حماية الأطفال من التحرش: مسؤولية مجتمعية وأولوية إنسانية"
الخميس 29/مايو/2025 - 12:47 م
يُعدّ الطفل جوهرة الحياة ومصدر الأمل والاستمرار لأي مجتمع، ومن هنا تنبع أهمية حمايته من كل ما قد يهدّد سلامته النفسية والجسدية، وعلى رأس هذه التهديدات: التحرش الجنسي، الذي يُعدّ من أخطر الجرائم التي قد يتعرض لها الطفل، لما يتركه من آثار مدمّرة تمتد إلى مراحل متقدمة من حياته.
التحرش ليس فعلًا عرضيًا، بل هو سلوك عدواني ينمّ عن خلل أخلاقي واجتماعي، وقد يكون في أحيان كثيرة ممن يُفترض أن يكونوا موضع ثقة في حياة الطفل، كأقارب أو معلمين أو جيران. وهذا ما يزيد من صعوبة اكتشافه أو التصدي له، ما لم يكن هناك وعي حقيقي وإجراءات وقائية فاعلة.
تبدأ الوقاية من التحرش أولًا في البيت، من خلال التربية الواعية التي تُشبع الطفل عاطفيًا، وتعلّمه حدوده الجسدية، وتغرس فيه الثقة بالنفس. يجب على الأهل أن يربّوا أبناءهم على أن أجسادهم ملك لهم وحدهم، وأن من حقهم الرفض، والإبلاغ عن أي تصرف يُشعرهم بعدم الارتياح، دون خوف من التوبيخ أو اللوم.
كما أن للمدرسة دورًا لا يقل أهمية؛ فهي ليست فقط مؤسسة تعليمية، بل بيئة تربوية تسهم في بناء شخصية الطفل. ومن المهم أن تتبنى المدارس برامج توعية وتدريب للأطفال حول الحماية من التحرش، بأساليب تناسب أعمارهم ووعيهم.
أما على مستوى المجتمع والدولة، فينبغي سنّ القوانين الرادعة، وتوفير آليات الإبلاغ الآمن والسري، وتدريب الكوادر التربوية والطبية على كيفية التعامل مع ضحايا التحرش. كما أن الإعلام مسؤول عن نشر الوعي وتصحيح المفاهيم الخاطئة، التي قد تبرّر أحيانًا سلوك المعتدين أو تُلقي اللوم على الضحايا.
في الختام، حماية الأطفال من التحرش ليست مسؤولية فردية، بل هي مسؤولية جماعية تبدأ من الأسرة وتمتد إلى المؤسسات التربوية والقانونية والمجتمعية. فالأطفال هم أمانة، وحمايتهم ليست خيارًا بل واجبًا لا يُقبل فيه تهاون ولا تأجيل.