مع اقتراب موعد استحقاق مجلسي الشيوخ والنواب: الكلمة أمانة والصوت مسؤولية
مع اقتراب موعد الاستحقاق الدستوري لمجلسي الشيوخ والنواب، تتوجه الأبصار وتُشحذ العقول والضمائر نحو من يستحقون أن ينالوا شرف تمثيل الأمة تحت قبة البرلمان. هذا الاستحقاق ليس مجرد محطة انتخابية عابرة، ولا ممارسة ديمقراطية شكلية تُؤدى على عجل، بل هو مرآة تعكس وعي الشعب، ومدى إدراكه لخطورة المرحلة، وقدرته على اختيار من يُجسّد طموحاته، ويصون حقوقه، ويُسهم في بناء مستقبل أكثر عدلًا وازدهارًا لهذا الوطن العزيز في ظل قيادة حكيمة رشيدة لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي.
النائب في مجلسي الشيوخ والنواب ليس مجرّد اسم يُدرج في قائمة، أو صورة تُعلّق على جدار، أو لافتة تُرفع على قارعة الطريق. إنه قبل كل شيء ضمير حي، وعقل راجح، ولسان ناطق باسم الشعب، يدافع عن قضاياه، ويعبّر عن تطلعاته، ويقف سدًّا منيعًا في وجه كل ما يهدّد حقوقه وكرامته.
من هنا، فإن اختيار النائب لا يجب أن يخضع لمجرد العواطف أو المصالح الضيقة، ولا أن يُبنى على وعود موسمية أو شعارات براقة تخبو سريعًا بعد إعلان النتائج. بل يجب أن يُبنى على معايير راسخة وصفات صادقة: الكفاءة، والنزاهة، والخبرة، والإخلاص. فالمجلس النيابي ميدان للفعل الوطني والرقابة والتشريع.
رسالة من المواطن البسيط إلى النائب المرتقب
أيّها النائب المنتظر، يا من تتهيّأ لحمل أمانة ثقيلة ومسؤولية جسيمة، اعلم أن المواطن البسيط لا يطلب منك المستحيل، ولا ينتظر منك أن تصنع المعجزات، فهو أدرى منك بأن زمن المعجزات قد انقضى،
كل ما يرجوه المواطن هو أن تكون قريبًا منه، أن يجد فيك من يُحسن الاستماع إليه، ويُدرك همومه، ويشعر بألمه حين يُرهقه الظلم أو تُسَدّ في وجهه الأبواب. يريدك أن تمشي بين أروقة المجلس حاملاً صوته لا حقيبتك، مهمومًا بقضاياه لا منشغلًا بمجدك الشخصي.
لا تجعله يشعر أن انتخابك له كان مجرد مرحلة وانتهت، ولا تغلق بابك في وجهه، ولا تُعلّق مشاكله على شماعة الموظفين والمكاتب المغلقة. لا تكن نائبًا للكرسي، بل كن نائبًا للناس.
يريدك أن تكون كما وعدته: حاضرًا لا غائبًا، منصتًا لا متعاليًا، فاعلًا لا متفرّجًا. لا يرضى منك أن تتحجّج بانشغالك أو أن تتذرّع بالوقت. لا يريد منك المَنّ، ولا أن يشعر أن طلبه عندك عبء ثقيل، بل أن تُشعره بأنك شريك في معاناته، وجزء من قضيته، وأنك ما جئتَ المجلس إلا من أجله.
اجعل من هاتفك جسر تواصل لا حائط صدّ، ومن مكتبك ساحة إنصاف لا ساحة أعذار. لا ترد على آلام الناس بلهجة قاسية أو ببيروقراطية جامدة، بل بحكمة القائد وتواضع الخادم.
كن كما كنتَ يوم طالبت بصوته: متواضعًا، صادقًا، قريبًا. لا تكن نائب الوعود، بل نائب العهود. فإن هذا المواطن لم يمنحك مقعدًا، بل منحك ثقته، وهي أعظم ما يملكه الإنسان.
اجعل مكانك محفوظًا في ضمير الناس لا في عناوين الصحف، واجعل صورتك راسخة في ذاكرة الوطن لا على جدرانه. فالمناصب تزول، والصور تُنسى، لكن الأثر الصادق يبقى، والوفاء لا يسقط بالتقادم.
قف أمام الله أولًا، وأمام ضميرك ثانيًا، وأمام أبناء دائرتك كل يوم، وكن على قدر ما حمّلوك من أمانة. فالمسؤولية شرف لا يُهدى، بل يُنتزع بالحق، ويُحفظ بالفعل، ويُخلّد بالإخلاص..