فيديو .. "عائلة الست إكرام" مأساة تعيش بالمصائب وتنتظر الأمل في الحياة

الأربعاء 27/يونيو/2018 - 01:30 م

وسيم عفيفي -حوار: هاجر الصباغ تصوير: محمود الدايح

اعتقد مصور بوابة المواطن أنه بلقاء عائلة الست إكرام سيلتقط صوراً وفيديوهات تقليدية لمنطقة عشوائية، بينما ظنت مراسلتنا أنها ستأخذ قصة إنسانية تقليدية من إمرأة لا تجاوز الأربعين عاماً ترتدي الجلباب الأسود، وكان في يقين الاثنين أن ملبسها ما هو إلا صورة عاكسة لفقرها الأشد سواداً، حتى كانت المفاجأة .. أنها قبل التسجيل بـ 4 أيام مات زوجها تاركاً لها شيئاً من الصعب أن يوصف أنه منزل فهو للقبر أقرب لولا بعض أمارات الآدمية التي يسكن فيها أطفالها الثلاثة وكان قدرهم أن يعيشوا في مأساة لم تفارقهم لحظة واحدة وفي كل تفصيلة منها ما يشطر القلب دون أن يشاطرهم أحد بنظرة رحمة أو عطف.

من هنا نبدأ

شارع الست إكرام

منطقة في الفسطاط موجودة على الخريطة، لكنها معدومة الحياة، فشوارعها ضيقة وبيوتها بالطوب الأحمر تتلاصق بعضها بعضهاً لتشل حركة السير وبالكاد تصلها الشمس.
باب خشبي أكله السوس من داخله، وفرمته الباروما من أسفله، وصوت أزيزه البطيء يحمل في جنباته الفقر الذي يتوارى في ظلام المنزل رغم وجود لمبتين، إحداهما في المدخل المكتظ بالملابس التي تنتظر الغسيل ويجاورها طبلية زرقاء مع أطباق من قلة الطعام ظهر عليها الصدأ.

دورة مياه

أما اللمبة الأخرى فهي تنير دورة المياه مشتركة بين 4 أشخاص ولا تصلح للاستخدام، فأرضيتها من 3 قطع سيراميك قديمة، والبقية بين بلاط رصيف الشوارع وتراب الأرضية التي يعشش فيها أي نوع من الآفات.
قلبك يشعر بالانقباض حين ترى المنظر، لكن سرعان ما يتحول خفقان الفؤاد من القلق إلى الحزن الذي يضخ وجعاً على حالهم بدلاً من الدماء التي توقفت من الصدمة وكأنك جلطة أصابتك حين تسمعها تقول "جوزي كان على باب الله ومات من 4 أيام".
الرضا الظاهر من وجه الست إكرام هو وحده الذي يجعلك جفون العين تقاوم الدموع التي لم تظهر من نظرات الست إكرام، وهي تحكي حالها.

الصحة بـ 125 قرش

من داخل منزل الست إكرام

تشجع البيئة التي تعيش فيها عائلة الست إكرام على استضافة ملك الموت في بيتهم ليحصد أرواحهم بعد إرسال موفد منه وهو المرض الذي دمر صحتهم رويداً رويداً، ومن أجل الحيلولة دون تدمير الصحة كان العلاج بـ 125 قرش عبر إحدى المستشفيات والتي ارتفع سعرها إلى 5 جنيهات، وهو مبلغ فلكي بالنسبة لاحتياجهم الذي قال فيه الإمام علي "لو كان الفقر رجلاً لقتلته".

"أنبوبة البوتجاز" طموح لو تحقق فثمنه الجوع أياماً

غرفة معيشة ومطبخ في منزل الست إكرام

ثلاث أيتام في المرحلة الابتدائية، كانت بدايتهم محفوفة بالمخاطر بسبب الفقر الذي كان والدهم يقاومه ببعض الجنيهات، لكن مستقبلهم الآن بات مهدداً بالهلاك بعد أن مات أبوهم وتركهم مع أمهم على فيض الكريم.

"كيف يتعلمون ؟"
استشعرت الست إكرام الحرج حين أجابت على سؤال مراسلتنا، فلم تُظْهِر إجابة شافية واكتفت بسرد ذكرى زوجها الذي كان يتكفل بتعليمهم، لكنها توجعت من الجوع حين كشفت أنها لو دفعت 50 جنيهاً لشراء أنبوبة البوتجاز فإن ذلك يكلفها الجوع ومن أجل مقاومته تلجأ إلى الديون من أجل إطعام أطفالها.

الثلاجة .. جزء من أحلام تظهر على استحياء

ثمة مفاجأة يمكن أن تحيطك عندما تستمع لإجابة الست إكرام على سؤال "نفسك في إيه" ؟، فالأحلام كثيرة بالنسبة لها، لكن إجابتها كانت "نفسي في تلاجة"، واستحت أن تكمل مطالبها المتمثلة في نظرة من المسؤلين وأهل الخير لعائلتها.
لا يصح الاستهانة بأهمية الثلاجة عند عائلة الست إكرام، فحرارة الصيف تصحب معها العفن ليكون كفن أي طعام، وبرودة الشتاء تجعل أي أكل يرتمي في قسوة الجفاف، وبقية فصول السنة كفيلة بإزهاق روح استطعام أي مأكولات يمكن أن تدخل لهذا البيت.
لم تشق المؤسسات الخيرية طريقها لمنزل عائلة الست إكرام، أما المرأة فهي لم تعرف الوصول لعرض بقية أحلامها في مسكن لائق وتعليم جيد ورعاية صحية فضلاً عن تشغيلها، فقط جلست الست إكرام على عتبة باب بيتها تنظر لواقعها في عتاب وتنتظر رحمة الله.