أختفي جمال أحمد حمزة خاشجقي عن الأنظار وترك لنا حرب شرسة تشن على المملكة العربية السعودية عامه ، و على ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" خاصة ، ولكن من هو جمال خاشقجي الذي تصدر العناوين فجأة وأصبح مشهوراً خفياً أكثر من وجوده جلياً.
فهو "جمال أحمد حمزة خاشقجي" من مواليد المدينة المنورة للعام 1958م ، فهو صفحي و إعلامي سعودي و رأس العديد من المناصب الصحفية و الأعلاميه الرفيعة المستوي في المملكة أبان الحقبة الماضية ، وعمل أيضاً منذ العام 2004 مستشارًا إعلاميًّا لسمو الأمير "تركي الفيصل بن عبد العزيز آل سعود" السفير السعودي في لندن ومن ثم في واشنطن ، بعد أن أعفي من رئاسة الأستخبارات السعودية ، غادر خاشقجي السعودية عام 2017 م و أقام في عاصمة الضباب "لندن" و أنتقد خاشقجي بصورة مباشرة الملك سلمان بن عبد العزيز و ولي عهده محمد بن سلمان ، كذلك عارض التدخل العسكري في اليمن و عارض الكثير من التوجهات الأقتصاديه لأبن سلمان الابن. لم يكن مذهب خاشجقي الفكري جلياً إلا أنه قد عرف عنه أنه قد انحاز إلي معسكر قطر وجماعة الإخوان وكان يهاجم السعودية طوال الفترة الماضية.
عبر عناوين الأخبار خرجت علينا كافه وسائل الأعلام المحلية و الدولية بقصص و روايات من نسج الخيال تتهم السعودية مباشرة بمسئوليتها عن اختفاء الصحفي المذكور ، هذه الروايات تأتي من الأعلام المأجور الذي ما زال يبث سمومه في المنطقة ، كون السعودية حائط صد أجهض مع مصر مشاريع خبيثة تحاك ضد المنطقة، والعمل على شرخ جدار التحالف "المصري السعودي الإماراتي" ضدها.
مسألة اختفاء خاشقجي تخرج من مجرد كونه صحفي قد اختفي في ظروف غامضة إلي مسألة ملف مسيس من المقام الرفيع بحسب ملفات السياسة الخارجية، ، له علاقة كاملة بصراع القوى الداخلية في كلاً من الدوحة و واشنطن وأنقرة وبيروت وصنعاء وأوتاوا. ولها أسباب كثيرة أولها أن المملكة العربية السعودية و منذ إعلان تولي سمو ولى العهد الأمير محمد بن سلمان عن رؤية المملكة حتي 2030م وهي تسير بخطي ثابتة نحو مستقبل واعد و اقتصاد قوي مستنير وأصبح لسمو ولي العهد ثقل دولي في العديد من المحافل الأقتصاديه وقد حظي سموه بالعديد من الإشادات الدولية في بناء السعودية الحديثة .
ناهيك على أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي قد تصدي للمشروع الإيراني وافشل مخططهم الحوثي في اليمن واستحداث فرعاً جديد لحزب الله في الخليج ، بينما هنالك دوماً من وضع يده في يد النظام الإيراني للتأمر علي أشقائه في الخليج.
بيد أن السعودية قد قضت علي أحلام المدعو اردوغان بالتوسع في المنطقة بينما هنالك من وضع يده في يد اردوغان وسمح له احتلال الدوحة وقدم له الكثير في الأزمة الاقتصادية التي انهارت فيها الليرة التركية .
اختفاء خاشقجي يقف خلفه مثلث الشر الدولي قطر وتركيا و إيران ، وكان لزامًا على ثلاثتهم توجيه الاتهامات الجزافية المعلبة سابقه التحضير إلي الرياض في محاولة حثيثة منهم لتورطيها في قضية وهمية كان ومازال الهدف منها استهداف واستنزاف السعودية و ولي عهدها ودخولها معارك جانبيه تنحيها عن خطاها. إلا آن استغلال قوى أعداء الرياض للملف، قد تم استغلاله بمنتهي الأنتهازيه الـلا أخلاقيه وبتصعيد إعلامي و سياسي غير مسبوق على الإطلاق ، فقد قامت قطر بحشد كافه وسائلها و ازرعها البحثية و الأعلاميه على مستوي العالم في قضيه خاشقجي بهدف تصدير سيناريوهات كاذبة على طريقه الأفلام الغير منطقيه وظهور مصادر مجهولة بهدف توجيه الاتهامات مباشرة للرياض ، دون حدوث تحقيقات أو تصريحات رسميه .
و وفق لنظريات السياسة الخارجية الدولية يكون من الأحرى هنا الربط الزمني بين عمليه اختفاء جمال خاشقجي في تركيا، وبين الإفراج الضمني عن القس الأمريكي أندرو برانسون الذي قد قضي من مجمل مدة أحتجازة في السجن أكثر من ثلاث سنوات ، الاتصالات الأمنية بين أنقرة و واشنطن على خلفيه اختفاء خاشقجي قد ساهمت بشكل أو بآخر في تقليص الهوة بينهما ، و سرّعت فيما يبدو علي عودة الدفء إلى علاقات البلدين، ومن اللافت للنظر أن برانسون قد خرج من حجزه بموجب مفاوضات سياسية مباشرة ، وليس استنادا إلى أدلة قضائية ببراءته، خاصة وأن الحكم حفظ ماء وجه الجانب التركي الذي لطالما أصر على “تطبيق القانون” في وجه الضغط الأمريكي، على حد تعبيرها. وطبقاً لهذه المفاوضات فقد تحسّنت حالة الليرة التركية بشكل مباشر، بعد سلسلة من الانهيارات الناجمة عن توتر العلاقات بين واشنطن وأنقرة
وختاماً وحتي لحظه كتابه هذه السطور ، فلقد أصبح لغز اختفاء الخاشقجي أعمق من كونه مجرد جريمة عاديه ، أو من علاقات دوليه، واتسع ليشتمل على مؤامرات، واتفاقيات، و حسابات معقدة و تسويه فواتير مؤجله عبر حقائب مغلقه بها ورق أخضر ، وعبر صراعات حكومات في الحكم و نظم في الظل .
ذلك ما يؤكد أننا بصدد أن نبدأ الآن فصلاً جديداً في نظم السياسه الدوليه في منطقه الشرق الأوسط :: لأن خاشقجي :: خرج و لم يعد