مصطفي فرغلي يكتب : قرآن فجر العاشر من رمضان
الإثنين 10/مارس/2025 - 07:03 م

الكاتب الصحفي مصطففى فرغلي
المــــــــــواطن
طباعة
ما زال المصرين ينتظرون فجر العاشر من رمضان من كل عام للاستماع الي الترتيل الأقرب الي قلوبهم خاصة قوله تعالي " وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ، وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّه تُحْشَرُونَ" .
ما زال انتصار أكتوبر المجيد لحن خالد يرسل أنغامه في سمع الزمان ليردد الناس على وقعه نشيد البذل والتضحية والفداء والنصر.
كما إن الحديث عن نصر العاشر من رمضان لا تستطيعه الكلمات والعبارات، فاللسان يعجز عن أن يأخذ بنواصي الكلمات التي يستطيع من خلالها استدعاء كل صور الانتصارات الكثيرة ومعاني البطولة العظيمة التي ظهرت في العاشر من رمضان السادس من أكتوبر ، بل إن الحديث عن هذا النصر تقصر دونه الأقلام، فنصر العاشر من رمضان هو معنى من المعاني الإنسانية الرحبة التي تتجاوز حدود القول وترتفع على مستوى الأساليب، هي مثل أعلى، والمُثُل العُليا من شأنها أن يُحِلَّقَ الناس في فلكها ولا يستطيعون الاقتراب منها ، هي منبع فياض بالخير والعطاء، وسنظل نرنو إلى مورده بالشوق واللهفة ، هي حياة جديدة، ولحن خالد يرسل أنغامه في سمع الزمان ليردد الناس على وقعه نشيد البذل والتضحية والفداء والنصر .
إن نصر العاشر من رمضان السادس من أكتوبر كان فتحاً جديداً لواقع جديد، وكان لصيحة " الله أكبر " دوي زلزل حصون الباطل، وكان لسلطان هذه الكلمة النورانية " الله أكبر " قوة عظيمة، فدخل جنودنا تحت شعار " الله أكبر" وجعلوا أنفسهم في معية الله.
قرآن فجر العاشر من رمضان ورويئا الرسول.
لا شيء في شوارع القاهرة فجر هذا اليوم يشير إلى أي تغيير ، ربما مدينة المنصورة كانت تستعد لإحياء ذكرى حرب الصليبيين عندهم ولم يكن يدري أهلها أن أعنف معارك الجو الحربية ستجري فوق سماءها بعد ساعات.
أما في صفوف الشعب فإن وقوع حرب ضد إسرائيل كان شيئاً مستحيلاً نتيجة لما يظهر من القيادة السياسية والإعلامية متمثلة في الرئيس السادات وقراراته، بسبب حالة اللاسلم واللاحرب. ولم يكن يدري غالبيتهم أن هذا الحال هو جزء من خطة الخداع الاستراتيجي.
عبر مذياع ما قبل الفجر يوم 10 رمضان سنة 1393 م الموافق 6 أكتوبر سنة 1973 م، كان صوت الشيخ محمد أحمد شبيب يشق الظلام من خلال ميكروفونات مآذن مسجد الإمام الحسين، حيث بدأ تلاوته من منتصف الآية 154 من سورة آل عمران.
بدأ القارئ الشاب أحمد محمد شبيب تلاوته بقول الله تعالى "قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ"، وانجذب المستمعين للأداء حتى انشدوا حين قرأ الشيخ قول الله تعالى "وَلَئِن قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ، وَلَئِن مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى اللَّه تُحْشَرُونَ".
ربما لم يكن يدري القارئ محمد أحمد شبيب أن ما قرأه بالاتفاق مع عبد العزيز محمد عيسى "وزير شئون الأزهر"، كان بتوجيه من الشيخ عبدالحليم محمود "شيخ الأزهر" وبالتنسيق مع هيئة الشئون المعنوية للقوات المسلحة، حيث كانت هذه التلاوة هي بشارة النصر، خاصة وأنه لم يكن يدري أحد في مصر غير قادة جيشها ـ، موعد الحرب، باستثناء الشيخ عبدالحليم محمود والذي رأى في المنام رسول الله يبشره بالحرب.
وكان يستمع لهذه التلاوة 300 ألف جندي غرب القناة تم حشدهم بمعداتهم وأسلحتهم في مشروع حرب تم تدريبهم عليه مرارا من قبل .. كانو جميعا ينظرون صوب الشرق متأهبون لساعة الحسم ينتظرونها في كل لحظة.
وبعد عدة ساعات بدأت الحرب بهجوم مفاجئ من قبل الجيش المصري والجيش السوري على القوات الإسرائيلية في سيناء وهضبة الجولان. وساهم في الحرب بعض الدول العربية سواء عسكريا او اقتصاديا.
وكان صوت الشيخ شبيب يرن في آذانهم بما قرأه من آيات الفجر فتنطلق الحناجر الهادرة تزلزل الأرض ب الله أكبر ... حتى تحقق النصر ، وتحقق وعد الله " قَٰتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍۢ مُّؤْمِنِينَ ".
وكما كان الدفاع عن أرض مصر واجب مقدس استشهد من أجله الآلاف ، فإن الدفاع عن مياة مصر لا تقل قدسية فهي ميراث الماضي وأصل الحاضر وحق المستقبل.
فكما كان زئير الأبطال في نهار هذا اليوم على أعتاب أرض سيناء يزلزل الأرض تحت أقدام المعتدي فما زال الأبطال مرابطون.
ختاماً.
يعتبر نصر أكتوبر العظيم ملحمة عسكرية سطرها الجيش المصري الباسل برجاله الشجعان حيث تمكن من اقتحام خط بارليف، محطماً الأسطورة التي روج لها الجيش الصهيوني عن نفسه كجيش لا يقهر.
لقد تحطم خط بارليف نفسه الذي أنفق عليه مئات الملايين وأنفق فيه الجهد والفكر والوقت وحطمه جنودنا في ست ساعات واستطاعت مصر بفضل الله عز وجل أن تفعل ذلك بقوة وعزيمة وإصرار وحسن توكل واعتماد على الله، وحنكة في التخطيط والإدارة والتنظيم، وبأيدي أبنائها الشرفاء.
حفظ الله مصر وشعبها وجيشها وكل أبنائها المخلصين.