صوته أحيا ذكراه ليكون كروان الإذاعة وأشهر مؤذن في التاريخ.. الشيخ طه الفشني في مدح الرسول
كروان الإذاعة في مدح الرسول وإحياء حفل زفاف
الملك فاروق
أٌصيب بمرض في صوته منعه من تلاوة القرآن الكريم
والابتهال، ليسافر إلى السعودية لأداء فريضة الحج ليفوجئ من حوله بانطلاق صوته
بأذان الظهر. لُقب بكروان الإذاعة المصرية وشيخ المنشدين وملك التواشيح الدينية،
هو أحد عمالقة التلاوة والإنشاد الديني وأحد أعلام هذا المجال البارزين إنه الشيخ
طه الفشني.
ميلاد طفلًا جديد
في إحدى ليالي ديسمبر الشتوية وتحديدًا يوم 10 من العام
1900 عُليت الصراخات لتُعلن ميلاد طفلًا جديد يظل أسمه وصوته ذكرى خالدة في أذهان
الجميع، ليُصبح أشهر مؤذن في تاريخ مصر.
تمكن الشيخ طه الفشني من حفظ القرآن الكريم وتعلم القراءات
والتجويد والأحكام، على يد الشيخ عبد الحميد السحار وذلك بعد التحاقه بالأزهر
الشريف.
حصل
الشيخ طه على شهادة القراءات العشر وانضم لبطانة الشيخ علي محمود، وكان للأخير
فرقة تواشيح خاصة، فعرض على الشيخ طه الفشني أن ينضم لبطانته.
تمكن من اكتشاف صوت الشيخ طه العذب ناظر المدرسة وأسند إليه
القراءة اليومية للقرآن في الطابور وحفلات المدرسة.
يعود لإدراجه
وكان والد الشيخ طه يطمح دائمًا إلى استناد ابنه ليدرس القضاء الشرعي، وبالفعل
توجه الشيخ إلى القاهرة للالتحاق بمدرسة القضاء إلا أن لثورة 1919 رأى أخر، لتجعله
يعود إلى أدارجه خالي الوفاض.
بعدما تأكد الشيح طه بأن حلم والده لدراسة القضاء الشرعي، اختار طريقه الخاص ليذهب
يحيي السهرات في المآتم كقارئ للقرآن في بلدته والقرى المجاورة له.
انتقل الشيخ طه إلى القاهرة وتحديدًا في حي الحسين، وكان قريبًا منه في السكن
الشيخ علي محمود.
دخول الإذاعة
وفي العام 1937، أحيا الشيخ طه حفلة ضخمة وكان يحضرها سعيد باشا لطفي، رئيس
الإذاعة المصرية، ليعطي الشيخ علي محمود الفرصة للشيخ طه الفشني أن يقرأ أمام رئيس
الإذاعة، يبهر الجميع.
وقال له رئيس الإذاعة في هذا الشأن: «يا شيخ طه بكره لازم تكون عندنا في الإذاعة
المصرية، وصوتك لازم يأخذ فرصته ويستمع له الناس في كل بر مصر».
وفي
صباح اليوم التالي ذهب الشيخ طه الفشني للإذاعة وأجرى اختبارًا والتحق بالإذاعة
المصرية، وقدرت لجنة الاستماع صوته بأنه قارئ من الدرجة الأولى الممتازة، وكان
مخصصًا له قراءة ساعة إلا ربع في المساء في الإذاعة المصرية.
وبعدها
بعدة سنوات، تعرض الشيخ علي محمود لوعكة صحية منعته من الإنشاد الديني في
المناسبات التي تُقيمها الإذاعة، لتطلب الاخيرة من الشيخ طه الفشني أن يحل محل
الشيخ علي لكنه رفض قبولها إلا بعد موافقة شيخه.
ووافق الشيخ علي قائلًا: «اذهب يا طه يا ابني اقرأ أنت
خليفتي»، لُتذاع الحفلة وتزداد شهرة طه الفشني في فن الإنشاد الديني
لينشئ فرقة خاصة به للإنشاد الديني عام 1942 مع استمرار عمله كمقرئ.
الملك فاروق
ومنذ العام 1943 وحتى قيام ثورة 1952 ظل الشيخ
طه يقرأ القرآن الكريم بقصري عابدين بالقاهرة ورأس التين بالإسكندرية
لمدة 9 سنوات، ويستمع له الملك فاروق، هذا بجانب الدعوة الملكية للشيخ لتناول طعام
الإفطار على المائدة الملكية في شهر رمضان كل عام.
وشارك مع كوكب الشرق أم كلثوم في إحياء حفل زفاف الملك فاروق بقصيدتين لحنها له
الموسيقار محمد عبد الوهاب.
مدارس ابن الأرقم
حصد الشيخ طه على العديد من الأوسمة حيث ظل
القارئ المفضل للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذي أهداه طبقًا من الفضة الخالصة
ممهورًا بتوقيعه.
وفي العام 1991 منح الرئيس الراحل محمد أنور السادات اسمه نوط الامتياز
من الطبقة الأولى، وأطلق اسمه على أحد الشوارع الرئيسية بمدينة نصر بجوار مدرسة
ابن الأرقم.
كان
الشيخ طه سفير لمصر في البلدان العربية والإسلامية التي زارها مبعوثًا أو مدعوًا،
وكرمه زعماء ورؤساء وملوك دول السعودية وباكستان وتركيا وماليزيا وتونس والمغرب
وليبيا والسودان وسوريا.
صوت ملائكي عذب
قال
المتخصصون عن الشيخ طه في فن التلاوة وعلم الصوتيات إنه الله سبحانه وتعالي وهبه
صوتًا ملائكيًا عذبًا ومقامات صوتية تعدت نحو17 مقامًا صوتيًا يتنقل من بينها في
سلاسة واقتدار لا مثيل له.
وفاة كروان الإذاعة
وفي يوم الجمعة الموافق 10 ديسمبرمن
العام 1971، علا الحزن ملامح الجميع ليُعلن عن وفاة كروان الإذاعة،
تاركًا خلفه كنزًا من التلاوات القرآنية النادرة والتواشيح والابتهالات الدينية
ليستمتع بها محبوه وتلاميذه في كل دول العالم الإسلامي.