هيومان رايتس ووتش.. تاريخ من التوظيف السياسي
الإثنين 25/فبراير/2019 - 01:28 م
د. أحمد التلاوى
طباعة
منذ تأسيسها قبل أربعين عامًا؛ ومنظمة «هيومان رايتس ووتش»، تقوم بتنفيذ أجندات غربية بالأساس، وهذا الأمر ليس اتهامًا على عواهنه، أو أنه شكلٌ من أشكال الاعتراض على مواقف المنظمة المتعنتة ضد مصر.
فمنظمة هيومان رايتس ووتش أُسست في العام 1978م لأجل مراقبة مدى التزام الاتحاد السوفييتي في ذلك الوقت، بما يُعرف بـ«اتفاق هلسنكي» (L'accord de Helsinki)، وهو عبارة عن وثيقة صدرت عن مؤتمر عقد في العاصمة الفنلندية، هلسنكي، عام 1975م، من أجل وضع أسسٍ جديدة للأمن والتعاون بين الدول الأوروبية.
أي أنها في الأساس، أداة غربية، وتعمل وفق أجندة غربية.
شعار منظمة هيلسينكي
تأسيس وظيفي
حملت هذه المنظمة في البداية، اسم «منظمة هلسنكي»، ثم تم «إنتاج» أكثر من نسخة من هذه المنظمة لمراقبة حقوق الإنسان في العالم، من جانب الحكومات الغربية، وتجمَّعت معًا لكي يتم تأسيس هذه المنظمة بالصورة الحالية، في العام 1989م، بعد أن تم دمج منظمة «أمريكا ووتش« التي تم تأسيسها عام 1981م، ومنظمة «آسيا ووتش«، (1985م)، ومنظمة «أفريقيا ووتش« (1988م)، و«الشرق الأوسط ووتش» (1989).
ومن خلال ذلك؛ فإنه يُلاحَظ أنه لم يتم تأسيس أية منظمة لمراقبة حقوق الإنسان في الغرب؛ حيث إنه، وحتى «أمريكا ووتش»؛ تم تأسيسها من أجل متابعة أوضاع حقوق الإنسان في أمريكا الوسطى، التي كانت تشهد في نهايات السبعينيات، ومطلع الثمانينيات، حروبًا أهلية عديدة.
ومن تتبُّع تاريخ المنظمة، سواء فيما يخص تقاريرها التي تقوم بإصدارها، أو البيانات التي تخرج علينا بها كل فترة، وكذلك من خلال تحليل مضمون أخبار الصفحة الرئيسية للمنظمة على شبكة الإنترنت، باللغتَيْن العربية والإنجليزية؛ سوف نجد أن هناك استهدافًا لدول ومناطق وأزمات أكثر من غيرها.
في المقابل، سوف نجد أن هناك تغييب وتعتيم على قضايا أخرى، مما يؤكد حقيقة تسييس أعمال المنظمة.
فعلى سبيل المثال؛ فإن نشاط المنظمة فيما يخص الشرق الأوسط؛ نجد فيه تعتيمًا أو تجاهلاً تامًّا لملف حقوق الإنسان في تركيا، التي شهدت في الأسبوع الأخير فقط، حملتَيْ اعتقال في يومين فقط، شملت اعتقال 1400 شخص.
كذلك، ومن خلال مراجعة الموقع الرسمي للمنظمة باللغات المختلفة؛ سوف نجد أن أخبار الشرق الأوسط تتصدر الواجهة، ولاسيما فيما يتعلق بالأزمات والحروب التي تُعتبر ضمن أجندة السياسات الغربية، وبشكل يعكس وجهات نظر الحكومات والدول التي أشرفت على الفوضى التي ضربت منطقتنا في السنوات الأخيرة فيما يُعرَف بثورات الربيع العربي، ولديها مخطط لإطالة أمد هذه الفوضى.
وفي هذا الإطار؛ فإننا لا نجد في تغطيات المنظمة للموقف في ليبيا، إلا ما يخص «انتهاكات الجيش الوطني الليبي»، أو أوضاع حقوق الإنسان بشكل عام، من دون التطرُّق إلى الجرائم التي تقوم بها المجموعات والميليشيات المسلحة.
فعلى سبيل المثال؛ غابت المنظمة بحضور قوي مثلما تفعل في القضايا التي تطلب الحكومات التي توجِّهها وتقوم بتوظيفها لأغراض تخدم سياساتها في منطقتنا، في الاشتباكات المتكررة التي وقعت في العاصمة الليبية طرابلس في الأشهر الأخيرة.
وبالعودة إلى الصفحة الرئيسية لموقع المنظمة على شبكة الإنترنت؛ سوف نجد أن غالبية الأخبار عن الانتهاكات الموجودة؛ هي في عالمنا العربي، وتركّز على مصر والسعودية والإمارات، وعلى الأطراف المعادية لما يُسمَّى بالإسلام السياسي في ليبيا، بينما تغيب أخبار تركيا بشكل كامل، سواء عن الصفحة الرئيسية، أو عن صفحة الشرق الأوسط في موقع المنظمة.
منظومة سوداء!
ولا تعمل المنظمة في إطار منفرد؛ حيث إنها جزء من منظومة إشاعة الفوضى وممارسة ضغوط سياسية على دول بعينها من خلال ملف حقوق الإنسان.
وتشمل هذه المنظومة الكثير من وسائل الإعلام الدولية ذائعة الصيت، وتُكمِل بعض الجوانب المتعلقة بالحملات التي تقوم بها «هيومان رايتس ووتش»، مثل «بي. بي. سي» البريطانية، و«سي. إن. إن» الأمريكية.
ويكمل هذه المنظومة الدعائية، أعمال «البروباجندا» التي تقوم بها جماعات تمثل «مخلب قط» لخطط الفوضى الغربية في مجتمعاتنا العربية، مثل «الإخوان المسلمون».
وهنا نجد أن منصات التواصل الاجتماعي باتت تمثل بيئة خصبة لهذه الأصوات لكي تعمل على نشر الأخبار التي يُراد لها أن تنتشر على أوسع نطاق، لتحقيق مستهدفات سوداء، مثل دعم احتجاجات، أو تغيير توصيف الميليشيات والمجموعات الإرهابية المسلحة، ومسمياتها، إلى أطر ومسميات أخرى لا تكون معها «إرهابية».
فحتى تنظيم مثل «داعش»، تجده يتبنى تجارة الموت والخراب بشكل رسمي على أقنيته الإعلامية المختلفة؛ لا يتم تعريفه على أنه تنظيم إرهابي من جانب هذه المنصات والوسائط كافة.
بل إننا لا نكاد أن نجد أي ذكر للجرائم التي ترتكبها «داعش» وما نحا نحوها من تنظيمات في تقارير ووسائط «هيومان رايتس ووتش« وأخواتها من هذه المنظمات المشبوهة!.