صيادو الإسكندرية يتحدون وقف الحال في الشتاء: الرزق يحب الخفية
السبت 23/مارس/2019 - 05:30 م
مريم حسن
طباعة
«هيلا هيلا العاطي الله.. هيلا هيلا صلي ع النبي».. بهذه الكلمات البسيطة التى تحمل كل معانى الهمة، والنشاط والأمل يبدأ صيادو الإسكندرية عملهم منذ بزوغ الفجر وحتى غروب الشمس بحثا عن الرزق.
صيادو الإسكندرية
صيادو الإسكندرية؛ رجال لا يخافون برد الشتاء، ولا يخشون وحشية البحر، تعرفهم بسيماهم، يرتدون سروالًا طويلًا فضفاضًا، يتيح لهم الحركة السهلة عند العمل، بالإضافة إلى «الصديري» والقبعة، أما الحذاء يصنع من الجلد وذو نعل سميك بدون أربطة.
يخرج الألاف من صيادو الإسكندرية في رحلة التيه إلى عرض البحر أملا فى العودة برزق وفير إلى أهليهم، ورغم أن الشتاء يأتي دوما حاملا الرزق والفرج إلا أن الصيادين تتزايد معاناتهم في هذا الفصل، متمنيا رحيله سريعا حتى يستطيعون ممارسة مهنتهم بشكل طبيعى، حيث يتكرر مشهد إرساء مراكب الصيادين في ميناء بحر الإسكندرية كل شتاء، لتعلن عطلة قسرية تستمر لمدة 3 شهور متواصلة نظرا لكثرة النوات وتوقف الصيد.
رصدت «بوابة المواطن» الإخبارية معاناة صيادين الإسكندرية والمشاكل المزمنة التى تواجههم إثر منعهم من ركوب البحر خاصة فى فصل الشتاء، نظرا لسوء الأحوال الجوية وتوقف حركة الصيد والملاحة البحرية وارتفاع الأمواج إلى أكثر من 7 أمتار.
مهنة الصيد
يقول محمد السيد والشهير بـ«أبو علاء»؛ 70 سنة، أقدم صيادين الإسكندرية، إنه عمل في مهنة الصيد لمدة تزيد عن 40 عاما متواصل، إلا أنه ترك البحر منذ 20 عام نظرا لظروف مرضه؛ حيث يعاني من أمراض القلب والسكر والصدر، موضحًا أن مهنة الصيد تتعرض للعديد من المشاكل والمخاطر، حيث لا يستطيع الصيادين النزول إلى البحر طوال نوات الشتاء بسبب تغيرات الطقس، «الصيادين كلها بتركن فى بيوتها وتنام فى الشتاء، بس الرزق يحب الخفية والحمد لله ربنا بيرزقنا».
وأضاف أقدم صيادين الإسكندرية، أن شركات البترول والعديد من المصانع تلقي بمخلفاتها وعوادمها فى مياه البحر مما يؤدي إلى القضاء على الثروة السمكية، «صرف الشركات بيموت السمك ويخليه يهرب، وفى الاخر الصياد مشبلاقى حاجة يصطادها وبيرجع لأولاده ايده فاضية»، لافتا إلى أن البحرية المصرية تصدر تعليماتها إلى الصيادين بمنع الصيد أثناء دخول المراكب الحربية إلى عرض البحر لمدة تصل إلى 15 يوما أو شهر.
صيادو الإسكندرية
وأوضح «أبو علاء» أن مهنة الصيد أصبحت بدون صيادين بسبب عدم وجود نقيب أو شيخ للصيادين يمثلهم ويتحدث باسمهم، متمنيا وجود نقابة للصيادين تدافع عنهم وتطالب بحقوقهم «الصيادين ملهمش نقابة تدافع عنهم عشان كده كل صياد ماشى بدماغه، بس احنا محتاجين حد يمثلنا يعرفنا اللى لينا واللى علينا».
«الصياد زى السمك لو خرج من البحر يموت»، بهذه الجملة البسيطة بدأ حديثه على رضا، أحد صيادين الإسكندرية، 62 سنة، قائلا إنه ورث المهنة أبا عن جد، ويعمل فى الصيد منذ سبعينيات القرن الماضي، «فتحت عينى على الدنيا لقيت نفسى فى البحر، عمرى ما زهقت منه ولا هو زهق منى وغدر بيا، أنا قضيت عمرى كله فى البحر موجة تجيبني وموجة تودينى، وهموت برضو وانا فى البحر ووسط السمك»، لافتًا إلى أنه اتجه إلى تعليم ابنه الوحيد وإلحاقه بالمدرسة، حتى يبتعد عن الصيد ويضمن له حياة كريمة، إلا أن ابنه أراد أن يكون صيادا مثل أجداده، «ابني مش بيلاقى نفسه غير فى البحر، أصل الصيد ده مزاج واللى يدخل الكار مش سهل يسيبه».
الصيادين
وأوضح «رضا» إن مهنة الصيد من أهم المهن التي تساعد في سد عجز كبير من الغذاء، بالإضافة إلى كونها رخيصة الثمن نسبيا، لافتا إلى أن هناك مواسم للصيد ولكل منها نوع معين من السمك يختلف باختلاف الموسم، منوها إلى اختلاف سعر الشباك المستخدمة فى الصيد باختلاف أنواعها، فكل شبكة تتخصص فى اصطياد نوع معين من السمك، «كل صياد له مزاج فى الشبكة اللى بيصطاد بيها، أنا مثلا بفضل شبكة الكنار اللى بتصطاد سمك البطاطا والشراغيش والبوري».
وأكد، أن معظم الصيادين يعانون من ضائقة مالية مع زيادة سوء الأحوال الجوية وتوقف حركة الصيد والملاحة البحرية، لافتا إلى أنه يتم منع نزول البحر اثناء دخول المراكب الحربية إلى عرض البحر، حتى يتسنى لهم القيام بعملهم فى أمان تام، متابعا «احنا مش معترضين على منع البحر خصوصا فى الأيام الصعبة اللى احنا فيها، ممكن إرهابين يندسوا وسط الصيادين ويقوموا بعمليات إرهابية، واحنا ممكن نتحمل المنع يومين وتلاتة عشان البلد».
وأشار "رضا" إنهم يحصلون على تصريح للصيد من قبل الثروة السمكية وحرس الحدود، ويتم تحديد المنطقة المتاحة لهم بالصيد فيها، بالإضافة إلى أن المراكب الخاصة بهم صغيرة لا تقوى على الإبحار والغوص فى عرض البحر لمسافات بعيدة، مناشدا الرئيس السيسي بمساندتهم وتقديم مبالغ مالية بسيطة لهم تعويضا عن الأيام التى يتم فيها منع البحر.