اختلف مسار الإخوان المسلمون في مصر عن نظرائهم في تونس، فعلى حين مثل تاريخ الإخوان المصريين صورة من الدماء والإنقلابات، إلى صورة مشرقة عند حركة النهضة التونسية للمشاركة في الحكم والتعددية، مما يجدر المقارلانة بين التجرتين قبل أيام من ذكرى ثورة الشعب المصري في 30 يونيو.

شهدت جماعة الإخوان تاريخ دموي و استبدادي متشدد  بداية من عصر البنا والتنظيم السري للإخوان وقضية إغتيال النقراشي إلى سيد قطب وتأصيله لفكر الإرهابيين في العالم، مرورًا بتجربة محمد بديع ورئيسه لمصر محمد مرسي، وسياسة التمكين وإعتصام رابعة المسلح، وصولاً لأعنف موجة من العمليات الإرهابية ضد الجيش والشرطة في التاريخ المصري.

بينما  ترجع بدايات حركة النهضة إلى سنة 1969 بالتقاء كل من راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو وأحميدة النيفر، ونظم بعد ذلك أول لقاء تنظيمي للحركة في أبريل 1972 عندما أصبحت تسمى "الجماعة الإسلامية" وعرف اللقاء باجتماع الأربعين الذي نظم في مدينة مرناق في ضواحي تونس ، اقتصر نشاط الجماعة في البداية على الجانب الفكري والدعوي من خلال إقامة حلقات في المساجد ومن خلال الانخراط بجمعيات المحافظة على القرآن الكريم.

لقي نشاط الجماعة في الأول ترحيبا ضمنيا من طرف الحزب الاشتراكي الدستوري (الحزب الواحد آنذاك)، الذي رأى في الحركة الإسلامية سندا في مواجهة اليسار المهيمن وقتئذٍ على المعارضة،و بدأ النشاط الطلابي للحركة في 1971، وفي نفس السنة، أسس الشيخ عبد القادر سلامة مجلة المعرفة، التي بدأت في 1972 بنشر أفكار الجماعة بطريقة غير مباشرة، وذلك حتى 1974 عندما سمح لهم بالنشر بها وأصبحت المنبر الفعلي لأفكار الحركة.

المشاركة في الإنتخابات

فازت حركة النهضة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التونسي ب89 مقعدا من أصل 217 أي حوالي 42% من المقاعد، ودخلت في ائتلاف حاكم مع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات وأطلق عليه الترويكا، وأصبحت حركة النهضة الحزب الوحيد في المجلس التأسيسي الذي لم ينشق عنه أي عضو، أو لم يتم حله أو إندماجه لحزب أخر.

كونت حركة النهضة تحالف الترويكا مع المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات، ورشحت حركة النهضة أمينها العام حمادي الجبالي لمنصب رئيس الحكومة التونسية، وقام بتكليفه الرئيس الجديد المنصف المرزوقي بتكوين حكومته التي صادق عليها المجلس التأسيسي في 24 ديسمبر 2011.

دخلت تونس في بداية 2013 في أزمة، بلغت أوجها عند اغتيال المعارض شكري بلعيد، وهو ما أدى إلى استقالة حكومة الجبالي وتعيين وزير الداخلية والقيادي في النهضة علي العريض في منصب رئيس الحكومة الجديد في 13 مارس 2013، وتكونت حكومته من 28 وزيرا و10 كتاب دولة، وفي الانتخابات التشريعية التونسية 2014 التي أقيمت في 26 أكتوبر 2014، فازت حركة النهضة بالمرتبة الثانية ب69 مقعد من جملة 217 خلف حزب نداء تونس الذي فاز 85 مقعد وذلك بعيدا خلف بقية الأحزاب.

التحول للمعارضة

دخلت تونس في بداية 2013 في أزمة، بلغت أوجها عند اغتيال المعارض شكري بلعيد، وهو ما أدى إلى استقالة حكومة الجبالي وتعيين وزير الداخلية والقيادي في النهضة علي العريض في منصب رئيس الحكومة الجديد في 13 مارس 2013، وتكونت حكومته من 28 وزيرا و10 كتاب دولة، وفي الانتخابات التشريعية التونسية 2014 التي أقيمت في 26 أكتوبر 2014، فازت حركة النهضة بالمرتبة الثانية ب69 مقعد من جملة 217 خلف حزب نداء تونس الذي فاز 85 مقعد وذلك بعيدا خلف بقية الأحزاب.

سر بقاء النهضة

قال حسام الحامي، مؤسس إئتلاف صمود التونسي، وصاحب مبادرة تغيير القانون الانتخابي التونسي المسماة "بدل القانون الإنتخابي"، حركة النهضة حاولت بعد انتصارها في انتخابات 2011 ( الحزب الاول) و 2014 ( الحزب الثاني) التحالف مع أطراف تقدمية، لكي لا تبقى منعزلة متعظة من بالتجربة الجزائرية في تسعينيات القرن الماضي والتجربة التركية.

وأكد الحامي في تصريحات خاصة ل ـ"بوابة المواطن"، أن حركة النهضة رغم تقاسمهما مع بقية التيارات الإخوانية نفس الأهداف،  حاولت الاستيلاء على حكم على مراحل بينما بدأت حركة إخوان مصر فور فوزها في الانتخابات وبتسرع في تقوية صلاحياتها وانقلابها على مسار الانتقال الديمقراطي، فحصل لها ما حصل لإخوان الجزائر، بينما  يحصل لإخوان تونس سيناريو مشابه لما تعيشه حركة الإخوان التركية، فالحركة تعلمت سياسة الكر والفر والمناورة وسياسة المراحل ولديها خبراء أتراك وأمريكان الإستراتيجية التواصل.

سياسة التمكين الهادئ

وأضاف الحامي، وهي تستفحل يوم بعد يوم في مفاصل الدولة وتسعى لخلق جيل جديد اخواني بامتياز عبر فتحها لمئات المدارس القرأنية الإخوانية، وهو مشروع مترامي الأطراف وخطير على تونس، موضحًا أن سياسة التمكين التي تقوم بها حركة النهضة علنية، بدأت بإدخال عشرات الالاف من المتمتعين بالعفو التشريعي العام لسنة 2011 لمختلف الوزارات والمؤسسات العمومية ومحاولات متعددة لاختراق الأمن والجيش. وضع اليد على مؤسسات حساسة كالمعهد الوطني للإحصاء والمركز القومي للإعلام.

الإنتخابات البلدية..بعث من جديد

وبين الحامي، أن تصدر حركة النهضة للمشهد في الإنتخابات البلدية الأخيرة كان منتظر، لتشتت الأصوات و كثرة الأحزاب المتشابهة، ولكن هذا التصدر يبقى صوريا حيث فقدت هذه النهضة مليون صوت منذ انتخابات 2011،كما فقد نداء تونس نفس العدد تقريبا منذ انتخابات 2014

المشكلة في الأحزاب

بينما قال الهادي الزهواني، عضو حركة القوميين العرب في تونس، أن الوضع في تونس معقد نسبيا و النهضة وصلت للحكم الان، لأن القوى و الأحزاب السياسية كلها ضعيفة و حتى النهضة قادمة على انقسام إلى أكثر من حزب.

وأكد الزهواني في تصريحات خاصة لـ"بوابة المواطن"، أن الإسلام السياسي فشل في تونس و المشكلة في ضعف الأحزاب السياسية امام النهضة، بالإضافة العامل التركي والقطري والإماراتي.