بائعة المُثلجات .. امرأة رافقها الشقاء وواجهته بالرضا
السبت 25/أغسطس/2018 - 02:00 ص
إسلام مصطفى
طباعة
"اسعى يا عبد وأنا اسعى معاك" تلك المقولة التي رافقت البُسطاء مُنذ أن خلق الله الكون، تُثلج صدورهم وتحد من شدة الشقاء الذي يعاني منه هؤلاء البُسطاء الذين شاء لهم القدر أن يقوا في الحياة، فتجد بعضهم يحاول أن يخلق لنفسه مهنة "يأكل منها عيش" على حد وصفهم، رافعين شعار رضينا بما قسمه الله لنا، والحمد لله على كل حال.
بائعة المثلجات
على أحد الأرصفة تجدها جالسة وأمامها مجموعة من صناديق المياه الغازية الفارغة المُتراصة فوق بعضها، تصنع بها لنفسها ملكوتها الخاص الذي ترى فيه أنه بمثابة الدنيا وما فيها، رضاءً بالمقسوم، عيناها المملوءتان بالأسى والشقاء، تنظر إلى قطع الثلج الموضوعة على فرشتها البسيطة، تبعث لها برسائل، فحواها: أيتها الثلوج أما آن الأوان تلمسي قلبي وتطفئين نار الشقاء الذي ما زالت أعانيه مُنذ سنوات.
بائعة المثلجات
تجاعيد وجهها تكاد تُخبر كل من ينظر إليها قصتها، التي لا يعلم تفاصيلها إلا الله وهي، ولكن الحياة دائمًا لا تُعطي للأشخاص ما يريدون، فكل حلم تلك السيدة بائعة المُثلجات أن تلقى الراحة التي هي لكل إنسان خلقه الله، الراحة التي تصنع جزء منها عندما تمد يدها إلى المُثلجات التي تبيعها، إلى الزبائن لتُرطب على قلوبهم من حر الصيف، ولم تجد من يُرطب عليها حر شقائها.
بعباءتها البسيطة وربطة رأسها التي توحي كم هي حياتها بسيطة، تجدها جالسة مُبتسمة تراقب ما يمر عليها من مواقف في الشارع، الشارع الذي أصبحت جزءً منه، بل وأصبح هو جزء منها؛ لأنها تقضي فيه مُعظم يومها، الحقيقة أن وقوفها في الشارع أكسبها خبرات لم يستطع أي شخص عادي أن يكتسبها مهما فعل، هو الشارع من يصنع يخلق في قلوب الناس القدرة على التحدي.
بعباءتها البسيطة وربطة رأسها التي توحي كم هي حياتها بسيطة، تجدها جالسة مُبتسمة تراقب ما يمر عليها من مواقف في الشارع، الشارع الذي أصبحت جزءً منه، بل وأصبح هو جزء منها؛ لأنها تقضي فيه مُعظم يومها، الحقيقة أن وقوفها في الشارع أكسبها خبرات لم يستطع أي شخص عادي أن يكتسبها مهما فعل، هو الشارع من يصنع يخلق في قلوب الناس القدرة على التحدي.
بائعة المثلجات
وبما أن للأعين لغة، تجد أعينها تعكس الحوار الدار في عقلها، بشأن حالها الذي تعيشه، لتجد العقل يقول أما آن لكي تعيشين مثلما يعيش هؤلاء الناس الذين يمرون عليكِ يوميًا، إلا أن أجابتها تعكس ما يُردده لسان حالها، لتجدها تقول: صبرًا أيتها العجولة فالله أكيد يُخبأ لنا الخير، وأنا لا أبالي بالشقاء فقد اعتدت عليه.
"لقد خلقنا الإنسان في كبد" قالها الله في كتابه العزيز، لتأتي بائعة المُثلجات على أحد الأرصفة بأم الدنيا لتُجسد تلك الآية، بكل ما تحمله كلماتها من معنى، ولكن شعارها في الحياة هو الرضا.
"لقد خلقنا الإنسان في كبد" قالها الله في كتابه العزيز، لتأتي بائعة المُثلجات على أحد الأرصفة بأم الدنيا لتُجسد تلك الآية، بكل ما تحمله كلماتها من معنى، ولكن شعارها في الحياة هو الرضا.