مصر محفوظة تعصى على الكسر شمالها وشرقها بحر وغربها صحراء تستعصى على العمران وجنوبها أشقاء أمناء على الماء، حتى الوادى والدلتا يحفهما هضاب وصحاري يصعب اختراقها، نسيج شعبها العرقى متجانس والدماء واحدة، وعلى ذلك لم يستجد على سكان وادى النيل منذ ألفي سنة سوى التباين الدينى حيث تحول المصريون من يهود الى يهود ومسيحيون ثم إلى يهود ومسيحيين ومسلمين وحاليًا إلي مسيحيين ومسلمين بعد هجرة اليهود خلال نصف القرن الماضى إلى فلسطين الأمر الذى لا يوجد جانبا يمكن أن يبث الضعف والهوان فى الجسم المصرى سوى الدين حيث يتوقع المعولون عليه أن يؤدى إلى أحد الاحتمالات التالية:
-الاحتمال الأول: فض وحدة الأراضي المصرية لتفريق الشعب المصرى إلى قسمين حيث تشير العديد من الأراء إلى مطالبات بتقسيمه جغرافيا بين المسلمين فى الشمال والمسيحيين فى الصعيد الأوسط أو الشمال الغربى من مصر ويشجع هذا الجانب العديد من المتطرفين المسيحيين خاصة من هم فى الخارج الذين لا يعيشون فى البيئة المصرية-
-الاحتمال الثانى: ترويع المسيحيين لجذب تعاطف الدول الاجنبية معهم وسيصبح ذلك حجة لتدخلها فى الأراضى المصرية لحمايتهم مستغلين فى ذلك الأوضاع الرخوة نسبيًا التى يمر بها الجسم المصرى حاليًا.
وهنا أشير إلى بعض الرؤى منها:
أولا: لن تستطيع أى قوة بشرية تقسيم مصر جغرافيا على أساس دينى حيث لا توجد منطقة جامعة مانعة لديانة واحدة مثل ما عليه الحال فى دول مجاورة مثل لبنان، سوريا.
ثانيا: ليس من مصلحة المسيحيين أن تكون لهم دولة مستقلة فى الأماكن المقترحة وسط الصعيد مركزها أسيوط أو المنيا مثلا بين مسلمين شمالها وجنوبها أو دولة فى الشمال الغربى مركزها وادى النطرون نظرًا لقحولة المنطقة وانخفاض مواردها الاقتصادية بل أن أي موطن منهما سيؤدى إلى رغبة المسيحيين فى الهجرة إلى رحاب العالم الخارجى المسيحى الغنى فى الغرب ومن ثم سيكون ذلك تفريغا منظما وطوعيا للوجود المسيحى بمصر على المدى الطويل.
- ثالثا: جبل المصرى على حب الأرض لدرجة انه يتخلى عن دينه أويغيره ولا يتخلى عن الأرض أويغيرها فقد تناوبت الأديان اليهودية، المسيحية، الإسلامية على السكان على صفحتى النيل مما يرجح عدم خلق كيانات مستقلة على أساس دينى حيث سيظل المصري فى ارضه ومسكنه مهما كان الجار مختلفًا معه فى عقيدته.
أيها المصريون أن التفريق بينكم على أسس جغرافية أو دينية أو عرقية أو غير ذلك مطمع الطامعين فيكم وأولهم إسرائيل التى يهمها لتحقيق حلمها "التوراتى" الوطن من النيل إلى الفرات تشتت وتجزؤ الدول والأمم المجاورة لها وأولها مصر عمود الخيمة العربية والإسلامية التى إن قدر الإله مماتها لن ترى للشرق رأس بعدها.