صور.. آثار مدينة رشيد بـ البحيرة.. تصارع الزمن لتضع اقدامها مجددا على خريطة السياحة العالمية
السبت 15/سبتمبر/2018 - 08:43 م
محمد وجيه
طباعة
على أحد فرعى نهر النيل، تقع مدينة رشيد، بمحافظة البحيرة، عاصمة الكنوز المعمارية الإسلامية، التى تصارع الزمن لتنهض بآثارها من الإهمال، لتضع أقدامها بثبات مجددًا على خريطة السياحة العالمية، باعتبارها ثانى مدينة بعد القاهرة تضم بين جنباتها كنوز الآثار الإسلامية، لتستعيد روادها الذين يعشقون مشاهدة الفن المعمارى الإسلامى، خاصة بعد إعطاء وزارة الآثار شارة البدء فى إعادة إحياء هذه المدينة ووضعها على الخريطة السياحية ضمن المنظومة التى تتم حاليا وتفعيل خطة تطوير رشيد، المقررة والمتوقفة منذ عام 2008.
يرجع اسم مدينة رشيد إلى الاسم المصري القديم “رخيت” والذى أصبح “رشيت” في العصر القبطي، بها وُجد حجر رشيد الذى تم بفضله حل رموز الكتابة المصرية القديمة، وهو حجر من أحجار البازلت الأسود بطول متر وعرض 73 سم وبسمك 27 سم ويعود تاريخه إلى عام 196 ق.م مسجل عليه محضر تنصيب الكهنة الملك بطليموس الخامس والإعتراف به ملكا على البلاد.
و بمدينة رشيد يوجد متحف مفتوح به مجموعة من أندر وأهم الآثار من مختلف العصور، التي مرت بمصر، كما تتمتع بجمال الطبيعة ما جعلها مقصدًا لهواة السياحة الخضراء في العالم، حيث يمر فيها فرع النيل من أولها إلى آخرها حتى يصب في البحر المتوسط، وبها نقطة التقاء نهر النيل بالبحر المتوسط وبها مصيف جميل هادئ على البحر، وأيضًا مصيف آخر على النيل وطقسها لطيف صيفًا وشتاء. وتحيط بها أشجار النخيل وحدائق الفواكه من كل جانب.
تبعد مدينة رشيد عن القاهرة نحو 262 كيلومترًا من جهة الشمال، وهي تنتمي إداريًا لمحافظة البحيرة، وأولت الأجهزة الرسمية في مصر اهتماما برشيد لأجل وضعها على خريطة السياحة بالصورة التي تتناسب مع ما تتمتع به من مقومات فريدة يندر وجودها في أي مكان آخر، إلى جانب تاريخها النضالي الطويل.
وأكد أيمن كمال الخبير السياحي إن مدينة رشيد من أهم المدن التاريخية في العالم، وهناك خطة عمل للحفاظ عليها كمدينة أثرية للاستفادة منها في دعم السياحة المصرية خلال الفترة المقبلة، خاصة أنها تعد من مدن التبادل الحضاري كونها كانت تشهد مرور الكثير من الأجانب والجنسيات المختلفة والكثير منهم عاشوا فيها بحكم التجارة.
وأضاف "كمال" ان رشيد بها آثار من عصور مختلفة فرعونية وإغريقية ورومانية، وأخرى من زمن الفتح العربي ودولة المماليك وزمن محمد علي باشا.
وقال مصطفي الرشيدي، احد شباب البرلمان، وابن مدينة رشيد، أن الزائر للمدينة يمكنه تفقد معالمها السياحة بسهولة ويسر، حيث تربطها شبكة من الطرق المرصوفة والواسعة التي تسهل حركة المرور.
وتابع "الرشيدي" ان رشيد تضم اثنين وعشرين منزلا أثريا متناثرة في شوارعها، وقد بنيت هذه المنازل من «الطوبة الرشيدي» السوداء، والمنازل تعكس ما كان يتميز به أهل المدينة في عصري المماليك والعثمانيين من التقدم في العمارة والنجارة والبناء، كما تعكس الطابع الإسلامي الذي كان موجودًا في ذلك الوقت بما تحويه من مشربيات وصالات استقبال ونقوش كوفية وأشغال صوفية أو قباب مبنية بالطوب، وأهمها بيت "الأمصيلي" ويعود إنشاؤه إلى عثمان آغا الطوبجى عام 1213 هـ -807م، ويتكون من ثلاثة أدوار ويمتاز بطرازه المعماري الفريد المعتمد على التشكيلات الخشبية الرائعة والمطعم بالصدف وسن الفيل، وبه أسقف من الخشب بها نقوش عربية وأطباق على شكل نجوم. وهناك منزل حسيبه غزال وهو ملحق ببيت الأمصيلي، وهو مخصص للنوم، وتتميز عمارته بوجود كمية كبيرة من الخرط الخشبي بأشكاله المختلفة من ميموني وصهريجي وكنائسي، وهذه الأنواع يندر وجودها الآن كما تلفت النظر في عمارة المنزل أيضا "السرة"، التي تتوسط المنزل، والتي كانت مخصصة لوضع القنديل لإنارة البيت.
وأشار "الرشيدي" الي انه على بعد خطوات من هذا المنزل يوجد بيت أثري آخر هو بيت الميزوني البواب، وتم بناؤه عام 1153هـ -1740م، ويقال إن زبيدة زوجة الجنرال جاك مينو القائد الثالث للحملة الفرنسية على مصر كانت تعيش في هذا البيت قبل أن تتزوجه ويشهر إسلامه بعد ذلك وسمى نفسه عبد الله مينو، والمنزل يتكون من أربعة طوابق الأول عبارة عن مخزن للغلال وسبيل مياه، والثاني "سلاملك"، أما الثالث "حرملك"، وكذلك حجرات خاصة لأهل البيت، ويحتوي الدور الرابع على حمام وبعض الحجرات الخاصة بإقامة النساء. وبالقرب منه تقع طاحونة "أبو شاهين" الأثرية وهي مزدوجة ذات مدارين لا يزالان صالحين للاستعمال إلى اليوم.
و استطرد " الرشيدي " قائلا: ان رشيد تتمتع بوجود متحف يضم قرابة 700 قطعة أثرية من عصور مختلفة، يتكون من مبنيين أحدهما مبنى أثري، يتكون بدوره من ثلاثة طوابق، يرجع إلى عصر الدولة العثمانية وكان في الأصل بيت عرب كيلي محافظ رشيد في ذلك الوقت، وفي الستينات تم تحويل المبنى إلى متحف صغير لإبراز دور المدينة في مقاومة الحملة الفرنسية، ثم حملة فريزر الإنجليزية، ويضم المتحف مقتنيات ونماذج تبرز كفاح شعب رشيد والمعارك التي خاضها ضد المستعمر الفرنسي والإنجليزي، وتتضمن نماذج وصورا للمعارك وللحياة الأسرية في رشيد والصناعات الحرفية الشعبية ومخطوطات وأدوات للحياة اليومية، بالإضافة إلى نسخة من حجر رشيد الذي كشف عنه عام 1799 ومجموعة من الأسلحة من القرنين 18، 19.
واكد منجي السيد موظف بمجلس المدينة ان مدينة رشيد بها مجموعة من المساجد الأثرية النادرة أبرزها مسجد «أبو مندور»، الذي يقع أقصى الناحية القبلية للمدينة في مكان ساحر هو تلة "أبو مندور"، التي تتخذ شكل شبه جزيرة، وهي عبارة عن ربوة مرتفعة تتمتع بآيات الفن والجمال، ويرتفع السقف الغربي للمسجد على أربعة أعمدة من الرخام الأبيض المزخرف، وقاعدته منقوشة بنقوش إسلامية، وللمسجد ست شبابيك وعلى يسار الداخل من الباب البحري يوجد قبر صاحب المسجد.
لافتا ان هناك مسجد "زغلول"، ويعود تاريخ إنشائه إلى عام 985 هـ -1577م، وهو يتكون من جامعين متصلين ببعضهما النصف الشرقي ويعرف باسم "الإيوان" والنصف الغربي أسسه زغلول وهو مملوك لأحد المماليك الذين عاشوا في القرن السابع عشر الميلادي ويبلغ طول المسجد 90 مترًا وعرضه 48 م، ويحتوى على 244 عمودا من الرخام والجرانيت تحمل سقفا على شكل قباب صغيرة على الطراز العثماني، ويسجل التاريخ لهذا المسجد أنه في عام 1807م صدرت منه إشارة بدء المقاومة الشعبية للانقضاض على حملة فريزر وانتقم الإنجليز منه فحطموا إحدى مئذنتيه.
مضيفا ان مدينة رشيد من المدن القليلة التى لاقت شهرة عالمية بين المدن المصرية، بما تمتلكه من آثار متنوعة، خاصة الآثار الإسلامية التى تجعلها أقرب لمتحف مفتوح للعمارة الإسلامية بكل عناصرها، متفردة عن مدن كثيرة، ولا تلقى اى نوع من الاهتمام للحفاظ على الكنوز المعمارية الأثرية بالمدينة.