هل يعود مسلمو الروهينجا إلى ديارهم يومًا؟
الأحد 18/فبراير/2018 - 11:20 م
نهال سيد
طباعة
نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية مقال بعنوان "هل يعود مسلمو الروهينجا إلى ديارهم يوما؟" تساءلت فيه عن أسباب عدم عودة لاجئي الروهينجا المسلمين من بنجلاديش إلى ميانمار حتى الآن، وعمّا إذا كانوا هم يريدون حقا العودة إلى وطن حرق ديارهم وقتلهم وسلبهم أبسط الحريات وحقوق المواطنة الأساسية.
وقالت إن عضوا بارزا في مجلس الوزراء الميانماري وجنرالا في الجيش وصل بنجلاديش مؤخرا لمناقشة المخطط المتأزم لعودة مسلمي الروهينجا الذين لاذوا بالفرار إلى بنجلاديش.
وأضافت الصحيفة أنه خلال شهور قليلة فر نحو 700 ألف من مسلمي الروهينجا من الهجمات على منازلهم في ولاية راخين بميانمار، وهي هجمات وصفها المجتمع الدولي بأنها تطهير عرقي تقوم به قوات الأمن في ميانمار.
وتابعت أن حكومة ميانمار تصر على التزامها بإعادة مسلمي الروهينجا الذين يستطيعون إثبات فرارهم من ولاية راخين في موجة الهروب الأخيرة، وهو ما أكدته حكومة بنجلاديش أيضا.. لكن قليلين يتوقعون أن تتمخض الاجتماعات التي استمرت يومين بين وزير داخلية ميانمار الفريق كياو سوي ونظيره في بنجلاديش، أسد الزمان خان كمال، عن الكثير من الأفعال.
وعلى مدار شهور من المحادثات المتقطعة، ألقى كل طرف اللوم على الطرف الآخر في الفشل في تنفيذ اتفاقية العودة الطوعية إلى الوطن الموقعة بين البلدين في نوفمبر الماضي.
ودعت رئيسة وزراء بنجلاديش، الشيخة حسينة، المجتمع الدولي إلى زيادة الضغط على ميانمار؛ للسماح لمسلمي الروهينجا بالعودة، وقالت في زيارة لها للفاتيكان "المشكلة على الجانب الآخر من الحدود والحل هناك أيضا؛ لهذا السبب تقع المسؤولية الأكبر في تنفيذ الاتفاق على عاتق ميانمار ولكننا لم نحصل على الاستجابة المطلوبة منها حتى الآن".
من جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة في ميانمار يو زاو هاتاي "نحن مستعدون لتسلمهم لكن بنجلاديش ليست جاهزة حتى الآن".
وأشارت الصحيفة إلى أن الشيء الذي لا يذكره أي من الطرفين هو رغبة مسلمي الروهينجا أنفسهم، الذين ليس لديهم ممثل رسمي في المحادثات. وتساءلت الصحيفة عمّا إذا كان مسلمو الروهينجا يرغبون في العودة حقا إلى ميانمار، مضيفة أن هذه الأقلية المُضطهَدة منذ زمن بعيد بدأت في الفرار بأعداد كبيرة في شهر أغسطس الماضي عندما أُحرِقَت المئات من منازلهم وسُويَت بالأرض على يد قوات الأمن وحشود من البوذيين.
ونقلت الصحيفة عن منظمة "أطباء بلا حدود" تصريحها بأن ما لا يقل عن 6700 مسلم روهينجي قتلوا بوحشية في ولاية راخين في الشهر الذي أعقب بداية الحملة العسكرية.. فيما تصر حكومة ميانمار على رفض ارتكاب جيشها أي خطأ ممنهج.
فيما قال صحفيون مستقلون ومحققون معنيون بحقوق الإنسان- بحسب "نيويورك تايمز"- إنهم لم يُسمح لهم بالدخول إلى موطن العنف في ولاية راخين الشمالية، وحُبس صحفيان تابعان لوكالة "رويترز" بعد أن قاما بتوثيق عمليات القتل الجماعي.
وأشارت الصحيفة إلى أن استمرار رفض السلطات الميانمارية الاعتراف بارتكاب أية جرائم ضد المدنيين المسلمين من الروهينجا يقلق كثيرا من اللاجئين الذين يتخذون من بنجلاديش ملاذا آمنا لهم؛ إذ قال أحدهم، ويُدعى محمد زاهد علام، من معسكر بالوخالي "سنعود.. لكن يجب أن نُعطى الأمان... نريد حياة آمنة".
وأضافت الصحيفة أن كثيرا من الروهينجا لا يرغبون في العودة إلى الدولة التي حرمتهم من حقوقهم الأساسية، مثل حرية التعبير أو التعليم العالي؛ إذ تعامل الحكومة الميانمارية أقلية الروهينجا على أنهم مهاجرين غير شرعيين من بنجلاديش، وجردت غالبيتهم من الجنسية رغم جذورهم الممتدة في المنطقة.
ويقول زعماء الروهينجا في معسكرات اللاجئين في بنجلاديش إنهم سيعودون إلى ميانمار فقط إن مُنحوا نفس الحقوق الممنوحة لعشرات من الأقليات العرقية الأخرى.
وقال محمد عثمان الذي وصل إلى بنجلاديش في سبتمبر الماضي وهو الآن نائب رئيس المخيم "مطالبنا معروفة للجميع.. نريد حقوق المواطنة الكاملة".
وذكرت الصحيفة أن بنجلاديش دولة ذات تعداد سكاني كبير، وكثيرا ما تجتاحها الفيضانات، ولتوفير ملجأ للروهينجا المكدسين على الحدود تم القضاء على مساحات واسعة من الغابات والأراضي الزراعية وارتفعت أسعار مواد البناء وزيت الطعام بشكل جنوني بينما تراجعت أجور العمالة المحلية بسبب حاجة الروهينجا الملحة لأي نوع من العمل وهو أمر لا طاقة لحكومة بنجلاديش به.
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن جماعات حقوق الإنسان تتهم ميانمار بعدم بذل جهود كافية لتهيئة المناخ لعودة الروهينجا.. ولفتت الصحيفة - في الوقت ذاته- إلى أن حكومة ميانمار بنت معسكرات وصفوف من المنازل الجماعية الباعثة على الإحباط في ولاية راخين، ومحاطة بأسلاك شائكة وتشبه "على نحو غير مريح معسكرات التجميع النازية"، وهي منازل من المفترض أن يعيش بها الروهينجا العائدون لمدد غير محدودة.
وفي الختام، ذكرت الصحيفة أنه ليس معروفا متى سيعود الروهينجا إلى قراهم التي حرقتها النيران، في الوقت الذي بدأت فيه سلطات ميانمار نقل أراضيهم التي تصفها بـ"المهجورة" إلى ملاك آخرين.