5 أشخاص فقط كانوا يعرفون سر استخدام اللغة النوبية كشفرة حربية .. من هم
الجمعة 21/سبتمبر/2018 - 02:22 م
شيماء اليوسف
طباعة
الحرب مكيدة و خدعة، و النصر فكرة، و كانت اللغة النوبية، فكرة و شفرة النصر في حرب أكتوبر 1973م، قدمها جندي مناضل، كرس حياته لخدمة جيش وطنه، العم أحمد محمد أحمد إدريس، الذي ولد بأرض الذهب " النوبة " في قرية توماس و عافية، بأسوان في فترة الأربعينيات، و قد حصل على شهادته الابتدائية عام 1950م، و بعدها تطوع كمجند في الجيش المصري ضمن قوات حرس الحدود، على غرار أقرانه و عائلته ممن عاشوا حياتهم من أجل الجيش المصري و خاضوا كل حروبه.
في الواقع الجيش المصري في تلك الفترة كان لا يقبل في المتطوعين إلا النوبيين و السودانيين لأسباب ما، و قد شاء القدر الحكيم أن يكون البطل أحمد إدريس احد المصطفين في صفوف الأبطال، ليقترح استخدام اللغة النوبية كسرا حربيا، ليضلل العدو و يفتك مخططاته و يقسم شوكة ظهره.
نصر أكتوبر
صاحب اقتراح اللغة النوبية كشفرة حربية
المقاتل أحمد إدريس مع الرئيس السيسي
كان اقتراح اللغة النوبية كشفرة سرية لم يأت من واقع الصدفة، بل هي مكيدة دبرت بعقل مرصع بالحنكة و الموعظةـ فبعد ثلاثة أشهر من رحيل الرئيس جمال عبد الناصر، تولى زمام الدولة الزعيم الراحل السادات، و كلما بعث شارة عسكرية لقادة الجيش فك رموزها الصهاينة، ما جعل السادات يناقش الأمر مع القادة مطالبهم بسرعة التخلص من هذه المشكلة و عرض حلول بديلة لتبادل الإشارة و التعليمات العسكرية.
سمع النوبي قائد اللواء و رئيس أركان حرب القوات المسلحة يتناقشا في الأمر كان وقتها برتبة " شاويش " أي رقيب عسكري بقواتنا المسلحة، فضحك، لاحظ القائدان ضحكه فاستغربا، فسألاه عما يضحكه! فالأمر بالطبع لا يبدو مضحكا، و هي بالكاد مشكلة فأن فك شفرة كل رسائل القيادة تعني أن العدو سيأخذ حذره و يستعد بشكل تام لكل أمر من الممكن أن يحدث، فاقترح وقتها العم إدريس استخدام اللغة النوبية " اللغة التي تسمع و لا تقرأ " كشفرة سرية لإرسال و استقبال التعليمات.
التفتا القائدان فكرة المقاتل من استخدام الشفرة النوبية كأداة لإرسال و استقبال الاشارات ، استغربا و أبديا تعجبهما، و لكن عرضا المقترح على الرئيس السادات، و هذا يبين أن حرب أكتوبر كانت نصرا من طراز رفيع، حيث يوضح هذا الموقف قيمة استماع القائد لمن يقوده و أن الخير في الشباب المصري يجود يوما بعد يوم، فكيف يكون حالنا اليوم إذا أخذنا بهذه العبرة و ظل القائد و المدير في كل مؤسسة يستمع إلى اقتراحات و رؤى الشباب و أفكارهم التي تجلب النصر.
نصر أكتوبر
موقف الرئيس السادات من العم إدريس
الزعيم الراحل أنور السادات
ظلت فكرة استخدام اللغة النوبية في كشفرة، سرا لا يعرفه احد إلا خمسة أشخاص حتى ساعة النصر، هم " العم إدريس " صاحب الفكرة" و الرئيس السادات و قائد اللواء و قائد الجيش و رئيس أركان حرب القوات المسلحة ".
اخبر رئيس أركان حرب القوات المسلحة، الرئيس السادات بأنه تم الوصول إلى حل يجعل الأمر صعبا في فهم و فك الشفرات الخاصة بالتعليمات و هو استخدام اللغة النوبية لتبادل الإشارة، مؤكدا له أن هذه الفكرة اقترحها جندي بالجيش، استغرب الرئيس السادات و أمر بتنفيذ الفكرة في سرية تامة، و إحضار الجندي مقيدا.
اصطحب البطل حيث مكتب الرئيس و ظل طويلا ينتظره، حتى جاءه ووجده جالسا على فوهة بركان من الفزع و الخوف، فوضع الرئيس يده على كتف البطل و طمأنه في لمسة أبوية، ثم جلس يحاوره عن فكرة استخدام اللغة النوبية كشفرة سرية لإرسال و استقبال الإشارة، فشرح للرئيس أسباب اختيار هذه الفكرة و اعتمادها بشكل تام على أشخاص نوبيين، يجيدون التحدث بالنوبية.
الزعيم الراحل أنور السادات
جرأة الجندي و حكمة القائد
نصر أكتوبر
كان البطل أحمد إدريس جندي جريئا، و السادات أيضا كان قائدا حكيما، و جرأة الجندي جعلته يسأل قائده عن سبب اصطحابه مقيدا حيث مقر الرئاسة، فقال له الرئيس الراحل أن الأمر كان يتطلب ذلك فلو أنه ذهب لمقابلة الرئيس معززا و مكرما سيثير لعاب أسئلة الجنود و الضباط و القادة عن الفعل العظيم الذي قدمه الجندي المغمور هذا ليقابل الرئيس، لكن ذهابه مقيدا سيجعل الجميع إما يظن أنه جاسوس و سيتم قتله و إما متهم و سيتم عقابه و حبسه، بدون طرح أسئلة، وهذا أيضا موقف يجسد حكمة القادة العريقة الفكر و لو أن جميعنا سار على هذا الدرب لانتعش حال مجتمعنا.
نصر أكتوبر
تنفيذ الفكرة و تحقيق النصر
نزل البطل أجازة حيث أسوان، لاحقه الطريق مظروفا من قيادة الجيش يستدعيه لاستكمال مهماته في الجيش، فعاد سريعا ووجد 344 جنديا نوبيا قسموا على شكل معسكرات في سيناء، نفذت لهم محطات هاتفية بأسماء نوبية، ليكون لكل قائد و فصيل و رئيس و كتيبة شخص يتحدث اللغة النوبية، و في ليلة الجمعة تلقوا أمرا بالانسحاب و في عيد الغفران تم ضرب الكيان الصهيوني.