قبل أن أتطرق للحديث عن نقطة هامة ومحورية وبلا مبالغة تتحكم فى حياتنا وحالتنا المزاجية وأفكارنا ومعتقداتنا، فكان لزامًا علي أن أطرق باب السعادة، وهي التي قال فيها عالم تنمية الموارد البشرية الراحل الدكتور إبراهيم الفقي، لم يثبت العلماء أن هناك معنى ثابت ومحدد للسعادة فهي لا تنحصر بعدد وربما فاقت معانيها سبعمائة معنى، أقواها هو السعادة بنعم وآلاء الله، والرضا بما يكتب والثقة به.
وهذا المعنى العميق ينقلنا إلى حالة عظيمة تدعى «التفاؤل» ولكن هل تدرك معنى التفاؤل حقا؟
منا من يجيب، بنعم أنا متفائل ولكن لا يصل لعمق المعنى المطلوب، فهو يجهله.
ومنا من يجيب، تارة اتفائل وتارة أتطير "أتشائم".
ومنا من يجيب، أتفائل ولكن إن تطلب الأمر ذلك.
كل ماسبق إجابات أبعد ما يكون عن عمق الفكرة.
ماهو التفاؤل..
باختصار.. هو أن تتوكل على من خلقك وتستند إلى تدابيره وتثق كطفل يتمسك بأصابع أمه وسط زحام الطرقات، فهو لا يرى الطريق ولكنه توكل عليها وعلم أنه معها سيصل سالمًا.
من المخجل أن يسعى علماء الغرب من ديانات مختلفة وملحدين إلى تفسير معنى التفاؤل علميًا، وهو الذي لم تهمله شريعة الإسلام كما لم تهمل حرفًا قط، حيث قال سبحانه فى الحديث القدسي "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي مايشاء"، وهنا يتضح المعنى أن الأمر بيد العبد، وأنا أركنته له فليظن وليعتقد وليأمل ما يتمناه لنفسه، فحتما ما تمنى سيتحقق.
وقال أيضا "أنا عند ظن عبدي بي إن كان خيرًا فخيًرا وإن كان شرًا فشرًا".
فلما أراد علماء الغرب فهم المقصود من رسالة المولى، وجدوا أن الإنسان عندما يؤمن بشيء معين ويتمناه ويرى ألا عائق في طريق تحققه، فينتظر وينتظر بلا ملل، تنبعث منه موجات خاصة تشبه الطاقات الكهرومغناطيسية تنبعث لتعتري الكون بكامله، فتعود للشخص الذى انبعثت منه نفس الطاقات أو شبيهتها فيتحقق ما يريد، وتم تطبيق تلك النظرية على نماذج عدة ووجدوا أن ماتوصلوا اليه حقيقة بلا منازع.
المقصود هو الإيمان بما تريد والتصديق أن رب الكون لا يضيع شاردة ولا واردة إلا ووتولاها، وهو خير من يتدبر أمرك، فإذا وثقت بالخير فى ربك كافئك على حسن ظنك به وصبرك وانتظارك لما أردت، وان انتظرت الشر وقلت الله لا يمنح ولا يعطى "حاشا لله" سخر الله لك ما يؤيد كلماتك ويحيلها إلى واقع يهدم حياتك كما أردت دون أن تعي وبجهل شديد.