من 72 سنة..تعرف على قصة حادثة الأسلحة الفاسدة بمصر
بدأت قضية الأسلحة الفاسدة الشهيرة من يوم هزيمة مصر في حرب فلسطين عام ١٩٤٨، والتي استمر أجلها منذ ٧٢ سنة، وارتبطت أيضا بأهم ثورة عاشتها مصر ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢، التي كانت تهدف إلى إلغاء النظام الملكي وإقامة النظام الجمهوري بمصر.
ومن هنا بدأنا نستنتج أن الأسلحة الفاسدة هي نفس الأسلحة المستخدمة في حرب ١٩٤٨ التي تم توردها للجيش المصري حينها، التي قررت مصر وقتها دخول الحرب قبل نهاية الانتداب البريطاني على فلسطين بيومين فقط.
ما حدث عام ١٩٤٨
تأخرت مصر من دخول الحرب وقتها، من تحضير السلاح وكل ما يلزم للاستعداد للحرب، في نفس الوقت تم تشكيل لجنة سميت لجنة احتياجات الجيش الموافق يوم ١٣ مايو، ونظرا لضيق الوقت لم يكن هناك أي قيود أو رقابة لإحضار الأسلحة، فكان المهم لهم في ذلك الوقت هو إحضار السلاح بأسرع وقت ممكن.
بالإضافة إلى أن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قد أعلن قرارا بشأن إلغاء تصدير أي أسلحة للدول المشاركة في حرب فلسطين، لذلك اضطرت الحكومة إلى اللجوء لفكرة أخري وهو إجراء صفقات الأسلحة مع شركات السلاح التي انتهزت فرصة إلغاء تصدير الأسلحة الصادر من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وقامت برفع سعر السلاح لدرجة مبالغ فيها.
فكان من الضروري استخدام أسلحة فاسدة وفق ما حدث وقتها من إلغاء التصدير، ومن الجانب الآخر رفع قيمة الأسلحة إلي أعلى سعر.
واستعدت مصر للحرب باستخدام بنادق ألمانية الصنع طراز كيرباينر المعروفة باسم "ماوزر"، كما أتي الملك فاروق بمجموعة أخري من الأسلحة لتجهيز الجيش المصري بكل ما يلزم، حيث قام بشراء ٢٠٠٠٠ بندقية "ماوزر"، و ١٧٧٠٠٠ بندقية نصف آلي، وقام بشراء طائرات معاكي وفيات، وشراء مصنع أسلحة في أوروبا لإنتاج الذخائر والطلقات، وقام باستيراد قذائق الأنرجا، وعدد من عربات النقل ماركة رينو وفيات.
ولم يكتفي بذلك بل قام بشراء ٢٥٠٠٠٠ قنبلة يدوية من مصانع كستر وزيوني ميكانيكا في إيطاليا، وبعد شراؤها اتضح أنها ليست بكفاءة عالية بل أقل كفائة من القنابل المحلية المصرية، بينما كان سعر القنبلة المحلية ٣٥٠.
معرفة الحقيقة
وعندما بدأ ينتشر الكلام بين الناس، قدمت عدة مخالفات مالية نشأت عن صفقات الأسلحة لتجهيز الجيش المصري بطريقة غير مشروعة في عام ١٩٤٨ و عام ١٩٤٩، وحينها قدم مصطفي النحاس رئيس الحكومة وقتها استقالته وسط الضغط الذي تلقاه بشأن حذف المخالفات من التقرير، ولكن مصطفي مرعي النائب البرلماني حينها بفضح الأمر في مجلس الشعب يوم ٢٩ مايو ١٩٥٠.
استخدم النحاس والملك فاروق كل الوسائل لإسكات الشعب.
ما فعله إحسان عبد القدوس
نجح إحسان عبد القدوس إلى إيصال أخبار هذه الصفقات إلي الرأي العام من خلال مجلته التي تسمي "روزاليوسف"، الذي أثر على الكثير من المواطنين أيضا، بسبب ما حدث وسط المتاجرة بدماء جنود مصر في أرض المعركة.
وصلت القضية إلى كثير من الشعب وأحدث ضجة كبيرة حينها، حتى اضطر وزير الحربية مصطفي نصرت أن يقدم بلاغ للنائب العام للتحقيق بشأن ما ورد في مجلة "روزاليوسف"، المتعلقة بالأسلحة الفاسدة في حرب فلسطين.
وتورط في هذه المشكلة بعضا من رجال الجيش والمدنيين، واتهام أفراد الحاشية الملكية، واستمرت التحقيقات بعد قيام ثورة يوليو بحوالي سنة.
وانتهي الأمر ببراءة كل المدنيين ماعدا البكباشي حسين مصطفي منصور، وعبد العقار عثمان الذي حكم عليهم بغرامة ١٠٠ جنيه مصري، فلم يوجد وقتها أدلة كافية بالنسبة للمتهمين، لأن ملف القضية اختفي من سجلات القضاء ولم تظهر حتي الآن.
وعندما تم التحقيق في الأمر من خلال معرفة شهادات الضباط والجنود ثبت أن الأسلحة الفاسدة قام بها سماسرة مستتر وراءهم الملك فاروق، وأيضا ضيق الوقت اضطرهم إلى اللجوء إلى مصادر غير مضمونة لتوريد السلاح.
تعرف علي الأسلحة الفاسدة..وماذا فعلت بالجنود المصريين
أولا هذه الأسلحة كانت من بقايا الحرب العالمية الثانية الموجودة بالصحراء الغربية، منها ذخيرة مدافع عيار ٢٠ رطلا، وكانت غير صالحة للاستخدام الآدمي، وخطرا علي المجتمع لذلك تسببت حينها إلى انفجار ٤ مدافع يوم ٧ و١٢ يوليو ١٩٤٨، ومقتل جنديين وجرح ثمانية.
بالأضافة إلى الدبابات التي تسببت في قتل العديد من الجنود المصريين، في الوقت التي كانت تمتلك إسرائيل أحدث الدبابات.