شرعنة التدخل وحرب الاستفتاءات.. كيف تحسم روسيا معركتها مع أوكرانيا
الأحد 02/أكتوبر/2022 - 07:50 م
نهى رجب
طباعة
بالتزامن مع الأزمة القائمة بين أوكرانيا وروسيا والتوتر الشديد الذي شهده العالم أجمع، لم تلقي الحرب الروسية الأوكرانية بظلالها الثقيلة على الأوضاع الاقتصادية فحسب، بل الانتصار الذي احرزته القوات الأوكرانية عبر هجومها المضاد في شرق البلاد خلال سبتمبر المنصرم لا سيما في منطقة خاركييف جعل استفتاءات روسيا تضع أوكرانيا في مهب التقسيم.
وتتسارع وتيرة الإعلان عن استفتاءات الانضمام لروسيا لا سميا في المناطق التي سيطر عليها الروس وحلفائهم في أوكرانيا.
وفي سياق متصل أخذت "خيرسون" الواقعة في جنوب اوكرانيا والخاضعة لسيطرة روسيا، بعمل استفتاء حول الانضمام إلى موسكو من 23 سبتمبر المنصرم وحتى 27 من الشهر نفسه، وقال زعماء الأراضي الانفصالية التابعة لروسيا إنها سوف تنظم استفتاء مماثلًا في الفترة نفسها، وفقًا لما ذكرته سكاي نيوز عربية.
وعلى صعيد آخر أتفق دينيس بوشلين، ليوند باستشنيك، زعيما جمهوريتي دونيتسك ولوغاسك الشعبيتين اللتين اعترف بهم فلاديمير بوتن الرئيس الروسي، بأنهم دولتين مستقلتين عندما بدأت الحرب المباشرة مع أوكرانيا، على التصويت للانضمام إلى روسيا.
وتمخضت الجمهوريات الأربع الواقعة في شرق وجنوب أوكرانيا، وهي لوغانسك، ودونيستك، وخيرسون، وزابوىوجيا، نسب تأييد تسعينية كاسحة لخيار الانضمام إلى الاتحاد الروسي، ولفتت انظار العالم حول ما يحدث هناك الآن من تحولات مثيرة من شأنها تغيير الخارطة الجيوسياسية لكل من طرفي الصراع.
آمال شعبية
ذكر مسلم شعيتو، الخبير بالشؤون الروسية، وكان شاهدًا على عمليات الاستفتاء، في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، أن السكان يراهنون على الحرية وخدمات الضمان الاجتماعي مع توفير الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي، التي تقدمها الدولة الروسية لهم.
واضاف أن السكان يتطلعون في تحسين معيشتهم، وأن روسيا ستحقق لهم الرخاء المأمول، بالرغم من تعرض هذه المناطق لقصف الجانب أوكراني، وهكذا يُعلق سكان هذه المناطق آمالًا عريضة للانضمام إلى روسيا، لكن أمنيًا فالأمر متعلق بردة فهل خاركييف والتي غالبًا ستستمر في قصف تلك المناطق والتحرش بها.
فقر وحرمان
ومن جانبه أكد الخبير الاقتصادي الروسي والمستشار بقطاع الأعمال والاستثمارات تيمور دويدار، أن مقاطعتي لوغانسك ودونيستك تعيشان حالة من عدم الاستقرار، وتعتمد كليًا على المعاونات الروسية، أما مقاطعتا زابوروجيا وخيرسون فهما منطقتان محرومتان وفقيرتان من حيث نقص الموارد الطبيعية، وانتشار الفقر والبطالة فيهما.
وتابع:" أن قيام هذه الحرب نتج عن إضعاف الوضع، وساءت احوال الناس مع الأسف على وقع تداعياتها وما خلفته من دمار وخراب، لذلك السكان يسعون لضمان حقوقهم والعيش بأمان وكرامة".
أراء المحللين والمراقبين
يرى المراقبون أن المناطق التي تنظم الانضمام إلى روسيا في هذه الاستفتاءات هي بالفعل مرتبطة بموسكو، وأن هذه الاستفتاءات ستكون مجرد تحصيل حاصل لأوكرانيا، بمعنى أنها ستفتت كدولة قائمة بذاتها.
وينظر المحللون الروس أن موسكو تهدد بورقة الاستفتاءات هذه لمنع التقدم العسكري الأوكراني، إلى جانب لفت انتباه الغرب لتغيير سياساتهم التسليحة الداعمة لأوكرانيا، وتستغل روسيا هذه الورقة في وقت لاحق على طاولة المفاوضات لتسوية النزاع.
وقال حسن المومني استاذ العلاقات الدولية وفض النزاعات في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الاقدام نحو هذه الخطوة سيشكل تصعيدًا روسيًا كبيرًا في هذا الصراع القائم، لافتًا أن هذه الخطوة استنساخ كُلي لتجربة شبه جزيرة القرم، في بقية المناطق التي سيطر عليها الروس بأوكرانيا.
وأشار المومني إلى أن هذه الخطوة إما أداة ضغط لتعزيز الموقف الروسي في المنطقة، أو لخلق أمر واقع يتم تكريسه، أو يتم الاعتراف به من قبل كييف ضمن سياق تسوية معينة، أو أن تبقى حالة راسخة على مر السنين على نفس الحالة التي فيها شمال "قبرص".
وأضاف أن الحرب في أوكرانيا صراع يشبه الدائرة، بمعنى أن ثمة خطوات تصعيدية متبادلة على مسرح الأحداث، حيث كانت اليد العليا ميدانيًا للجيش الروسي، لكن مع مرور الوقت تسلل السلاح الغربي لكييف فكان من شأنه اضعاف كفة روسيا مع استنزاف قوتها، وحينها أخذت القوات الأوكرانية تستعيد بعض زمام المبادرة ليس ذلك فخسب، بل وتمكنت حتى من استرداد مناكق سيطر عليها الروس في وقت سابق".
واختتم حسن المومني حديثه قائلًا"، إنه عندما استطاعت أوكرانيا استراد بعض المناطق التي سيطر عليها الروس سابقًا، جعلها سيدة الموقف، فأن التصعيد منذ بداية الحرب كان تصعيد تكتيكي وليس استراتيجي، بحيث يمكن لأحد اطراف الصراع حسم الأمر لصالحه، لكن هذه الاستفتاءات تغير هذا الايقاع المتفق مع سياسة الحرب"