ميكيوموتو كويتشي.. حكاية بائع الأرز الذي غير خارطة الصناعة اليابانية
الأربعاء 10/أكتوبر/2018 - 03:46 م
شيماء اليوسف
طباعة
كان ميكيوموتو كويتشي، يعيش فقيرا في إحدى القرى اليابانية وتدعى " توبا" يعتمد بيع الأرز المسلوق ويستخدمه كمصدر رزق له، وقد ورث هذه المهنة عن والده الرجل الأكثر فقرا الذي كان يقضي طيلة نهاره في دفع عربة الأرز داخل الشوارع والأزقة، لكن كويتشي، لم يستمر طويلا في بيع الأرز، حتى امتهن صيد الأسماك والغوص.
اكتشف ميكيوموتو كويتشي، خلال مهنته الجديد وغوصه نحو القيعان المائية فكرة جديدة جدا وهي صيد اللؤلؤ، وبيع الأصداف، وكان حريصا جدا على جمع النادر منها، شغلت باله العديد من الأسئلة التي لم يجد أحدا ليجيب له عنها، ودائما ما كان يشعر أنه يريد المزيد من المعرفة، وفي يوم من الأيام ذهب ميكيوموتو، إلى أحد رفاقه الذين يعملون في مجال "الأحياء المائية".
ميكيوموتو كويتشي
ربما كانت هذه الرحلة القصيرة التي اتخذها ميكيوموتو كويتشي، لصديقه، نافذة المعرفة بالنسبة له حيث سيطلع من خلالها على إجابات للأسئلة التي تدور في رأسه، حتى أنه عندما التقى بصديقه، سأله لماذا يوجد اللؤلؤ في القواقع، ولماذا يوجد في بعض القواقع والبعض الأخر لا يوجد به؟
لكنه صديق ميكيوموتو كويتشي، لم يكن نافذة معرفة فحسب بل كان نابغا في علم "الأحياء المائية" حيث شرح له السبب وراء وجود اللؤلؤ في القواقع بأن الطفيليات التي توجد في البحر تتسل نحو القوقعة وترتكز في داخلها وتجرح لحمها الناعم، بيد أن القوقعة تقوم بإفراز مادة جيرية شفافة تحاصر من خلالها الجسم الطفيليات التي تخللت داخلها وتقوم بعزل هذا الجسم عنها، وتعد المادة الجيرية التي تفرزها القوقعة هي اللؤلؤ، بينما الطفيليات، قد تكون حبة رمل أو بعض الحشرات المائية أو قشرة سمكة، أو غيره.
ميكيوموتو كويتشي وإنتاج اللؤلؤ الزراعي
ميكيوموتو كويتشي
وقد فتح حوار ميكيوموتو كويتشي مع صديقه عالم الأحياء المائية، باب فكرة صناعية إنتاجية تستهدف إنتاج اللؤلؤ بطريقة صناعية، وأصبحت الفكرة لا تفارق خياله وذات مرة قرر أن يدخل جسما غريبا في كل قوقعة يجدها، وبالفعل قام بجمع عدد كبير من القواقع، وظل يفتحها بعناية دقيقة، ثم أدخل فيها هذه الأجسام، وترك القواقع قرابة عامين ثم ذهب ليكتشف اللؤلؤ، لكنه صدم بموت جميع القواقع.
حاول ميكيوموتو كويتشي، مجددا أن يصنع اللؤلؤ بنفس الطريقة التي جربها في المرة السابقة ولكنه فشل للمرة الثانية بسبب هبوب العواصف، وتعرض لخسارة كبيرة، وبالرغم من ذلك لم ييأس، وظل في طور التجربة نحو خمسة عشر عاما، حتى انخفضت درجة حرارة الماء إلى أقل من سبع درجات مئوية، مما أثرت سلبا على القواقع وقد أدت إلى موتها.
التجارب الأولية لإنتاج اللؤلؤ الزراعي
ميكيوموتو كويتشي
قام ميكيوموتو كويتشي، بنقل القواقع المعرضة للموت من القيعان الباردة إلى مياه دافئة، على أن يتم نقل القواقع بمعزل عن بعضها، لأن نقل هذه القواقع جميعها في قفص واحد سيعرضها للموت، وحرص كويتشي أن يتلافى جميع الأخطاء التي وقع خلال تجاربه السابقة، وبالرغم من تجنب كل الاحتياطات اللازمة إلا أن القواقع كانت تموت.
تعرض ميكيوموتو كويتشي، للإفلاس بسبب إنفاقه الطويل على عملية صناعة اللؤلؤ من القواقع، فكيف لم ييأس بعد تجارب استمرت نحو خمسة عشر عام وجميعها فشلت؟ وصل به الأمر أن اتهمه الناس بالجنون، نظرا لحالة الفقر المدقق التي وصل إليه بسبب تجاربه الخاسرة، ولما ضاق صدره من تجاربه، التي لم تعد تعطي نتيجة صالحة، قرر أن يعود لبيع الأرز مستخدما عربة أبيه.
زوجة ميكيوموتو كويتشي ودورها في اكتشاف المستور
ميكيوموتو كويتشي
كانت زوجة ميكيوموتو كويتشي، مؤمنة تماما بزوجها على يقين به وبمحاولاته رغم فشلها الذريع، وقد رفضت أن يترك تجاربه التي كلفته وقتا وجهدا ومالا حيث يعود إلى بيع الأرز المسلوق مرة أخرى، بل فضلت أن تبيع هي الأرز وتدفع بالعربة بديلا عن زوجها، بل أكدت له أنه سيجد اللؤلؤ وأعطت له الأمل.
وضع ميكيوموتو كويتشي، خطة لدراسة إحدى القواقع ليعرف بالضبط مكان هذه اللؤلؤة داخل القوقعة، واستطاع بعد دراسة العديد من القواقع وتفحيصها وتمحيصها، من أن يصل إلى المكان الذي تركز داخله الأجسام الغريبة داخل القوقعة، وبعد عامين، كانت زوجته ذاهبة نحو الشاطئ حيث أقفاص القواقع، وفوجئت صارخة بوجود لؤلؤة داخل إحدى القواقع، وكانت هذه اللؤلؤة تعد بمثابة أول لؤلؤة يتم زراعتها في اليابان خلال عام 1859م.
ومنذ ذلك اليوم، وقد أصبح ميكيوموتو كويتشي، من أثرى الأثرياء في العالم، وكان واحدا ممن جعلوا اليابان من أقوى الدول الصناعية، بل وأصبح لميكيوموتو كويتشي، شركاته ومصانعه الكثيرة التي خصص لها يوم اكتشاف زوجته نجاح تجاربه أجازة رسمية من كل عام، وتمكن بعدها من التحكم في لون وحبات اللؤلؤ وأيضا في عدد هذه الحبات في القوقعة الواحدة.