كانت أﺧﺮ أﻳﺎﻡ الشيخ الشعراوي شاهدة ودالة على حسن سيرة هذا الرجل، الذي طالما عشقه المصريين، فلقد عاش مدافعًا عن الحق طوال عمره ؛ حيث وهب حياته للدعوة الإسلامية، ولم يتكاسل يومًا عن القيام بواجباته فى الدفاع عن هذا الدين حتى شهد له خصومه بذلك، فدخل على يده الكثير إلى الإسلام.

وﺗﻮﻓﻲ الشعراوى ﻳﻮﻡ ﺍﻻﺭبعاء ١٧/ ٦/ ١٩٩٨ ﻋﻦ عمر يناهز ٨٧ ﺳﻨﺔ، وﻗﺒﻞ ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ ﺏـ ١٨ ﻳﻮﻡ ﺍﻧﻘطﻊ ﻋﻦ ﺍﻻﻛﻞ نهائيًا، ﻭعندما كانت تأتية إبنته بالطعام، كان ﻳﻘﻮل ﻟﻬﺎ: ﻣﺎﻧﺎ ﻟﺴﺔ ﻭﺍﻛﻞ، ﺗﻘﻮﻟﻪ: ﻃﺐ ﺧد ﻓﺎﻛﻬﺔ طيب ﻳﻘﻮل : ﻣﺎﻧﺎ ﻟﺴﺔ ﻭﺍﻛﻞ ﻣﺎﻧﺠﺎ ﺍﻫﻮ ﻣﺎﻧﺎ ﻟﺴﺔ ﻭﺍﻛﻞ ﺗﻔﺎﺡ ﻭ ﻫﻜذا.

وإﻧﻘطﻊ بعدها بإسبوع ﻋﻦ ﺍﻟﺸﺮﺏ، وفى بعض الأحيان ﻳﻨﺎﻡ ﻓﺠﺄﺓ ﺑﺎﻟﺴﺎﻋﺎﺕ، دون أن يتحرك، ولا يستجيب لمن يقوم بإيقاظه، مما دفع نجله ليقول لهم إذا رغبتوا في إيقاظه فعليكم بالجلوس بجانبه وقراءة القرآن؛ حيث أنه في حالة وقوعكم في خطأ سيقوم بالتصحيح ، وهو ما حدث بالفعل.

 وﻗﺒﻞ ﺍﻟﻮﻓﺎﻩ بـ  ٣ أﻳﺎﻡ، كان نجله عبد الرحيم ﻛﺎﻥ جالسًا فى شقته، ليجد ابنته تقول له " إن ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺳﺄﻟﻬﺎ ﺍﺑﻮﻫﺎ ﻓﻴﻦ ﻗﺎﻟﺘﻠﻪ ﻓﻮﻕ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﻗﻮﻟﻲ ﻷﺑﻮﻛﻲ ﻳﺠﻬﺰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ، ﻗﺎﻟت له ﺣﺎﺿﺮ ﻓﻘﺎﻟﻬﺎ ﻫﻮ: ﺍﻟـنـﻬﺎﺭﺩﺓ ﻛﺎﻡ ﻗﺎﻟت له ١٤ فعد على إيده ١٤ ١٥ ١٦ﻳﺎﺍﺍﻩ ١٧ ﻷ ﻗﻮﻟﻴﻠﻪ ﺟﻬﺰ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺴﺮﻋﺔ،ﺟﺎﺕ ﺗﻤﺸﻲ ﻗﺎﻟﻬﺎ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭﺩﺓ ﺍﻳﻪ ﻓﻲ ﺍﻻﻳﺎﻡ ﻗﺎﻟﺘﻠﻪ الأحد ﻗﺎﻟﻬﺎ: ﺍﻟﺤد ﺍﻻﺗﻨﻴﻦ ﺍﻟﺜﻼﺕ ﺍﻭﻭﻩ ﻷ ﻗﻮﻟﻴﻠﻪ ﻳﺎ ﺑﻨﺘﻲ ﺑﺴﺮﻋﺔ ".

فعندما روت الطفلة لوالدها عبد الرحيم، أجرى اتصالًا بأحد أقاربه ليقول له "ﺟﻬﺰ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ﺍﻟﻠﻲ ﺍﺗﻔﻘﻨﺎ ﻋﻠﻴﻬﺎ "، وعقب ذلك ذهب لوالده ليقول له : " ﻗﻮﻟت ﻟﻌﺒد ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ، ﻗﺎﻟﻪ: ﺍﻩ ﻳﺎ ﻣﻮﻻﻧﺎ ﻗﺎﻩ ﺑﺮﺍﻓﻮ ﻋﻠﻴﻚ ﻓﻬﻤﺘﻨﻲ ﻳﺎ ﻭلا".


'' و ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻮﻓﺎﺓ ﺑﻴوﻡ، ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ١٢ ﺑﻠﻴﻞ قال  ﺍﻟﺸﻌﺮﺍﻭﻱ لنجله: " أﻧﺎ ﻋﺎﻳﺰ ﺍﺳﺘﺤﻤﻲ "، وقال " الشعراوي " لـ " اسرته " : أﻧﺎ ﻋﺎﻳﺰﺓ ﻟﻴﻔﺔ ﺧﺸﻨﺔ ﻭ ﺗدﻋﻜﻮﺍ ﺟﺴﻤﻲ ﺟﺎﻣد ﻭ ﻫﺎﺗوﻟﻲ ﻟﺒس جديد خالص، ﻭﺟﻼﺑﻴﻪ ﺑﻴﻀﺎ جديدﺓ " ثم قام بتقليم أظافره.

وقال نجل الشعراوي له : "  ﻫﺘﻌﻤﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﺮﻳﺲ ﻭﻻ ﺍﻳﻪ "،  ﻓﻘﺎﻝ : '' ﺍﻳﻮﻩ ﺻﺢ ﻛدﺓ ﺍﻧﺎ ﻋﺮﻳس ''.

وعندما جاءت الساعة الثالثة فجرًا قال الشعروي لأبنائه: " ﺍطلعوا ﺑﺮﺓ ﺑﻘﻲ ﻭ ﺳﻴﺒﻮﻧﻲ ﺷﻮﻳﺔ ﻣﻊ ﺭﺑﻨﺎ ﻓﺎﻟﺮﺟﺎﻟﻪ طﻠﻌﻮﺍ ﺍﻟﺸﻘﻖ ﻓﻮﻕ ﻭ ﺍﻟﺒﻨﺎﺕ ﻗﻌدﻭﺍ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻴت ﺗﺤت ".

ويوم الوفاة ، في تمام الساعة 6 ونصف صباحًا ، استيقظ نجل الشعراوي على بكاء اخته ، وعندما تساءل عن السبب قالت: "  ﺍﻧﺎ ﺟﻴت ﺍﺩﺧﻠﻪ ﻋﺸﺎﻥ ﻳﻤﻜﻦ ﻣﺼﻼﺵ ﺍﻟﻔﺠﺮ ﺟﻴت ﺍﻓﺘﺢ ﺍﻻﻭﻛﺮﺓ ﻣﻔﺘﺤﺘش ﻓﺰﻗﻴت ﺍﻟﺒﺎﺏ ﻟﻘﻴﺘﻪ ﻓﺘﺢ ﻭ ﺯﻋﻘﻠﻲ ".

وسأل نجل الشعراوي والده عن سببغضبه من اخته، قال : " ﺳﻴﺒك ﻣﻨﻬﺎ ﺍﺣﻨﺎ ﻗﺎﻋدﻳﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ﻭ ﺩﻱ ﺩﺍﺧﻠﺔ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭ ﻫﻲ ﻣش ﺷﺎﻳﻔﺎﻫﻢ ﻭ ﻣﻤﻜﻦ ﺗدﻭﺱ ﺣد ﻓﻴﻬﻢ ﻓﺨﻮﻓت ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭ ﺯﻋﻘﺘﻠﻬﺎ ﻣﺸﺘﻤﺘﻬﺎﺵ. "

وبشكل مفاجيء امتد الشعراوي على " السرير " ونظر إلى الأعلى وقال : " الله الله ﺍﻫﻼ ﻭﺳﻬﻼ ﺳﻴدﻱ إﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺍﻫﻼ ﺳﺘﻲ ﺯﻳﻨب ﺍﻫﻼ ﺳﻴدﻧﺎ ﺍﻟﺤﺴﻴﻦ ﺍﻫﻼ ﻛذا ﻭ ﻛذﺍ ﻭ ﻗﺎﻝ ﺍﺳﺎﻣﻲ ﻛﺘﻴﻴﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﺳﺎﻣﻲ الأولياء ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻴﻦ، ﺍﻧﺎ ﺍﺳﺘﺎﻫﻞ ﻛﻸ ﺩﺓ !! ؟؟ ﻟﻴﻪ ﻛدﺓ ﺍﻧﺎ ﺟﺎﻱ ﺍﻫﻮ ﺍﻧﺎ ﺟﺎﻱ ".

وقال " الشعراوي " : " أﺷﻬﺪ ﺍﻥ ﻻ ﺍﻟﻪ ﺍﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭ ﺍﺷﻬﺪ ﺍﻧﻚ ﻣﺤﻤﺪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ "أخر ما قال وتوفى.

 " ﻓﻜﺸﻔﻨﺎ ﻋﻨﻚ ﻏﻄﺎﺀﻙ ﻓﺒﺼﺮﻙ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺣدﻳد '' ﺻدﻕ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌظيم، رحم الله الشيخ الشعراوى رحل عن الدنيا تاركا سيرة حسنة شهد بها العالم أجمع، " فعلا دى زفة عريس ".