فيديو| منطقة«أبو مينا الأثرية».. 1700 سنة حضارة ينخرها السوس
السبت 04/مايو/2019 - 09:42 م
مريم حسن
طباعة
هي معجزة تاريخية بكل المقاييس الإنسانية احتضنتها عروس البحر المتوسط لتدون بكل فخر سطر جديد في كتاب التاريخ المصري العريق الذي علم العالم كل أشكال الحياة والحضارة، إلى أن لحقتها يد الإهمال والتردي هى منطقة أبو مينا الأثرية، أحد أعظم المناطق الأثرية المصرية بحسب تصنيف اليونسكو، والتي نخرها سوس .
حيث تعد منطقة أبو مينا الأثرية، الواقعة ببرج العرب، فى غرب الإسكندرية؛ أحد المناطق الأثرية التي تم تسجيلها فى سجل أهم المناطق الأثرية بمنظمة اليونيسكو، لتكون المنطقة الوحيدة المسجلة فى المنظمة العالمية بمحافظة الإسكندرية، رغم تعرض المنطقة الأثرية للتخريب والتدمير عبر العصور.
أبو مينا كنز أثري
وفي ذلك الصدد أكد محمد متولى، مدير منطقة أثار الإسكندرية، أن منطقة أبو مينا الأثرية تعد كنز أثري حقيقي حيث انها تضم العديد من المواقع الأثرية مثل؛ موقع آثار أبو مينا وموقع أثار البرعسى ويرجع تاريخهما إلى القرن الربع الميلادى، وموقع آثار البساتين ويرجع تاريخه إلى القرن السادس الميلادى، وموقع أثار عسيلة، ويمثل هذا الأثر تل أثرى كبير لم يتم إجراء حفائر به إلا عام 2007 ميلاديا، ومن الصعب تحديد تاريخ هذا الأثر، حيث أن الحفائر لم تسفر عن شىء قوى يدل على تاريخ الأثر حتى الآن.
وأضاف مدير منطقة آثار الإسكندرية، لـ "بوابة المواطن" أن عملية التنقيب والتى استمرت منذ عام 1905 وحتى وقت قريب أسفرت عن الكشف عن مدينة كاملة كان يطلق عليها المدينة الرخامية لكثرة ما بها من الرخام، بالإضافة إلى مجموعة الكنائس والمنازل والحمامات ومعاصر النبيذ.
أبو مينا مركز للحجاج الاقباط
وقال القمص تداوس افامينا؛ الباحث في الآثار ومنسق العلاقات بين وزارة الآثار والكنيسة القبطية، أن منطقة أثار أبو مينا تحتوى على مركز الحجاج الذى يشمل المبنى الرئيسى الخاص بالمكان ويقع بالجزء الجنوبى من المنطقة السكنية القديمة، بالإضافة إلى احتوائه على الكنائس؛ التى تشمل مجمعا معماريا ضخما يتألف من 3 مبانى متصلة ببعضها بشكل مباشر، وهى البازيليكا الكبرى وتعد أضخم كنائس مصر وترجع لأواخر القرن الخامس الميلادى؛ وتتكون من الحنية الشرقية والمذبح و3 أجنحة وجناح مستعرض.
وأوضح القمص تداوس افامينا الباحث في الآثار ومنسق العلاقات بين وزارة الآثار والكنيسة القبطية، أن كنيسة المدفن تلى البازيليكا الكبرى من جهة الغرب، وتتكون من مقبرة القديس مينا ويرجع زمن بناءها إلى حكم الإمبراطور جوستنيان 528 - 565، بالإضافة إلى وجود قبر القديس مينا، متابعا أن كنيسة المدفن عبارة عن مقبرة تحت الأرض لها سلمان أحدهما مخصص للدخول والآخر للخروج، ويشير ذلك لضخامة عدد الحجاج الذين كانوا يأتون خلال عيد القديس لزيارة القبر.
معمودية أبو مينا مبنية على الطراز الروماني المتأخر
وأضاف الباحث في الآثار ومنسق العلاقات بين وزارة الآثار والكنيسة القبطية، أن المعمودية تقع غرب كنيسة المدفن ويوجد بها بئر للتعميد مكون من 3 درجات ومغطى بالفسيفساء وكانت تتم به مراسم التعميد، إلى جانب القرية السكنية التى تقع حول المركز الخاص للحجاج وتتكون فى معظمها من منازل مبنية بالطوب اللبن ذات التخطيطات المتداخلة فى أغلبها وبها حوانيت وورش، وأيضا الحمام المزدوج ويتكون من قسمين بهدف الفصل بين الجنسين ومشيد على الطراز الرومانى المتأخر والذى كان منتشرة فى أرجاء الإمبراطورية الرومانية وكان يتكون من عدد من الأحواض وأماكن وضع الوقود، وبئر كبير يزود الحمام بالماء، والطوب الأحمر المحروق وهو عبارة عن مادة الحجارة المستخدمة فى البناء بجانب طبقة من الدقشوم لعدم تسرب المياه بين الأحواض، والحمامات الشمالى على نفس الطراز المكون من بئر كبير وعدد من الأحواض وحجرات وتغيير الملابس، ومبنى من الطوب الأحمر المحروق، وأخيرا البيمارستان وهى عبارة عن مستشفى مكونة من الحجرات والصالات على شكل نصف دائرة.
تاريخ من الانتهاك
وفي سياق متصل قال الدكتور عزت حبيب صليب، مدير عام التراث القبطى، أن العالم الألمانى "كاوفمان" بدأ بالحفريات فى منطقة أبو مينا الأثرية واكتشف بعض المعالم فى المدة من 1905- 1907م، وبعد اكتشافها قام بنقل 100 صندوق إلى بلاده مملوء تحفا بديعة وتيجان الأعمدة الرخامية ووضعها فى متحف فرانكفورت بألمانيا الغربية، لافتا إلى أن "برامكى بك" محافظ الصحراء الغربية عندما تفقد أطلال المدينة لم يشأ أن يترك ما تبقى من رخام، بل انتزعه واستخدمه فى بناء مدينة "أبو صيرورة القبلية" وأطلق عليها اسم "برج العرب"، كما لم تسلم الاكتشافات الأثرية من عبث البدو المقيمين فى المنطقة.
وذكر مدير عام التراث القبطى أن الباحثين الألمان قاموا بتكليف من المعهد الألمانى للأثار بمعاونة المتحف القبطى بعمل حفريات جديدة ودقيقة، وتم نقل بعض الآثار إلى المتحف القبطى بالقاهرة والمتحف اليونانى الرومانى بالإسكندرية، كما قام المعهد الألمانى للأثار بالقاهرة فى السنوات الأخيرة ببعض الاكتشافات بالمنطقة برئاسة عالم الآثار الدكتور "بيتر جروسمان" وإشراف هيئة الآثار المصرية.
كيرلس السادس يعيد امجاد المدينة
وأوضح الدكتور عزت حبيب صليب، أن قداسة "البابا كيرلس السادس" استطاع أن يعيد لمنطقة أبو مينا ما كان لها من مجد وشهرة، فأنشأ دير مارمينا بمريوط؛ المشروع التعميرى الأول الذى أولاه اهتمامه عقب توليه البطريركية، حيث تقدم "البابا كيرلس السادس" بطلب إلى الجهات المعنية لشراء قطعة أرض مساحتها 15 فدان لإقامة الدير عليها، وفى ذكرى تكريس كنيسة الشهيد مارمينا عام 1959، ذهب كيرلس السادس إلى منطقة أبو مينا الأثرية وأقام فيها صلاة القداس الإلهي، ثم وضع حجر أساس الدير الحديث وقام بتدشينه عام 1961، ويقع هذا الحجر أسفل شرقية المذبح الرئيسى للكاتدرائية الموجودة بالدير، ويظهر خلف الواجهة الزجاجية المواجهة لمقبرة البابا كيرلس السادس.
وأضاف"صليب" أن البابا كيرلس السادس بدأ بتعمير الدير رهبانيا بانتداب بعض الآباء من الأديرة الأخرى ليكونوا نواة للحياة الرهبانية، وبعد ذلك قام بسيامة رهبان على الدير، وحملوا لقب "آفا مينا" وكانت باكورة السيامات الرهبانية فى الخير بتاريخ 12 أبريل 1963م، مشيرا إلى أن أول رئيس للدير هو الأنبا "مينا آفا مينا"؛ الذى أسند إليه البابا كيرلس أمر مسؤولية الدير عام 1964، ثم قام البابا شنودة الثالث بسيامته أسقفا يوم 25 مايو 1980، وفى عهده شيدت معظم مبانى الدير، وانخرط الكثير من الشباب فى طريق الرهبنة.
أبو مينا والبابا شنودة
ولفت إلى أنه قام قداسة البابا شنودة الثالث البطريرك ال 17 بسيامة الأنبا كيرلس آفا مينا أسقفا ورئيسا للدير فى عيد العنصرة فى 15 يونيه 2003م، وعاد هذا المكان ليكون مصدر تعزية لكل متعب ومريض، حيث تمتد يد العناية الإلهية لتصنع العديد من المعجزات.
أبو مينا وعام 1905
وقد بدأت عمليات الكشف الأثرى للمنطقة عام ١٩٠٥ على يد العالم الألمانى "كوفمان" ثم تلتها أبحاث أخرى على فترات متباعدة، وقد وجهت منظمة اليونسكو عام ١٩٧٩ عناية خاصة بالمنطقة الأثرية، ومؤخرا تم وضع منطقة أثار مارمينا على قائمة المناطق الأثرية المهددة فى العالم، بسبب غرق المنطقة الآثرية بالمياه الجوفية، وفى عام ٢٠٠٥ قام المجلس الأعلى للآثار بالتعاون مع دير مارمينا بعمل دراسات مستفيضة لإنقاذ المنطقة، حيث يتم حاليا تنفيذ مشروع كبير لخفض منسوب المياةالجوفية وإعادة ترميم المنطقة الأثرية.
أقرأ ايضًا: نائب محافظ الإسكندرية.. منطقة أبو مينا تضم العديد من المواقع الأثرية