قد يُسجَّل اسم زيلينسكي في التاريخ ليس كبطل أوكرانيا، بل كزعيم مدني جرّ بلاده إلى حرب كان يمكن تفاديها، مما جعل وطنه ضحية لصراعات القوى الكبرى، بعدما كان مدعوماً من الولايات المتحدة والغرب، لكنه فشل في حماية وطنه من الدمار، من خلال اندفاعة بالتصعيد العسكري أمام روسيا، على رغم الفارق الكبير في القوة بين بلاده وروسيا، بالإضافة على الراهان على الدعم الأمريكي والأوروبي، لكن المساعدات لم تكن كافية لمنع سيطرة روسيا على أجزاء واسعة من بلاده، حتى بعد أن أتيحت له فرصة للتفاوض على حلول تحفظ سيادة أوكرانيا، لكنه اختار الرهان على الحرب، الأمر الذى جعل في النهاية اسم زيلينسكي سيدون في التاريخ ليس كبطل أوكرانيا، بل كزعيم مدني جرّ بلاده إلى حرب كان يمكن تفاديها، مما جعل وطنه ضحية لصراعات القوى الكبرى، حرباً دمّرت البنية التحتية وأدت إلى انهيار الاقتصاد، بينما الملايين من الأوكرانيين اضطروا للهجرة، وفقدان السيادة بعدما تحولت أوكرانيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب، ولم يعد لزيلينسكي سلطة حقيقية على بلاده.
والأن نرى ونسمع أمام الشاشات ومن خلال الصحف العالمية اللقاء الحاد بالبيت الأبيض، بعدما اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالمقامرة بحرب عالمية ثالثة، وبقلة الاحترام للولايات المتحدة، مهدداً بقطع الدعم الأمريكي ما لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا، أدى هذا التوتر إلى إلغاء صفقة معادن نادرة كانت مقررة، ومغادرة زيلينسكي واشنطن دون توقيع الاتفاق.
وهذا يظهر لنا ضعف الرئيس المدني في المواجهة على حل المشكلات والأزمات سواء كانت داخلية أو خارجية، بعدم توافر مهارة القيادة الاستراتيجية بعيدة أو طويلة الأمد في الكثير من النواحي، لذلك سنجد أن الرئيس الذي يحكم بخلفية عسكرية أكثر قدرة على التعامل مع الأزمات بحكمة، مستفيداً من خبراته في إدارة المواقف الصعبة تحت الضغط، يعطي هيبة للدولة ويجعل خصوم الدولة أكثر حذراً في التعامل معها، مما قد يساهم في تحسين موقعها الدبلوماسي عالمياً، بما أن العسكريين يتدرجون في مؤسساتهم بناءً على الكفاءة والانضباط، فإنهم غالباً ما يكونون أقل تأثراً بالتحزّب السياسي، وأقرب إلى تقديم المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية، وأيضاً هناك أولوية لتطوير الجيش والصناعات الدفاعية، مما يساهم في تعزيز استقلالية الدولة عسكرياً وتقليل اعتمادها على الخارج تحسباً لأي ضغوط كانت.
وبنظرة ثاقبة عن قرب سنجد أيضاً عامل القيادة والحكم الذي هو نهج رجل الدولة صاحب الخلفية العسكرية، واعتمادة على تحقيق الاستقرار سواء في مختلف المجالات كالمجال الاقتصادي والأمني والسياسي وغيرها لمواجهة التحديات والاضطرابات، والحفاظ على سياسة متوازنة بين القوى الكبرى ودور الدولة إقليمياً ودولياً وتعزيز هذا الدور، والهدف دائماً الحفاظ على ركائز الأمن القومي الأساسية والنهوض بمشروعات قومية ضخمة لتحفيز الاقتصاد والتنمية.
- وفي النهاية لختام هذا الموضوع أثبتت التجارب أن الرئيس ذو الخلفية العسكرية يمتلك قدرة أكبر في الحفاظ على استقرار الدولة وأمنها القومي، بفضل الانضباط، الحزم، والخبرة في إدارة الأزمات.
فالتحديات التي تواجه الدول سواء كانت أمنية، سياسية، أو اقتصادية، تتطلب قيادة قادرة على إتخاذ قرارات حاسمة وسريعة دون التردد أو التأثر بالصراعات السياسية الضيقة. على العكس، قد يواجه الرئيس المدني صعوبة في التعامل مع الملفات الأمنية المعقدة وإدارة الدولة في ظل أزمات كبرى، ولهذا يبقى النموذج العسكري في القيادة ضمانة لاستقرار الأوطان وحمايتها من الفوضى والانهيار.