ومن لم تكنْ أوطانهُ مفخراُ لهُ... فليس له في موطنِ المجدِ مفخرُ
ومن لم يبنْ في قومهِ ناصحًا لهم... فما هو إِلا خائنٌ يتسترُ
ومن كانَ في أوطانهِ حاميًا لها... فذكراهُ مسكٌ في الأنامِ وعنبرُ
ومن لم يكنْ من دونِ أوطانهِ حمى... فذاك جبانٌ بل أَخَسُّ وأحقرُ... الكاظمي
برغم الاهمية الاقتصادية والتجارية للدولة الفرنسية مع النظام القطري إلا أن زيارة محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لقصر الاليزيه ابريل الماضي أتت ثمارها، فعرض مغري يقدر قيمته ب 500 مليار دولار في ظاهره برنامج تنموي ضخم "رؤية 2030" ستنفذه الدولة الفرنسية علي الاراضي السعودي، أما في الباطن فقد ظهرت بنود الاتفاق الخفية أسرع من المتوقع والمخيبة بالطبع للجانب القطري من رفض بل وعدم إمكانية إنشاء قاعدة عسكرية فرنسية في قطر، ولتضييق الخناق أكثر أعلنت المملكة العربية السعودية صراحة علي لسان الملك سلمان بن عبد العزيز في رسالة شديدة اللهجة بعث بها إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قال فيها إن بلادة مستعدة للقيام بعملية عسكرية ضد قطر إذا تم تزويد نظام تميم بمنظومة "إس-400" الروسية، مطالبا الرئيس الفرنسي منع بيع هذه المنظومة إلى قطر للحفاظ على الاستقرار في المنطقة، وتتكشف لنا الحقيقة كاملة من خلال محتوي هذه الرسالة أن الملك السعودي دفع بسخاء للحكومة الفرنسية لإيقاف امداد قطر بالقاعدة العسكرية ليستدعي بعدها قصر الاليزيه الامير القطري في شهر يونيو الماضي وإبلاغه برفض الحكومة الفرنسية لطلبه بإنشاءها ولتهدئة غضبه وعدم خسارته وخسارة استثماراته الضخمة داخل الدولة الفرنسية إبرمت معه صفقة كانت معدة مسبقا مع الجانب الروسي لإمداده بالمنظومة "إس-400" لكن الرد الفوري للملك السعودي أنهت علي كل احلام تميم بالضربة القاضية.
وبعد الانتهاء من هذه النقطة يلح سؤال في منتهي الأهمية.. لماذ أصدر الكاتبان الفرنسيان فانيسا راتينيه، وبيير بييون كتابهما "فرنسا تحت التأثير..عندما تتخذ قطر من بلدنا ملعبا" في هذا التوقيت وفي ظل هذه الاجواء المشتعلة بين الجانبين السعودي والقطري والتي توضح أن قصر الاليزيه قبض ثمن السكوت واسترضاء كلا من الجانبين؟ فهذا يوضح أن جانب من الجانبين أمدهما بما لم يعلم به المواطن الفرنسي من فساد حكامه ونخبته، وأن ذلك الفساد لم يكن وليد اليوم بل كان مع وصول الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي إلى الإليزيه في 2007، ولجوءه للأمير القطري الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لتمويل قضية طلاقه من سيسيليا! في صفقة عقدها آنذاك الامير القطري وقام بتمويل الطلاق ب 3 ملايين يورو، وكان الهدف من هذا التمويل تدعيم فرنسا للاستراتيجية التي تقودها قطر من بلورة دورها كلاعب رئيسى فى المنطقة، وتتكشف حقيقة الممد لمعلومات الكتاب حينما نتصفح سطور كتابهما ونقف عند هذا المقطع "في صيف 2008- ونقلا عن قصر الديوان في الدوحة- جاء ساركوزي يبكي للشيخ القطري بسبب طلب زوجته السابقة ثلاثة ملايين يورو مقابل الطلاق، وأن الصديق القطري استجاب لمساعدة الرئيس الفرنسي ودفع متطلبات بالفعل متطلبات الطلاق من أموال".
لكن ما موقف المواطن الفرنسي من هذه المعلومات التي تثبت بالدليل القاطع أن حاكمه وحكومته متورطين في الفساد؟
في هذه النقطة تحديدًا ليس أمام المواطن إلا الانزعاج وقول رأيه صراحة بأنه لا يريد إلا انهاء هذه العلاقة الفاسدة فورًا وإعادة الهيبة والكرامة لدولته مرة أخري.. ويبدو أن الحكومة الفرنسية وصلها صوت المواطن وأحست بإنزعاجه فانزعجت هي الاخري فبدأت علي الفور في إعادة ترتيب أوراقها بحزمة إصلاحات إقتصادية تعلن من خلالها صراحة أنها تابت ولن تعود إلا طريق الفساد مرة أخري، لكن قصر الاليزيه قالها صراحةً " أيها المواطن هناك شرط لابد أن تعلم به، أنك من ستتحمل وحدك تبعية إنهاء العلاقة الفاسدة بيني وبين من يجبروننا علي الفساد لكي نعيش أنا وأنت في رغد ونعيم".. لكن المواطن كما نعلم ونري الآن كان له رأي آخر.. وللحديث بقية.