في يوم مولد النبي "محمد" صلى الله عليه وسلم يتعين علينا الحديث عن عبقريته السياسية والتخطيطية وبعد نظره، لكن لنفهم اتجاهه السياسي وقدراته على الإدارة، ينبغي علينا أولا أن نفهم ماذا تعني السياسة كعلم و أسلوب في التعامل، كقيادة للأمم و تخليق التوافق بين الجبهات المتعددة.

مفهوم السياسة

السياسة هي القدرة على تنظيم العلاقات بين الدول والأشخاص بعقلية متقدمة وذكية، فالأمم تستقر جراء السياسة المشتركة والتبادل السياسي في المعاملات، فماذا عن أمة محمد، السياسة هي أسلوب أو طريقة لعلاج الأزمات وإدارة البلاد، فهي تنظيم لشؤون الدولة، كما أنها الطريق الذي يصل بالقائد لإتخاذ القرارات المهمة إنسانية كانت أو دينية أو اقتصادية أو اجتماعية.

في المعنى الحديث تختلف السياسة عن زمن النبي الكريم، حيث أن تعريف السياسة الآن يندرج تحته وجود دستور وجهات تشريعية و نظام ديمقراطي، مع العلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ديمقراطيا يأخذ بالشورى، فالسياسة قديما وحديثا هي عملية صنع القرار، تعتمد هذه العملية على أيدولوجيات عدة متفرقة، بالإضافة إلى علاقة الحكام بالمحكومين المبنية على التفاهم والتبادل.

لكن السياسة عند "ابن خلدون" هي تحمل مسؤولية الأفراد تحت حكم القائد السياسي، ويأتي ذلك في في الأحوال الحياتة من مصلحة عامة وأمان تام، السياسة في يومنا هذا هي مجال مستقل من مجالات الدراسة الجامعة حول العالم، وهذا يعني أنه ليس للجميع أن يصبحوا ساسة.

سياسة النبي "محمد" صلى الله عليه وسلم

اهتم النبي" محمد" بتأمين الجبهة الداخلية قبل التوسع خارجيا، كان عليه أن يحمي المؤمنين برسالته، فأسس وحدة وطنية بينهم، وآلف بينهم لكي يقفوا يدا واحدة أمام عدوهم، فهاجر النبي والمسلمين إلى المدينة المنورة بعد إستحالة الحياة في مكة ليكون لهم مكانا أكثر أمانا يحتويهم، وفي الحقيقة كان قرار الهجرة قرارا ذكيا وصائبا، فقد جمع الرسول الكريم عدد أكبر إلى جهته وعمل على توطيد أواصر المحبة مع القبائل المجاورة.

كما أنه تميز بقدرته على التفاوض ومرونته وعدم تشدده في الأمور الثانوية، وظهر ذلك في مفاوضات الحديبية مع قريش، بالإضافة إلى شجاعته في خطوة إرسال الرسل إلى بلاد غير المسلمين لدعوتهم للإسلام بالحسنى، ولم يحاول إجبار أحد على الدخول في الإسلام بل طبق بوضوح مبدأ" لا إكراه في الدين"، لكن ذلك لم يضعف من شوكته العسكرية وقوته السياسية بل أوصى بنشر الإسلام في جميع بقاع الأرض.

"عبقرية محمد" بقلم العقاد

تحدث العقاد في كتابه "عبقرية محمد "عن النبي الكريم كزوج وكرئيس للمسلمين و شاب وكنبي، تناول من حياته زوايا عدة، ودافع دفاعا شديدا عن اتهامات الغرب للإسلام بالعنف والإرهاب، ووضح أن الإسلام لم يبدأ بالعدوان أبدا وإنما سعى المسلمون لحماية أنفسهم وحماية عقيدتهم من عدوان الغير، يتحدث العقاد عن النبي "محمد" بفخر فهو أعظم وأشرف رجل في العالم، تناول جانب من حياته المدنية والاجتماعية ومن ناحية أخرى تناول شخصيته كقائد عسكري قوي.

يكفينا فخرا أننا نتكلم لغته ونقرأ القرآن الذي أنزل عليه ونتبع سنته.