ملفات 23 يوليو.. كيف تحالف الإخوان مع الغرب على مدار 66 عاما
لكل فعل رد فعل
من الطبيعي أن يكون للثورات رد فعل، فهناك تعقيب إيجابي مؤيد، وهناك من ينظر لها بالسلب، وإن عواقبها ستؤدي لنتائج وخيمة، وكل ينظر لها بحسب الفائدة منها أو الأزمة التي من الممكن أن تحدث له، أي أن كل واحد يفكر بحسب تأثير الثورة عليه وعلى مصالحه، وهنا سنحاول أن نتناول تقييم مدى فوائد الثورات، لكن بناء على المصالح الدولية.
ثورة 23 يوليو
يعرف الكثيرون حقيقة ثورة 23 يوليو، التي أشعل فتيلها الضباط الأحرار من أبناء القوات المسلحة، وتعد المباديء التي دعت لها هذه الثورة، معروفة أيضا لدى الجميع، حتى من بين أجيال لم تعاصر هذه الفترة من الأساس، ولهذه الثورة ردود أفعال إيجابية، خاصة بين مختلف أطياف وفئات الشعب المصري، لكن رد فعلها حيال القوى العظمى كان مختلف تماما.
موقف بريطانيا من ثورة
الضباط الأحرار
أتخذت بريطانيا موقفا عدائيا من ثورة 23 يوليو، وقررت الوقوف ضدها بشتى السبل،
وبذلت جهودا، لكي يبدو شباب القوات المسلحة، الذين يحملون اسم الضباط الأحرار، هم
مجموعة من الفاشلين العاجزين عن إتمام أي شيء، وعملوا على إثارة الشائعات بأن مصر،
وتحت قيادة هؤلاء الشباب سوف تنتهي لا محالة، أي أنهم عملوا جاهدين على إفشال هذه
الثورة المجيدة، لكن المهم هو معرفة سر ممارسة هذه التصرفات الشيطانية.
لصالح الإحتلال
يعد السر وراء وقوف بريطانيا ضد ثورة يوليو، هو حرصها على المحافظة على مصالحها
الاستعمارية، كونها تريد أن تظل مصر تحت وطأتها وقوتها الاستعمارية الغاشمة، وهو
ما كان يضمنه لها النظام الملكي، وكان الملك فاروق يساعدها ويدعمها في تنفيذ كل
أطماعها، وهذا ليس مجرد محاولة لإلقاء الإتهامات الواهية، فأكبر دليل على ذلك هو
موقفه من حرب 48، فقد ترك جنود جيش بلاده مصر، بواجهون الموت بسبب الأسلحة، ووقف
يراقب من بعيد، دون أن يكون له رد فعل
رادع، أو إتخاذ أي إجراء يشفي صدور المصريين للإنتقام لدماء شهداء مصر ممن لقيوا
مصرعهم على أرض فلسطين.
حرب شرسة
باتت بريطانيا على يقين من أن مصر ستصل إلى قمة الازدهار والتقدم، بعد أندلاع ثورة
يوليو، وبفضل زعيم حقيقي، كان يفكر فقط في شعبه قبل أي شيء، فبدأوا حربهم الشرسة،
وعلى سبيل المثال، وقفوا أمام القرض الذي طالبت به مصر من أجل بناء السد العالي،
وأجبرت البنك الدولي على عدم إعطاء القرض المطلوب، وما خفي كان أعظم.
العدوان الثلاثي
حرصت بريطانيا على توجيه ضرباتها وهجماتها ضد مصر، وشاركت في العدوان الثلاثي
ضدها، وذلك لإخضاعها، ولأنهم يظنون أن ذلك سوف يكسر شوكة مصر والرئيس جمال عبد
الناصر، هذا بخلاف فرنسا وإسرائيل لكن كانت
المفاجأة عندما واجهوا شعب يؤفض المذلة والمهانة، يقف أمام المحتل بشجاعة لا مثيل
لها، شعب تندلع في قلبه نار الحمية من مجرد الاستماع للأغاني الوطنية، ورئيس تمكن
من إمتلاك حب وتقدير الجميع على مستوى المنطقة في حقبة زمنية بسيطة.
موقف الإخوان
السؤال الذي لابد وأن يطرح نفسه الآن هو، أين هم الإخوان من كل هذا وكيف كان
موقفهم، فقد قرروا أن يقفوا في صفوف المتفرجين، تاركي بلادهم فريسة في يد أعداءهم،
والسبب ببساطة، هو كراهيتهم لجمال عبد الناصر، ولأنه رفض أن يترك لهم ساحة السياسة
المصرية، التي كانت ستدمر، في حال تركت لهم بسبب ما يعانوه من جهل سياسي كبير،
ولسبب أخر سنكشف عنه خلال السطور المقبلة.
بين الماضي والحاضر
عند النظر إلى ثورة 23 يوليو، ومعرفة كل التفاصيل التي حدثت حينها، تجعلنا ننظر
إلى ما تشهده مصر الآن وتحديدا بعد ثورة 30 يونيو، فيما يتعلق بموقف القوى العظمى
التي تمثل هذه الحقبة.
موقف واشنطن
أعربت الولايات المتحدة الأمريكية، عن إعتراضها الشديد لثورة 30 يونيو، وتحججت بأن
هذه الثورة هي قتل للديمقراطية والعدالة، ولكنها في حقيقة الأمر تناست أن الإخوان لم
يعملوا على تطبيق مباديء الثورة بأي حال من الأحوال، وما يعد غريبا، هو أن الإخوان
لم يقوموا بأي شيء للدفاع عن مصر ضد مؤامرات واشنطن والسر بسيط.
التاريخ يعيد نفسه
على مدار تاريخ مصر، وفي مختلف مناسباتها يثبت الإخوان، أن تفكيرهم الأول يصب في
مصلحتهم، وكيف يتمكنون من الوصول إلى السلطة وتحقيق الذات، أما حال الشعب نفسه، أو
سمعة وصورة بلادهم، وأوضاعها السياسية أو الإقتصادية، ليس له أي أهمية بالنسبة
لهم، وهم على استعداد للتخريب والدمار، طالما أن ذلك سيعود عليهم في النهاية
بالنفع.