"عبد الغفار" في حواره لـ"المواطن": السيسي "مبيفكرش في انتخابات".. وننتظر كارثة في حالة تثبيت أسعار الطاقة
السبت 09/ديسمبر/2017 - 11:13 م
أحمد زكي
طباعة
في الوقت الذي تتعالى فيه الأصوات التي ترفض أو تؤيد خطة الحكومة للإصلاح الاقتصادي بدأت الاكتشافات البترولية تؤتي ثمارها، حيث أعلنت الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس"، عن بدء الإنتاج التجريبي للغاز الطبيعي من آبار المرحلة الأولى من مشروع تنمية حقل ظهر بالبحر المتوسط.
وحول الاكتشافات الجديدة ومدى تأثيرها على مستقبل خريطة الطاقة في مصر، أجرت بوابة المواطن الإخبارية حوارًا مع المهندس أحمد عبد الغفار، عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للمواد البترولية، لتوضيح أهمية مرحلة الإنتاج التجريبي، والجدوى الاقتصادية المرجوة من حقل "ظهر"، ومعوقات الاستثمار في مجال الطاقة في مصر، وكان لنا الحوار التالي..
كيف ترى تكلفة فاتورة دعم الطاقة في مصر؟
الموازنة العامة في الدولة المصرية تتكبد الكثير من أجل توفير السعر الحالي للمنتجات البترولية سواء السولار أو البنزين أو حتى الغاز، وهذا يتطلب جهد أكبر في التوفيق بين البعد الاجتماعي من جهة والبعد الاقتصادي من جهة أخرى.
وبالتالي فإن الموازنة العامة للدولة تتحمل حوالي 120 مليار جنيه سنويًا في دعم الطاقة، وهذا الرقم الضخم مرشح للزيادة أيضًا بعد الارتفاعات المتتالية في أسعار خام برنت وهو ما يؤثر سلبًا على الميزانية المخصصة لدعم الطاقة.
كيف يؤثر ارتفاع أسعار برنت على دعم الطاقة في مصر؟
لكي يكون الموضوع أبسط على المواطن العادي، ويستطيع فهم ما يحدث فيجب أن نعلم أن شركات البترول تعمل بنظام المشاركة، أي تختص الشركة بالتنقيب والاستخراج مقابل نسبة من الإنتاج، تقوم بعد ذلك الدولة بشراء هذه الحصة من الشريك الأجنبي وضخها في الأسواق، وهذه النسبة يتم بيعها للدولة بالأسعار العالمية ولذلك فإن فاتورة دعم الطاقة مرشحة للزيادة.
كيف تُقيم الوضع في الاستكشافات الجديدة عمومًا وحقل "ظهر" خاصة؟
الإعلان عن الإنتاج التجريبي من حقل "ظهر" خطوة مهمة على طريق الاكتفاء الذاتي في مجال الطاقة، والتي ترهق ميزانية الدولة في مجال الدعم، وكان الإعلان مقررًا في الربع الأخير من العام 2017، وهو ما حدث اليوم بالفعل، ليبعث برسالة اطمئنان لمتابعي مجال الطاقة في مصر أن العمل يجري على قدم وثاق.
ما هي الأهمية الاقتصادية للإنتاج التجريبي ومتى يبدأ الإنتاج الفعلي؟
أهمية الإنتاج التجريبي لأي حقل بترولي تكمن في الوقوف بشكل فعلي على حجم الإنتاج المتوقع، وكذلك حجم متطلبات الإنتاج، وما يحتاج إلى تعديل في الخطة الموضوعة مسبقًا بشكل عملي على أرض الواقع ولذا فإنها مرحلة هامة تليها مباشرة مرحلة الإنتاج الفعلي للحقل.
كيف ترى خريطة أسعار دعم الطاقة في مصر؟
الموضوع متشعب جدًا حيث يجب أولًا معرفة هل يصل الدعم لمستحقيه بالفعل أم لا، وثانيًا يجن النظر بعقلانية إلى برنامج الحكومة المعلن عنه خلال الفترة الماضية للإصلاح الاقتصادي والجزء المتعلق منه بفاتورة دعم الطاقة في مصر، حيث أعلنت الحكومة في وقت سابق أنها بصدد تخفيف هذا الدعم تدريجيًا.
أين تذهب النسبة الأكبر لدعم الطاقة؟
هناك جوانب أساسية يجب على المواطن العادي فضلًا عن المتخصص على دراية بها في موضوع خريطة دعم الطاقة، مثل توزيع نسب الدعم وكمية العجز المطلوب استيراده، فمثلًا من المتوقع أن تغطي الاكتشافات الجديدة الاستهلاك المحلي من السولار وهو الآن يسجل عجز بنسبة تقريبية 25% عن المطلوب للسوق المحلي، وكذلك البنزين بنسبة تقريبية 11% عجز يتم استيراده، ولكن المشكلة الاكبر ستظل في "غاز البوتجاز" والذي يسجل حتى الآن عجز بنسبة تقريبية 50% يتم استيراده من الخارج.
كيف نجذب استثمارات أكبر في مجال الطاقة؟
هل من المناسب تخفيض الدعم الآن؟
المسألة لها بعدان أساسيان، أولهما أن تخفيض الدعم مطلب اقتصادي ضروري في حال الرغبة في النهوض بالدولة، ولكن مراعاة البعد الاجتماعي مهمة أيضًا، ويجب هنا أن نوضح نقطة هامة جدًا هي إقدام القيادة السياسية على مثل هذه الخطوات الإصلاحية رغم وجود انتخابات رئاسية مقبلة على الأبواب، وكأن السيسي "مبيهموش نفسه ومش شايف غير المصلحة"، لأن من يقدم على مثل هذه الخطوات في مثل هذا التوقيت لابد وأن يكون "قلبه ميت" ولا يفكر في شعبيته.
ومن ناحية أخرى فإن الوضع الاقتصادي لمصر لا يحتمل المجازفة في موضوع تثبيت أو تحريك أسعار الطاقة، لأن الوضع أخطر من ذلك بكثير، وربما يكون لأي تحرك خاطئ في التوقيت أو المضمون أو آلية التنفيذ مردود كارثي، لذلك يجب أن يكون الموضوع تحت دراسة علمية بحتة، دون النظر إلى اعتبارات أخرى قد تؤثر على مستقبل هذا البلد.
الشركات العاملة في مجال الطاقة شركات عالمية، وهناك محددات تحكم طريقة عملها، فمثلًا الشركة تتعاقد على استكشاف بترولي في منطقة معينة، وتتحمل مخاطرة عدم وجود آبار أو حقول تعادل الجدوى الاقتصادية والمصروفات التي أنفقتها في مرحلة التنقيب، هذه الفرص الاستثمارية ربما تكون أعلى في مناطق مثل دول الخليج أو أفريقيا، أما في مصر فربما كانت أكثر مغامرة.
كيف يمكن زيادة الفرص الاستثمارية في مجال الطاقة؟
من الأشياء التي يجب التركيز عليها كخطة استراتيجية طويلة الأجل هي دخول الدولة إلى هذا المجال في صورة شركات وطنية للتنقيب والاستخراج بحيث تصبح منافسًا قويًا للشركات العالمية وتوفر للدولة أموال طائلة تذهب إلى الشركات في صورة امتيازات تنقيب وحصة الشركة الإنتاج المستخرج من الحقل؟
هل كانت هناك محاولات لدخول الدولة إلى هذا المجال؟
بالفعل دخلت الدولة إلى هذا المجال ولكن بشكل بسيط، وذلك نظرًا لأن الموضوع يحتاج إلى خبرات كبيرة في المجال، وكذلك إلى أموال طائلة لكي تستطيع تغطية تكلفة التنقيب والبحث ثم الاستخراج والعمليات اللاحقة له.
هل تفتقد مصر إلى الخبرات اللازمة في هذا المجال رغم غزر الكفاءات المصرية للشركات العاملة في الخليج وغيره؟
الكفاءات المصرية في هذا المجال كثيرة جدًا ولكن ينقصها العمل ضمن منظومة متكاملة تضمن الاستفادة القصوى من الكفاءات الموجودة مع توفير مقابل مناسب لها مثلما تتقاضى في الشركات العالمية، وفي هذا المجال موقف طريف حدث معنا أثناء العمل، حيث انضم لنا أحد الخبراء والذي يحمل أحد الجنسيات الأجنبية كخبير مشرف على العمل، وكان يتحدث لغة هذه الدولة بطلاقة ويتعامل كأحد أبناءها، ولكن صديق لنا حين تحدث معه اكتشف أنه مصري الأصل والسر وراء تعامله كخبير أجنبي هو الفرق المادي في التعامل معه، وكأن هذه الدولة استوردت الخبير المصري لتعيد تصديره لنا في صورة خبير أجنبي.