لطالما رفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان شعار وسياسة ما يسمى "صفر مشاكل مع الجيران"، لكنه يبدو الآن غارقا في مشكلات مع جيرانه كافة، ويخوض حربا على جبهات متعددة، وذلك ظل اقتصاد متدهور وانخفاض غير مسبوق في السياحة، فضلا عن ممارسته التسلطية.
ويسلط تقرير نشرته صحيفة"نيويورك تايمز" الأميركية، الاثنين، الضوء على التحديات الداخلية منها والخارجية التي تواجه أردوغان، وجاء التقرير تحت عنوان: "زعيم تركيا يخلق عداوات جديدة ويغضب الحلفاء".
وتقول الصحيفة إنه:" في هذا الوقت أصبح أردوغان في عزلة متزايدة، فحلفاء تركيا التقليديون في أميركا والاتحاد الأوروبي محبطون من رفض أردوغان اتخاذ إجراءات حقيقة ضد داعش لسنوات".
وبالإضافة إلى المشكلات السياسية المستفحلة في تركيا، فإن البلاد تواجه أكبر انخفاض في عدد السياح منذ 20 عاما، إلى جانب مشكلات أخرى تواجه الاقتصاد، بسبب السياسة التي انتهجها أردوغان.
ورغم ان أردوغان اتخذ في الآونة الأخيرة إجراءات ضد التنظيم الإرهابي، إلا أنه خلق في المقابل مشكلات جديدة. ويقول مسؤولون أتراك إنهم يعتقدون أن داعش تقف وراء الهجوم الدامي الذي استهدف مطار أتاتورك في إسطنبول في يونيو الماضي وأوقع 43 قتيلا.
وبعد هدنة دامت عامين بين الجيش التركي والانفصاليين الأكراد، ساهم أردوغان في إشعال الحرب في جنوب شرقي البلاد عام 2015، وأغضب موسكو عندما أسقط طائرة مقاتلة روسية على الحدود مع سوريا.
وحاول أردوغان إنهاء الأزمة التي نشبت مع روسيا وإسرائيل، للخروج من الخسائر الفادحة التي منيت بها تركيا في الإقليم سياسيا واقتصاديا، وذكر أحد مستشاري الرئيس التركي أن تلك المصالحات تأتي ضمن خطة لفتح صفحة جديدة، متوقعا الإقدام على خطوات مماثلة واضعا مصر نموذجا لذلك.
ونقلت الصحيفة الأميركية عن الباحث في معهد جامعة ستوكهولم للدراسات التركية جنكير كاندار، إن خطوات المصالحة التركية تعبر عن اليأس الذي أصاب القيادة التركية.
أزمات وتسلط
وبينما كان أردوغان يقدم بلاده على أنها دولة ديمقراطية إسلامية، يظهر حاليا وهو يهاجم المؤسسات الديمقراطية ويلاحق الصحفيين المعارضيين ويتهم قوى خارجية بمحاولة التآمر عليه، ولم يعد متسامحا مع الانتقادات ضده.
وسارع الزعيم التركي إلى تعيين أقاربه في الحكومة بعدما تخلص من حلفائه السابقين، وانتقل من بيت متواضع في أنقرة إلى قصر باذخ أثار سخط المواطنين.
ووضع أردوغان أيضا نصب عينيه هدفا واحدا وهو تحويل النظام السياسي في البلاد من البرلماني إلى الرئاسي، وهو أمر يقول منتقدوه إنه سيتيح لأردوغان التمسك بالسلطة مدى الحياة.
وأشارت إلى تسلط الرئيس التركي على السلطات الأخرى، فمثلا أقر البرلمان الموالي لأردوغان ليلة الهجوم على مطار أتاتورك قانونا يتيح للرئيس السيطرة على المحاكم العليا.
انقلاب جذري
ويقول الكاتب التركي سولي أوزيل:" أردوغان لا يزال الزعيم السياسي الأكثر شعبية في البلاد، لكن القلق ينتاب كثيرا من السكان، إذ يعتقدون أنه وضع لا يمكن تحمله".
ويرى منتقدو أردوغان وحتى بعض معجبيه أنه ضل طريقه بعد النجاحات التي حققها سياسيا واقتصاديا، وبدأ منغمسا في محاربة أعدائه، كما تسيطر عليه أوهام الإمبراطورية، الأمر الذي أضر في نهاية المطاف بالمؤسسات الديمقراطية.
ونقلت الصحيفة عن أحد أصدقاء أردوغان الذي يعرفه من 40 عاما: "لم أعد استطع التعرف عليه".