"تحت الشمس" المرأة التي كواها الواقع قبل حرارة الجو .. ما قصتها ؟
السبت 01/سبتمبر/2018 - 05:03 ص
شيماء اليوسف_ تصوير : محمد توفيق
طباعة
كم يعد التحرش سلوكا إجراميا متى فعله الرجال العرابيد حينما يعتدون على النساء، مغتصبين حرية سيرهن وملبسهن وحياتهن، وما أبجح جرأة هؤلاء الحمقى، الذين منحوا لأنفسهم الحرية وحرموها على غيرهم ! ولكن قد يكون التحرش أقل ضررا على المرأة من القهر ومن الانكسار ومن الاحتياج ومن الذل.. فهل من العدل أن يتساوى المرفهون المدللون بالمنتمين للطبقة الكادحة، أصحاب التجارب القاسية؟ هل من العدل أن يكون الميزان الذي تزن به مكارم هؤلاء وآثامهم واحد ؟
على أحد جانبي الأرصفة تجلس تلك التي لا يظهر من وجهها إلا ذلة النهار وتعاسة الأيام وتشرد الليل، ترتدي عباءة حالكة السواد يتدلى من أطرافها خيبات ضعف أضعاف عمرها، يا ترى من أجلسها منحنية هكذا، من كسر روحها الحزينة، من شيب رأسها قبل أوانه، من ألبسها الثوب الأسود ؟
تفترش الأرض تحت أشعة الشمس الحارقة اللعينة، تبتاع " المناديل " فكرة تجارية غير رابحة لامرأة في عمرها، قد تكون وسيلتها للتسول، ربما سلعة رخيصة هي الوحيدة التي كان بمقدورها شرائها، لا يعلم بخبايا أسرارها أحد، وليس هناك ما يجعلها تدفن رأسها في قاعدة المظلة ليشفق العابرين على حالها فيمنوا عليها بحفنة جنيهات قد لا تكفي ثمن وجبة واحدة طوال اليوم، تقعد على ورق مقوى ليحمي ثوبها المليء بالأتربة الغابرة التي يتصدع بها الشارع وتنقلها الأقدام.
لكن.. أين الرجل الذي تعيش في كنفه ؟ أهو والدها وقعيد في البيت إن كان هناك من الأساس بيت ! ويعالج سكرات الموت ويتلقى العلاج على فراشه الممزق، أهو زوجها ومات.. وترك لها مسئولية أطفالها الأيتام ينتظرون لقمة عيش واحدة، تحميهم من ظلمات الجوع، ولها ابنة في مقتبل العشرين تنتظر أن يدق بابها شاب فتفرح ككل الفتيات، فتعمل أمها من أجل أن تجهز لها حاجات عرسها بديلا عن الاقتراض ثم تتراكم عليها ديون الليل فتدخل السجن ويقتحم الحزن بيتها ويخيم على أعين أبنائها مرارة العيش أو يخرجوا للشارع الذي لا يرحم الضعفاء.
أين أولياء الأمر من هؤلاء الذين علقوا أحمالهم وأوزارهم في عنق الشارع، وأين الداعون لحقوق الإنسانية وفرائضها وواجباتها، أم يثورون فقد على السياسيين وأصحاب الأبواق الفارغة وأصحاب الدعوات المنافقة والخارجين على النظام الحكومي والمعادون لسياسات الدولة؟ لماذا لا يبحثون في شئون هؤلاء المنكسرين، الذين غلبتهم ذلة العيش وزحام المشكلات ورمتهم الأزمات في الطرقات ؟
تصدعنا من وعظ الأئمة في قضايا ازدراء الأديان وفي الخوف من الله وفي إتباع السنة المحمدية وإقامة الصلوات وأن حج البيت فرض لمن استطاع ومن سماع عبارات رنانة تؤكد الفضيلة وأن الحجاب فرض والنقاب مستحب والستر أمر واجب ولازم.. لكن أين مصير هؤلاء من الفتوى، أين أموال بيت الزكاة، هل بمقدورنا أن نصنع مجتمع بلا باعة جائلين وبلا متسولين وبلا منافقين؟ ليس بمعنى المثالية المجتمعية ولكن على الأقل حياة كريمة لكل مواطن خلق ليعيش كأي إنسان على وجه الأرض.
على أحد جانبي الأرصفة تجلس تلك التي لا يظهر من وجهها إلا ذلة النهار وتعاسة الأيام وتشرد الليل، ترتدي عباءة حالكة السواد يتدلى من أطرافها خيبات ضعف أضعاف عمرها، يا ترى من أجلسها منحنية هكذا، من كسر روحها الحزينة، من شيب رأسها قبل أوانه، من ألبسها الثوب الأسود ؟
تفترش الأرض تحت أشعة الشمس الحارقة اللعينة، تبتاع " المناديل " فكرة تجارية غير رابحة لامرأة في عمرها، قد تكون وسيلتها للتسول، ربما سلعة رخيصة هي الوحيدة التي كان بمقدورها شرائها، لا يعلم بخبايا أسرارها أحد، وليس هناك ما يجعلها تدفن رأسها في قاعدة المظلة ليشفق العابرين على حالها فيمنوا عليها بحفنة جنيهات قد لا تكفي ثمن وجبة واحدة طوال اليوم، تقعد على ورق مقوى ليحمي ثوبها المليء بالأتربة الغابرة التي يتصدع بها الشارع وتنقلها الأقدام.
لكن.. أين الرجل الذي تعيش في كنفه ؟ أهو والدها وقعيد في البيت إن كان هناك من الأساس بيت ! ويعالج سكرات الموت ويتلقى العلاج على فراشه الممزق، أهو زوجها ومات.. وترك لها مسئولية أطفالها الأيتام ينتظرون لقمة عيش واحدة، تحميهم من ظلمات الجوع، ولها ابنة في مقتبل العشرين تنتظر أن يدق بابها شاب فتفرح ككل الفتيات، فتعمل أمها من أجل أن تجهز لها حاجات عرسها بديلا عن الاقتراض ثم تتراكم عليها ديون الليل فتدخل السجن ويقتحم الحزن بيتها ويخيم على أعين أبنائها مرارة العيش أو يخرجوا للشارع الذي لا يرحم الضعفاء.
أين أولياء الأمر من هؤلاء الذين علقوا أحمالهم وأوزارهم في عنق الشارع، وأين الداعون لحقوق الإنسانية وفرائضها وواجباتها، أم يثورون فقد على السياسيين وأصحاب الأبواق الفارغة وأصحاب الدعوات المنافقة والخارجين على النظام الحكومي والمعادون لسياسات الدولة؟ لماذا لا يبحثون في شئون هؤلاء المنكسرين، الذين غلبتهم ذلة العيش وزحام المشكلات ورمتهم الأزمات في الطرقات ؟
تصدعنا من وعظ الأئمة في قضايا ازدراء الأديان وفي الخوف من الله وفي إتباع السنة المحمدية وإقامة الصلوات وأن حج البيت فرض لمن استطاع ومن سماع عبارات رنانة تؤكد الفضيلة وأن الحجاب فرض والنقاب مستحب والستر أمر واجب ولازم.. لكن أين مصير هؤلاء من الفتوى، أين أموال بيت الزكاة، هل بمقدورنا أن نصنع مجتمع بلا باعة جائلين وبلا متسولين وبلا منافقين؟ ليس بمعنى المثالية المجتمعية ولكن على الأقل حياة كريمة لكل مواطن خلق ليعيش كأي إنسان على وجه الأرض.
المرأة البائعة