مش هتحس إنك يتيم إلا لما أخوك الكبير يموت .. صورة تجسد قيمة الأخ الأكبر في حياة أشقاءه
الخميس 01/نوفمبر/2018 - 10:36 ص
شيماء اليوسف - تصوير: أسماء ملكة
طباعة
لم أشعر بقيمة الأخ الأكبر إلا بعد أن بعد مات عمي، وأدركت في تلك اللحظة أن والدي فعليا قد أصبح يتيما، حيث كانت الأسرة تلتف في حلقات حديث مطولة وليال سمر سهيرة تتربع الجدة على عرش مائدة الحوار والحواديت كانت تتدلى كعناقيد الذهب من أفواه الجالسين، كنا لا نشعر ببرد الشتاء ولا قسوة الليل البارد لأن زخات الدفء كانت تخالج خواطرنا، نأنس بالجموع وبالحديث الذي لا يغلق إلا بعد أن يذهب الصغار في النوم فتنام معنا الحواديت.
كان مراسل بوابتنا "المواطن" يمر من ذلك الشارع الشعبي المليء بالراحة والهدوء النفسي وطباع المصريين الخالصة التي لازالت على الفطرة، فوجد هذان الولدان جالسان في مقدمة أحدى الورش الحرفية الأخ الأكبر يأخذ بيد أخاه الأصغر فيقرأ له دروسه ويراجع له ما تعلمه هذا اليوم في مدرسته، يبدو الأخ الأكبر حريص كل الحرص على مستقبل أخيه أخذا على عاتقه نصحه.
بعث الأخوان في جلستهما البسيطة للغاية رسالة واقعية إلى كل من دقوا بأقدامهم على الأرض ليقولا في صياح دون صوت أن الأخ الأكبر سند وخير رفيق يمكن أن يقابله المرء في حياته لأنه بالكاد مهما اختلف مع أخيه هو أكثر الناس خوفا على مصلحة أخيه وخوفا على حياته ومستقبله، وإن أصاب المرء ضر أو خائبة قدر لن يقف في ظهره إلا أخيه.
قيمة الأخ الأكبر في حياة الأسرة
قيمة الأخ الأكبر في حياة الأسرة
يختلف دور الأخ الأكبر في حياة الشاب أو الفتاة فكلما كان الأخ الأكبر صديق لأخته ومقرب إليها استطاع أن يعرف أسرارها وتمكن من نصحها لأنه الشخص الوحيد الذي يخاف على مصلحتها ويهمه أمرها ويخجل أمام العالمين مما يعيبها، فإن كانت شريفة فهي له والتراب الذي تضع قدميها عليه تاج على رأسه بينما إن كانت عكس ذلك فالعار لن يلحق بأحد إلا به.
يمثل الأخ الأكبر بالنسبة لأخيه الأصغر الستر إن تقلبت الدنيا والسند إن مات والديه فإن الفتاة تتزوج ويحتويها زوجها ويعوضها عن فقدان والديها إن رحلا بينما الشاب لا يعوضه فقدان والديه أحد، عند هذه المرحلة يأخذ الأخ الأكبر هذه المكانة ويتقلد دور الأبوين في حياة أخيه لأن الزوجة ضعيفة في مجمل تصرفاتها حتى وإن كانت تتظاهر بالقوة وهي الأكثر احتياجا على الاحتواء.
ينتظر الأخ الأصغر بصفة دائمة رأي الأخ الأكبر في أموره الحياتية فهو يسأله عما فعل في هذا الأمر وما إن كان يحتاج مساعدة وينزلا معا لقضاء الأشياء، وهو أكثر الناس قراءة لأخيه حيث تربا معا في بيت واحد، وعاشا معا فهو يعرف الأشياء التي تزعجه والتي يكرهها والتي يحبها، يستطيع إقناعه بالأمور التي يجب أن يتخلى عنها والتي تؤثر على حياته ومستقبله، وبشكل عام فإنه يقتنع برؤية أخيه لأنه يعلم تماما أن نصيحته بموجب الخشية على مستقبله.
يجهل الأخ الأكبر في بعض الأحيان التعامل مع أخته الصغرى خاصة إن كان شديد الغيرة عليها، لكن هناك العديد من المواقف التي مر بها في حياته جعلته يخاف عليها خوفا أكثر مما هو مطلوب وهذا بالكاد يعود إلى التجارب العديدة التي مر بها أقرانه وأصدقائه مع فتيات كانوا يعرفونهم وكانت تجمع بينهم قصص حب ولكنها لم تكتمل وقد تكون هذه القصص حكايات وروايات كان يحكيها أصدقائه أمامه وليس بالضرورة أن يكون هو شخصيا قد مر بهذه التجربة.
يلعب الأخ الأكبر في حياة الأسرة كلها دورا محوريا حتى في حياة والديه، فالأب يعتبره عكاز الأسرة من بعده وإن أحسنت الأسرة تربية أبنائها فيكون الأخر الأكبر عونا لإخوته من بعدهما ويكون عونا لهما هما الاثنان، أما إن أساءت الأسرة تربية أبنائها، أول ما يفعل الأخ الأكبر يلقي بأبويه في أديرة المسنين، ويعوقهما ولا يسأل فيهما، حتى أخوته يتركهم جميعا ويبحث عن مصلحته وأهوائه فقط.