قاوم كل الظروف الصعبة والمريرة التي كانت تحول دون توهجه وإبراز موهبته، ليصبح واحداً من العلامات البارزة والهامة فى عالم التلحين، داوود حسني الذي لحن لكبار الفنانين في مصر أكثر من 500 أغنية و30 أوبرا وأوبريت، ويعتبر واحدا من عمالقة الموسيقيين في مصر الذي يعود له الفضل في ارثاء المبادئ الأولى للتلحين، والتي سارت الأجيال التي تلته على نهجها.

مقاومة الظروف

ولد الموسيقار داوود حسني، فى 26 فبراير سنة 1870 لعائلة مصرية من طائفة اليهود القرائين وأسمه في شهادة الميلاد "دافيد حاييم ليفي" وعاش فى بداية حياته بحي الصندوقية الشعبي القريب من حي اليهود القرائين في قسم الجمالية، بالقاهرة، قام والده بإلحاقه بمدرسة الفرير الواقعة بحي الخرنفش، وترك الدراسة وهو في الرابعة عشر من عمره وعمل مراكبيًا لفترة طويلة بعدما ترك البيت بسبب الاضطهاد الكبير الذي تعرض له من قبل والده، لأنه كان يعشق الغناء والموسيقى وهو ما كان يرفضه الوالد، ثم عاش لفترة في مدينة المنصورة، وهناك تعلم العزف على العود على يد الشيخ محمد شعبان، بالإضافة إلى تعلم الأنغام على يد الشيخ محمد القباني، بعدها توجه للعيش في مدينة الإسكندرية لمدة وصلت لثلاث سنوات، قبل أن يعود مرة أخرى إلى مدينة القاهرة ليعمل في فترة النهار في تجليد الكتب في مطبعة سكر في شارع محمد علي، وفي أوقات الليل يقوم بالغناء في الملاهي الأفراح، ثم اتجه إلى التلحين، لتبرز موهبته بعد ذلك ويسطع نجمه، ويصبح فى مصاف المشاهير فى تلك الفترة.


انطلاقة وابداع

لحن داوود حسني لعدد كبير من الأسماء الهامة فى تلك الفترة، على رأسهم الشيخ أبو العلا محمد، وعبده الحامولي، وسكينة حسن ومنيرة المهدية، وصالح عبد الحي، و كوكب الشرق أم كلثوم، وأسمهان، وليلى مراد، وفى عام 1920 اتجه داوود حسني إلى المسرح ، فوضع الألحان لأكثر من 25 مسرحية، أبرزها: "صباح، معروف اﻹسكافي، الشاطر حسن، الغندورة، شمشون ودليلة".

وضعت ألحان داوود حسني في 4 أفلام سينمائية وهم فيلم "بواب العمارة" الذي أنتج عام 1935، وفيلم "شقة مفروشة" من إنتاج عام 1970 وفيلم "بمبة كشر"، الذي أنتج عام 1974، "بديعة مصابني" الذي أنتج عام 1975.

ومن ألحان داوود حسني فى الأغانى الشعبية "أسمر ملك روحي، وجننتيني يا بت يا بيضة، والبحر بيضحك ليه وأنا نازلة أدلع، ويا تمر حنة، روايح الجنة، ويعتبر أول من أدخل فن الأوبرا لمصر باللغة العربية بإهدائه المسرح المصري لأوبرا "شمشون ودليلة" ففتح بها عالما جديدا في الموسيقى المصرية والعربية، واعتبر النقاد داود المؤسس الرئيسي للتراث الخالد لفن الموسيقى المصرية، وحصل داود على الجائزة الأولى في مؤتمر الموسيقى بباريس عام 1906 للحنه "أسير الحب" وغيرها من التكريمات المحلية، وتوفي في العاشر من ديسمبر سنة 1937 ودفن في مقبرة اليهود القرائين بالبساتين بالقاهرة.