كنتُ قد نشرتُ مؤخرًا منشورًا انتقدتُ فيه أرملة أحد الرياضيين الراحلين، بسبب كثرة ظهورها على وسائل التواصل الاجتماعي، وظننتُ أن في ذلك نوعًا من المتاجرة بذكراه حيًّا وميتًا.

إلا أنني تلقيتُ رسالة راقية من الفنانة القديرة وفاء عامر، تلاها اتصال هاتفي كريم، أطلعتني خلاله على تفاصيل لم أكن أعلمها، غيّرت كثيرًا من الصورة التي كانت في ذهني.

فقد علمتُ منها أن هذه السيدة كانت خير سندٍ لزوجها في مرضه، تحمّلته بصبر جميل، وخدمته ليلًا ونهارًا دون كلل أو ضيق، ورفضت أن يُكتب شيءٌ باسمها، بل كانت تُصرّ على أن يُكتب كل شيءٍ باسمه هو، حبًّا ووفاءً وتقديرًا لتاريخه.

وبناءً على ما وصلني من معلومات موثوقة، كان لا بد من إعادة النظر فيما كُتب، ومراعاة ما قد تُخفيه المواقف أحيانًا من أبعاد لا نعرفها. ولعلها كانت تجربة تذكّرني بأن التسرّع في الحكم دون معرفة كافية قد يوقعنا في الخطأ.

ومع ذلك، فإنني لا أزال أنصح الجميع من القلب بأن تُنهى الخلافات القائمة بين الأطراف في الغرف المغلقة، بتدخّل العقلاء وأهل الحكمة، لا عبر الشاشات أو وسائل التواصل الاجتماعي؛ إكرامًا لروح الفقيد، وحفاظًا على قدسية الأسرة ومشاعر الأبناء.

وأناشد نفسي ومجتمعي أن نترفق بالناس، وألا نتسرّع في إصدار الأحكام قبل معرفة الظروف. فكم من مظلوم أدانته العجلة، وكم من موقف له وجه خفي لا نراه من بعيد. الرحمة والتريّث من شيم العقلاء، والعدل لا يكتمل إلا بهما.

وصدق رسول الله ﷺ إذ قال: “ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء”.

رحم الله الراحل رحمةً واسعة، وألهم الجميع الحكمة والبصيرة والصبر الجميل.