اليمين المتطرف ما بين السيطرة على أوروبا وكراهية المسلمين
يطلق مصطلح اليمين المتطرف على مجموعة من
الكتل الحزبية التي تتبنى فكرة الحفاظ على العادات والتقاليد داخل المجتمع، ولكن
تستخدم في ذلك أسلوب العنف والتدخل القسري واستخدام العنف لتنفيذ تلك القيم، ولديه
تمسك عنيف ضد المسلمين والمهاجرين الأجانب ودائمًا ما يستخدمون العنف ضدهم بسبب
تعصبهم لفكرة القومية والهوية اللغوية.
ونجحت هذه الكتلة المتطرفة في احتلال الكثير
من المناصب في الفترة الأخيرة خاصة في القرن الواحد والعشرين، حيث أصبحت ممثلة
ولديها عدد كبير في برلمانات بعض الدول الأوروبية والأمريكية والبرلمان الأوروبي
أيضًا، وتبنت الكثير من الأحزاب السياسية في الفترة الأخيرة أفكار التيار اليميني
المتطرف وعملت على تحقيق قيمه وعاداته.
أسباب نجاح التيار اليميني
ويعود نجاح تيار اليمين المتطرف إلى عدة
أسباب لعل أبرزها تفكك الأحزاب والإتحادات والكتل السياسية والركود الإقتصادي الذي
يعاني منه معظم الدول، والأزمات العالمية التي يعاني منها العالم كل يوم، وهو
الأمر الذي جعل قادة هذا الفكر يضطهدون الأجانب من البلاد الأخرى ويمارسون ضدهم كل
أنواع العنف والقمع لأنهم يروا أنهم يزاحمون "اليمين المتطرف" في
مناصبهم، ومن هنا جاءت عداوتهم للمهاجرين وبدأوا وضع الصعوبات في طريقهم.
وتعتبر الهجرة هى أبرز ما يمارس اليمين
المتطرف القمع ضدها، ففي التسعينات أصبحت الهجرة هي الشغل الشاغل لقادة التيار
المتطرف وبدأوا يسوقوا لأفكارهم من خلالها ونجحوا في اكتساب الكثير من المواطنين
في صفوفهم خاصى في دول أوروبا الغربية المتمسكة بتقاليدها العريقة.
وبدأ "اليمين المتطرف" يسوق
لأفكاره في جميع أنحاء أوروبا لمحاولة كسب العديد من المواطنين والسيطرة على
القارة العجوز لتطبيق أفكارهم، ففي 2008 أعلنت الأحزاب التابعة للتيار اليميني
تأسيس منظمة جديدة لمحاربة الظاهرة التي اطلقوا عليها مصطلح "الأسلمة"
في أوروبا وكان ذلك في مدينة انفير البلجيكية، وشارك في تأسيس تلك المنظمة العديد
من الدول في جميع أنحاء أوروبا.
وبدأ اليمين المتطرف في التسويق لمحاربة
مشكلته الأزلية وهي "الهجرة" حيث حذر الدول الأرووبية من أن القارة
العجوز التي تنعم بالسلم تكاد تخسر تلك النعمة وتدخل في بوتقة من العنف والتدمير
وفقد هويتها وعراقتها وتقاليدها بسبب هجرة الأجانب من الدول المسلمة خاصة دول شمال
إفريقيا.
واستخدمت أحزاب التيار اليميني الأحداث التي
وقعت في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2001 وذهبت في جميع أنحاء أوروبا تهول من
نتائج الواقعة وتبرهن على وجاهة أفكارها من خلال تلك الأحداث التي نسبتها
للمسلمين.
وفي إسرائيل وتماشيًا مع أفكار التيار
المتطرف ظهر الحزب اليميني بقيادة الحاخام يعقوب يوسف وعمل على نشر الكراهية ضد
المسلمين والعرب وعدم التسامح معهم وقتلهم، ووصف المسلمين بالأفاعي، كما دعى أيضًا
لقتل الأطفال المسلمين.
وعاد اليمين المتطرف إلى عروش الحكم من جديد
في عام 2018 حيث فاز قادة التيار بقيادة "جايير
بولسونارو" بالإنتخابات الرئاسية في البرازيل، كما صعدت الأحزاب اليمينية إلى
الحكم في إيطاليا، وفي ألمانيا حدثت مظاهرات عنيف ضد المسلمين والعرب تزعمها
"النازيون الجدد".
ومع عودة اليمين المتطرف للحكم من جديد وتواجده في كبرى مناصب أوروبا، بدأت
حوادث العنف والقمع ضد المسلمين العرب تتزايد، فأصبحنا نرى الكثير من العمليات
التي يقوم بها أنصار التيار بحرق المساجد الموجودة في أوروبا مثل ماحدث في السويد
سابقًا، ونشر الرسوم الكاريكاتيرية والمسلسلات المسيئة للرسول محمد والمسلمين أجمع
ومحاربة المسلمين ووضع العقبات في طريقهم لمنعهم من تأدية طقوسهم والتزامهم
بعاداتهم.
اليمين المتطرف يسيطر على أوروبا
ونجح التيار اليميني المتطرف في السيطرة على
الحكم في كثر من الدول الأوروبية منها المجر، حيث فاز حزب "قيدس"
المنتمي للتيار اليميني في الأنتخابات البرلمانية الأخيرة بعد حصوله على 135
مقعدًا من أصل 199، وتسلم "فيكتور أوريان" رئيس الحزب والمعروف بعنصريته
الشديدة ضد من هم غير أوروبين رئاسة الحكومة للولاية الرابعة على التوالي.
وفي السويد حصلت كتلة الأحزاب المنتمية
لليمين المتطرف والتي تضم عدة أحزاب منها "ديمقراطيو السويد" على 176
مقعدًا من أصل 349 في البرلمان السويدي وتماشيًا مع الأفكار التي يتبناها التيار
المتطرف فالمعروف عن تلك الكتلة هو كراهيتها الشديدة ومحاربتها للهجرة والمهاجرين.
وعن كرواتيا فنجح الحزب الديمقراطي اليميني
في تعزيز مكانته وقبضته على السلطة، حيث فاز بـ66 مقعدًا من أصل 151، ويدعو هذا
الحزب دائمًا إلى عسكرة الحدود ومنع الهجرة إلى البلاد لغير الأوروبين.
ونجح حزب القانون والعدالة اليميني المتطرف
في بولندا بالحصول على أغلبية ضئيلة بالبرلمان، حيث حصل على 235 مقعدًا من أصل
460، وأظهر قادة هذا الحزب في خطاباتهم خلال فترة الإنتخابات كراهيتهم الشديدة
للهجرة والعرب والمسلمين.
وفي انتخابات البرلمان الإيطالي التي تعقد
حاليًا، أظهرت النتائج الأولية فوز أئتلاف اليمين المتطرف في الإنتخابات التشريعية
الإيطالية، وهو أمر إن حدث ستكون زعيم الحزب "جورجيا ميلوني" أول رئيسة
وزراء في تاريخ البلاد.
وللتيار اليميني المتطرف يوجد عدة جماعات في
مختلف دول أوروبا ويعد أبرز تلك الجماعات "الملائكة التسعة" التي أسست
في الستينيات وأزدهرت على شبكة الإنترنت وكانت أفكارها تميل إلى العنف ضد الهجرة
والمسلمين.
وهناك جماعة "البديل الوطني" والذي
تتبنى حرب عرقية وتدعو لطرد السكان غير البيض من المملكة المتحدة، ويعتبر
"مارك كوليت" مدير الدعاية السابق في الحزب القومي البريطاني هو من أسس
تلك المجموعة وتولى دعوتها لحرب عرقية ضد السود ونجح في اجتذاب عدد كبير لجماعته
من جميع أنحاء المملكة المتحدة.
وفي بريطانيا هناك جماعة الإستقلال البريطاني التي أنشئت 1993 وتعد من أبرز المؤيدين لفكرة إنسحاب بريطانيا من الإتحاد الأوروبي وتنتقد دائمًا سياسات الإتحاد الأوروبي واتجاهاته.