من تشجيع البلطجة إلى مهاجمة الشرطة .. كيف أثرت وسائل الإعلام على الأطفال ؟
أظهر الفنان محمد صبحي في إحدى المسلسلات
التي قام بالتمثيل فيها تأثير وسائل الإعلام على الأطفال، عندما كان ذاهب إلى
مدرسته واستمع النشرة الجوية في المذياع تؤكد اعتدال المناخ، كان صبحي حينها وهو
طفلا قد لبس معطفه، وقفازه وقام بتدفئة نفسه جيدا لكن بسماعه للنشرة لكن بمجرد
سماعه للنشرة الإذاعية خلع ملبوسه ومركوبه، ورغم تحذير والدته له بأن العواصف
والأمطار تغمر الشارع إلا أنه رفض نصيحة والدته، ولما خرج إلى الشارع اصطدم
بالبرودة والصقيع حتى عاد مريضا.
أشكال تأثير وسائل الإعلام على الأطفال في
مصر
وحول تأثير وسائل الإعلام على الأطفال، يقول
الدكتور أحمد علام استشاري العلاقات الأسرية في تصريحات خاصة لـ "بوابة
المواطن" أن المواد الإعلامية التي تبث من خلال وسائل الإعلام الغير بدون مراقبة
تضمن تأثيرا سلبيا على الأطفال لاسيما الدائمين على متابعة التليفزيون، لافتا إلى
الأغاني التي تمتاز بالصخب والصوت العالي التي تجعل الطفل مضطرب سلوكيا، إلى جانب
أصابته بالعصبية والانفعال السريع
يرتبط الأطفال بوسائل الإعلام كأحد أساليب
التسلية والترفيه بعض الوقت عن المذاكرة، لكن يعود تأثير وسائل الإعلام على
الأطفال بشكل سلبي، إن لم يكن هناك رعاية خاصة، ويقع الجانب الأكبر على الأسرة
لأنها المسئول الأول حول توضيح التفضيلات للأطفال، ونهيهم عما يؤثر عليهم بشكل
سلبي.
أثرت وسائل الإعلام على الأطفال في مصر من
خلال ظهور العديد من الأشخاص مستترين تحت غطاء الفن، ليقدموا أعمال هي أدنى من أن
توصف بالهابطة، حيث يتعلق الأطفال بهذه الشخصيات ويقلدونها، نذكر منها على سبيل
المثال "شخصية حبيشة" التي قدمها محمد رمضان، حيث أظهر خلالها أن
البطولة والشجاعة هي التعدي على القانون إلى جانب فن تشكيل العصابات والأوكار
الإرهابية داخل الأحياء الشعبية، مظهرا هذه العصابات بالرحمة والتسامح وأن جهاز
الشرطة هو العدو الذي لابد من اختراقه.
ظهرت الصورة النمطية التي تؤكد تأثير وسائل
الإعلام على الأطفال في مصر بشكل سلبي عند اعتياد الأطفال على سماع كل ما تبثه
القنوات التليفزيونية، أو قنوات الاتصال عبر مواقع التواصل الاجتماعي وشبكات
الإنترنت، ثم تفاجئ الأسرة بتقليد أطفالها لما يقدم ومن الغريب المحزن أن بعض
الأسر لا تعترض على هذه السلوكيات ولا تستخدم القوة والحزم أو اللين في المعاملة
من أجل منع أطفالهم من هذه السلوكيات.
كانت من أبرز الشخصيات التي صدرتها السينما
المصرية والتي توضع ضمن آليات تأثير وسائل الإعلام على الأطفال، شخصية "عبده
موتة" وإن كانت هناك حالات فردية شبيه إلى هذه الشخصية داخل المجتمع المصري
فإن تلويح الأضواء عليها للمشاهد وعرضها بصورة تعمم وجودها داخل المجتمع وتصدرها
لتكون قدوة، حتى أن أغاني هذه الأفلام كانت يحفظها الأطفال عن ظهر قلب، وإن كان
الممثل سيعتبر هذا نجاح هو بالفعل نجح في خرق أخلاق المجتمع.
تغيرت أشكال وصور تقديم برامج الأطفال بصورة
مختلفة تماما مع العصر الحالي، ففي الوقت الذي كنا نشاهد فيه "بكار، وعالم
سمسم، وقصص الأنبياء" كأحد برامج التوعية للأطفال التي كانت تستخدم أساليب
تتناسب وعقل الطفل وتتماشى مع ثقافة مجتمعه أصبحنا نسمع أغاني تصدح في المواصلات
العامة، تندرج تحت ميثاق التلوث السمعي، وصورا في التلفاز، تمثل تلوثا بصري، أفكار
عشوائية تنتشر في أسواق الإعلام من أجل الربح بدون رقابة أو سلطة.
يشمل تأثير وسائل الإعلام على الأطفال في
مصر، دحر القيم الاجتماعية والسلوكية وتربية الأجيال على الفوضوية، وتراجع
الأخلاق، وعن طريق وسائل الإعلام تشكل الصورة الذهنية لدى الطفل عن المجتمع وأسلوب
التعامل مع الآخرين، بشكل سيء، إلى جانب الاستغناء عن القدوات الحقيقية واستبدالها
بقدوات مزيفة زائفة يخلق جيل بدون وعي وبدون أخلاق وبدون هدف، فهل من المعقول أن
تعيش دولة بدون شعب، أو تعيش بشعب جاهل متخلف متدني الأخلاق وسيء الأدب؟
يتضمن تأثير وسائل الإعلام على الأطفال في
مصر، نقل ثقافة الشعب للأجيال، فهل فعليا وصلت ثقافتنا إلى هذا الحضيض من الفكر
والأخلاق، كان الفن الشعبي قديما يحل قضايا، ويعزز الانتماء داخل نفوس أبناء
الوطن، لكن الفن الشعبي تراجع بما لا يمكن تحمله، وحتى إن كانت هناك دعاية مضادة
لهذه الأعمال إلا أنها في الوقت نفسه تروج لهذه الأعمال، فما زال البحث عن الرقي.