" المجمع العلمي " حين احترق قلب مصر بـ " أحداث 2011 م "
الإثنين 28/مايو/2018 - 02:18 م
وسيم عفيفي
طباعة
كانت القاهرة تعيش في ظروف غير مفهومة بالنسبة للمصريين، وكان المجمع العلمي أحد العناصر التي أججت نيران الشكوك تجاه الفرنسيين من قِبَل الفرنسيين، حيث أنشأوا مبنىً لغرض علمي واعتقدوا أن هذا المبنى سيكون بديلاً علمياً عن الجامع الجامع الأزهر.
علماء الحملة الفرنسية في المجمع العلمي
يصف الجبرتي في كتابه "عجائب الآثار في التراجم والأخبار" قصة تأسيس المبنى حيث قال " وهدم الفرنسيس عدة دور من دور الأمراء، وأخذوا أنقاضها ورخامها لأبنيتهم، وأفردوا للمدبرين والفلكيين وأهل المعرفة والعلوم الرياضية كالهندسة والهيئة والنقوشات والرسومات والمصورين والكتبة والحساب والمنشئين حارة الناصرية حيث الدرب الجديد، وما به من البيوت مثل بيت قاسم بك، وأمير الحاج المعروف بأبي يوسف، وبيت حسن كاشف جركس القديم والجديد... وأفردوا لجماعة منهم بيت إبراهيم كتخدا السناري، وهم المصورون لكل شيء، ومنهم أريجو المصور، صور صورة المشايخ كل واحد على حدته في دائرة، وكذلك غيرهم من الأعيان، وعلقوا ذلك في بعض المجالس ساري عسكر، وآخر في مكان آخر يصور الحيوانات والحشرات، وآخر يصور الأسماك والحيتان بأنواعها وأسمائها".
نابليون بونابرت
سببين مهمين جعلا نابليون بونابرت يقرر إنشاء المجمع العلمي، فكان أولهما العمل على تقدم العلوم في مصر، فضلاً عن دراسة أحداث مصر التاريخية ومرافقها الصناعية وعواملها الطبيعية بالإضافة إلى جعل المجمع العلمي مركزاً استشارياً لقادة الحملة الفرنسية، غير أن الزعامة الشعبية آن ذاك قالت أن الهدف هو إنشاء منظمة تجسسية لمصلحة المحتل الفرنسي.
من سفن الحملة الفرنسية
برحيل الحملة الفرنسية عن مصر ظل المجمع العلمي في حالة إهمال حتى تمكن قنصل بريطانيا في مصر من تأسيس الجمعية المصرية العلمية لتقوم بدوره، ومع العام 1842 م تأسست الجمعية الأدبية، حتى قرر محمد سعيد باشا إعادة تأسيس المجمع مرة أخرى في الإسكندرية سنة 1856 م، إلى حين تأسيسه في مقره الحالي بالقاهرة سنة 1880 م.
صورة للمجمع العلمي حين تأسيسه
كانت الاستراتيجية في تأسيس المجمع العلمي تستهدف تقدم مصر ونشر العلوم من خلالها، حتى ضمت مكتبة المجمع العلمي على 400 ألف كتاب ثم تم تقسيمه إلى شُعَب شملت الرياضيات، والفيزياء، والاقتصاد السياسي، والأدب والفنون الجميلة، وفي عام1981 أجريت تعديلات علي الشعب، وأصبحت: الآداب والفنون الجميلة وعلم الآثار، والعلوم الفلسفية والسياسة، والفيزياء والرياضيات، والطب والزراعة والتاريخ الطبيعي.
حرق المجمع العلمي
ربما لم يعرف أحد بقيمة المجمع العلمي إلا بحلول السبت الأسود 17 ديسمبر 2011 حيث احتجاجات مجلس الوزراء حيث أن اشتباكات حدثت بداية من يوم الجمعة 16 ديسمبر 2011 بين قوات الشرطة العسكرية من جهة وبين المعتصمين أمام مبني مجلس الوزراء المصري من جهة أخرى على خلفية محاولة فض اعتصام ميدان التحرير بالقوة يوم 19 نوفمبر 2011، والتي أدت إلى وفاة أكثر من أربعين متظاهر وتسببت اندلاع مظاهرات عارمة في ميدان التحرير وميادين أخرى في مصر على مدى أسبوع استمر اعتصام بعض المتظاهرين أولا في ميدان التحرير ثم انتقل إلي أمام مقر مجلس الوزراء المصري احتجاجا علي تعيين الدكتور كمال الجنزوري رئيسا لمجلس الوزراء.
خسائر المجمع العلمي
أدى حريق المجمع العلمي إلى القضاء على جميع الخرائط والوثائق النادرة، وكثير من المقتنيات الهامة منها مذكرات ليوناردو دافنشى، وموسوعة الدستور الفرنسى الأصلى المعد في 1789 تتكون من 11 جزءا.
لم ينجو من محتويات المجمع، البالغ عددها 400 ألف مادة من مخطوطات وكتباً أثرية وخرائط نادرة، سوى قرابة 25000 فقط من الكتب والوثائق، كانت تمثل ذاكرة مصر منذ عام 1798، وكانت تشتمل على إحدى النسخ الأصلية لكتاب وصف مصر، التي احترقت فيما احترق من كنوز هذا الصرح العتيد، إضافة إلى أغلب مخطوطاته التي يزيد عمرها على مائتي عام، وتضم نوادر المطبوعات الأوروبية التي لا توجد منها سوى بضع نسخ نادرة على مستوى العالم، كما يضم كتب الرحالة الأجانب، ونسخاً للدوريات العلمية النادرة منذ عام 1920.
محمود حافظ رئيس المجمع العلمي
لم يتحمل الدكتور محمود حافظ رئيس المجمع العلمي خبر الحريق فمات بعدها كمداً، حيث أن احتراق المجمع العلمي خسارة بالنسبة لمصر والعالم ولا يمكن تعويضها حيث أن المخطوطات تمثل تاريخ وهوية شعب بأكمله وجزء مهم من ذاكرة شعوب العالم.