أيعقل أن يكون لزعيم الأمة لقب بذئ كالمُقامر والسكير؟
سعد زغلول هو أحد أشهر الزعماء لتاريخنا المصري العريق في العصر الحديث، وقائد ثورة 1919، إلى جانب مشاركتة في الثورة العربية، لذلك لُقب "بزعيم الأمة" بالإضافة إلى كونه رجلًا من الناقدين لأحكام المجالس، حتى أن مقولته الشهيرة التي عرفناها ورددناها" اختلاف الرأي لايفسد للود قضية".
ودائمًا ما كان" سعد غلول" ينتقد سلطة الخديوي توفيق لانحيازها إلى الإنجليز ضد الوطن، وأدى ذلك لفقدان وظيفته، ومن ثم عمل "زغلول" بالمحماه، وكان أول محامِ يدخل الهيئة القضائية، لذلك شارك في إنشاء نقابة المُحامين.
المُقامر والسكير وزعيم الأمة
كان سعد زغلول يمتلك بعض الألقاب العجيبة المتناقضة، في آن واحد، مما جعل حياته تملئها المفارقات العنصرية كالآتي:
فالانجليز يرونه رجل "القُمار، والخمر، والعناد"، لتشويه صورته.
والمصريون يرونه الزعيم المصري.
بينما هو يرى نفسه فلاح مصري.
وبناءً عليه وقعت شخصية سعد زغلول في "فخًا لا خروج منه" كأسير لثنائية الروح والرؤية التي جعلته من المُشتتين بين الأساس العقائدي الازهري للشخصية الإسلامية، و عادات الغرب التي تهدف لإغراق المجتمع المصري، لذلك كان سعد زغلول يمتلك بعض الألقاب العجيبة المتناقضة، في آن واحد، مما جعل حياته تملئها المفارقات العنصرية.
وكان ناقدوا "زغلول" يقفون عند إدمانه للقمار في فترة من حياته، ولكن هذا الأمر لا يمكن التخلص منه، فالثورة لم تتأثر بأن زعيمها كان مُدمنًا للقمار، بل أضاعها تأثر سعد والوفد بمدرسة حزب الأمة.
فهل هذه رؤية شاملة للحياة؟ أم علاقة بين الإنسان وربه؟
فثنائية الرؤية تتمثل عند "زغلول" في مواقف أشد خطرًا لتتجسد في شعورة بالندم بمجرد إنتهائه من لعب القمار، فهو موقف متعلق برؤيته للإسلام والدين، لعل من اللافت حقاً هو استخدام التيار المعروف بأسم "تيار الإسلام السياس" لفقرة عظيمة جائت في مذكرات زغلول يعترف بها عن ممارستة للقمار، من أجل التشهير بالرجل وإظهاره كشخص غير أخلاقي أو في الحد الأدنى شخص مُسف مخالف لتعاليم الدين الاسلامي.
ولا يدرك دعاة هذا التيار كثيراً بحقيقة أن هذه الفقرة لم ترد في مذكرات الزعيم الراحل في سياق المباهاة، لكنها جائت لتعكس ذلك تمامًا، وتوضح تأنيب الضمير، والشعور بالذنب، على مافعله "زغلول"، بينما ذكر في نفس المذكرات أنه أقلع عنها خاصة بعد أن عاتبته زوجته ورفيقة دربه على هذا الأمر.
أيعقل أن يكون لزعيم الأمة لقب بذئ كالمُقامر والسكير؟
اعترف الراحل سعد زغلول في مذكراته الخاصة، أن لعب القُمار واحتساء الخمور، قد تمكنوا منه، حتى باع عزبته بمحافظة الجيزة مقابل اثنى عشر ألف جنيه، لسداد ديونه، قائلًا: " بعت هذه الأطيان وذهب ثمنها كالمح البصر ولم استفد منه شيئًا"، على الرغم من كرهه الشديد للقُمار واحتقاره للمُقامرين وتشبيهم بالمجانين، ولكنه تعمد فعل ذلك، مماثلًا أحد مظاهر الغزو الثقافي لبريطانيا، إلا أنه ظل بطلًا للنهاية في نظر المصريين فهو صانع التاريخ.
الضريح ومقابر الشافعي
عقب وفاة سعد زغلول، أصدرت الحكومة المصرية قرارًا بإنشاء ضريح له بجوار بيته "بيت الأمة"، وترك جُسمانه مؤقتًا في مقابر الشافعي إلى حين إنتهاء الضريح، بالإضافة إلى تشييد تمثلين له أحدهما بالجيزة والآخر بالإسكندرية.
الجنازة الأكبر في التاريخ
تحدث "نجيب محفوظ" قائلًا "إن جنازة سعد زغلول هي الجنازة الأكبر في التاريخ"، مُشيرًا عن المكانة التي حظى بها "زغلول" في قلوب المصريين، فقد أحبوه لدرجة "التقديس"، وأعتبروه أباً روحياً يحمل قضيتهم، وظهر ذلك خلال ملايين التوكيلات التي حملت توقيعاتهم وبصماتهم، مفوضينه بأن يكمل القضية ويذهب بها لدول الخارج.