة، وشراره أشعلت نيران
الغضب أكثر لدى كل العرب وبات رمزا وجب تقديره وإحترامه حتى أنه بات أسمه يذكر في
مختلف الأغان الوطنية والسر يكمن في إصراره.
إصرار البقاء
أصر محمد الدرة على البقاء بجانب أبيه، رافضا كل المحاولات التي كان يسعى إليها،
لإنقاذه وحده حتى لا يطوله رصاص الغدر الإسرائيلي، رفض ترك أبيه وحده، ووسط نيران
القصف العشوائي أراد الدرة أن يعود سالما مع أبيه، وهو ما رفضته إسرائيل، وقتلت
قواتها هذا الطفل وهو في حضن أبيه ليكون شعله أندلعت حتى في نفوس أطفال العرب من
مختلف المنطقة العربية، لدرجة جعلت أطفال المدارس في سوريا ومصر والأردن ولبنان
يخرجون في مظاهرات حاشدة يطالبون حكوماتهم بإتخاذ موقف من ممثلي الكيان الصهيوني في
بلادهم.
العمليات الاستشهادية
تعد العمليات الاستشهادية من أكثر الأزمات التي تواجهها إسرائيل، فعلى الرغم من أن
من يقومون بها، ليسوا أسماء معروفة بشكل محدد لكنهم سيظلوا رموز نفتخر بهم ودماءهم
شرف يغتسل به جبيننا، فهؤلاء هم من يثيرون الخوف والرعب في نفوس محتل غاشم قتل
تميز بالإجرام واللامبالاة، والتمتع بسفك دماء الأبرياء، وهؤلاء الشباب الذين قررو
التضحية بأرواحهم من أجل أجيال قادمة هم في حقيقة الأمر ايقونة للمقاومة الباسلة
التي سنظل أن نفتخر بهم دائما.
عهد التميمي رمزا يحتذى بها، ويكفي نضالها وإصرارها ورغم صغر سنها إلا أنها رفضت الخضوع وتمكنت من حماية نفسها وأصرت على إتباع سياسة الدفاع ضد قوى الظلم، لكن لابد أن لا ننسى رموز وشخصيات وشعب سيظل كفاحة ومقاومته وإصراره، شرف ترفع به فلسطين وكل العرب هامتهم عاليا ويتشرفون بهم.